السبت، 8 يونيو 2013

موضوعات حرب غزة "عامود السحاب"


الأنظار تتجه إلى مصر: هل يكفي سحب السفير؟



لأنها مصر ما بعد مبارك، ولأنها في عهدة حكم «الإخوان المسلمين»، حلفاء «حماس»، فإن الأنظار متجهة إليها لقياس ردّ الفعل، الذي جاء بسحب السفير من تل أبيب، والذي قد يكون غير كاف

عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 15 / 11 / 2012

http://www.al-akhbar.com/node/171603

مع انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اتجهت العيون إلى القاهرة، بانتظار ردّ الفعل المرتقب من القيادة الجديدة المصرية. ردّ فعل جاء بمستوى متوسط، قد لا يكون كافياً في ظل ما يحدث في القطاع، إذ أعلنت الرئاسة المصرية، رسمياً، سحب السفير المصري من إسرائيل، واستدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة للاحتجاج لديه. كذلك طلبت مصر من مندوبها في الأمم المتحدة تقديم طلب عاجل لاجتماع مجلس الأمن لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل.

واندلعت تظاهرات عديدة في القاهرة للتنديد بهذا القصف. وأطلق نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» دعوات أخرى للتظاهر في أماكن متفرقة في مصر. وجاء هذا القصف ليطرح أسئلة قديمة جديدة، لكنها تحمل نكهة مختلفة لعدد من الاعتبارات يفرضها الواقع الإقليمي على دول الجوار مع فلسطين، ولا سيّما مصر، التي تعدّ الشريان الرئيسي لقطاع غزة، عبر معبر رفح، فضلاً عن أنّ الإسلاميين باتوا هم المحرك الرئيسي في مصر.
وعلى الرغم من ردّ الفعل القوي للرئاسة الذي فاجأ كثيراً من المحللين، إلا أنّ موقف وزارة الخارجية جاء معتاداً، حيث قال وزير الخارجية محمد كامل عمرو إنّ «مصر تدين ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة من قتل لمدنيين واغتيالات»، معتبراً أنّ ما تقوم به إسرائيل «غير مقبول، وفي غاية الخطورة، وربما يهدّد المنطقة بإشعالها، ويأتي في مرحلة حرجة». أما حزب الحرية والعدالة، فاكتفى بإصدار البيانات الاحتجاجية المندّدة، إذ قال رئيس الحزب سعد الكتاتني إنّه يدين العدوان الغاشم على غزة، «حيث إنه دليل على أن إسرائيل لم تستوعب بعد أن مصر تغيّرت وأنّ الشعب المصري الذي ثار على الظلم لن يقبل بالاعتداء على غزة»، فيما أكد الحزب، في بيان، إدانته الكاملة «لعملية الاغتيال الإسرائيلية التي قامت قوات الاحتلال بها ضد القائد القسامي أحمد الجعبري، وهي الجريمة التي تحتاج إلى تحرّك عربي ودولي سريع لوقف هذه المجازر في حق الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، والتي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية كورقة ضغط في الصراع السياسي الدائر داخل الكيان الإسرائيلي». ورأى الحزب أنّ العودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة حركات المقاومة الفلسطينية تؤكد أنّ الاحتلال الإسرائيلي يريد جرّ المنطقة إلى عدم الاستقرار، مطالباً إياه بأن يعي التغيّر الذي شهدته المنطقة العربية، وخاصة أنّ مصر لن تسمح بوضع الشعب الفلسطيني تحت وطأة العدوان الإسرائيلي كما كان في الماضي.
وجاء ردّ فعل وزارة الخارجية مطابقاً لما ذهب إليه الباحث في الشؤون السياسية في وحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية محمد العربي، بأنّ ردّ الفعل الرسمي لن يكون مغايراً للنمط المعتاد، «فبنية الدولة والمؤسسات الحاكمة لأطر التعاملات الخارجية والداخلية ما زالت كما هي، ومن ثمّ لن تحدث تغيّرات جذرية في ما يتعلق بالسياسية الخارجية». وعلى الرغم من موقف مؤسسة الرئاسة التي يقف على رأسها الإخواني محمد مرسي، فرّق كثير من المحللين بينه وبين موقف جماعة الإخوان كقوة رئيسية كبرى. في ما يتعلق بالتعاون بين الإخوان على المستوى الشعبي وحركة «حماس» في قطاع غزة، استبعد الباحث محمد العربي أن يكون على نحو استثنائي، «فسيناء خارج سيطرة الدولة، ومن ثم التعامل معها لن يكون بهذه الأريحية، وبالتالي ستكون خارج المعادلة»، مشيراً إلى أنّ التعاون لن يخرج عن الإطار التقليدي من حيث أعمال الإغاثة الإنسانية والرعاية النفسية، والتصعيد الإعلامي على المستوى الداخلي لإرضاء قواعدها. وقال العربي إنّ «الإخوان لديهم توافق قد يرتقي إلى درجة التفاهمات والصفقات مع الجانب الأميركي الذي يعدّ الداعم الأساسي لإسرائيل».
من ناحيته، رأى الباحث في الشؤون النفسية، أحمد مصطفى، أنّ القصف على غزة، يعدّ من الاختبارات الكبيرة للتيار الإسلامي بصفة عامة والإخوان بصفة خاصة، «إلا أنه وفق السيكولوجية التي تتبعها جماعة الإخوان، فإنها سوف تعمد إلى التلاعب بالتصريحات لإرضاء الداخل والخارج كما حدث في قضية الفيلم المسيء للرسول محمد». ويشير مصطفى إلى أنّ نجاح الجماعة في التعامل مع الأزمة مرهون بالقدرة على حسن اختيارها للشخصيات التي سوف تدلي بالتصريحات، وخاصة تلك التي تورّط الرئيس مرسي وتجعله يدفع فواتير الجماعة.
إسماعيل الإسكندراني، الباحث المصري في علم الاجتماع السياسي، قال لـ«الأخبار»: «ليست هذه أول مرة يُفتضح فيها الإسلاميون بالتحوّل من المعارضة إلى السلطة، فما كان مهتوفاً به في زمن المعارضة تُقدم السلطة الآن التبريرات لعرقلته»، إلا أنّ الإسكندراني يرى أنّ «السخيف في الأمر أن التبريرات تقترب بشدة من التبريرات التي قدمتها سلطة مبارك أو فتح من قبل، وكان الإخوان المسلمون في مصر وحماس في فلسطين يرفضونها بشدة». وأضاف أنّ قصف غزة اختبار حقيقي لقدرة الإسلاميين في السلطة على التوازن بين التزام الصدق مع أنفسهم أولاً، ومع قواعدهم الانتخابية ثانياً.

اجتماع «عاجل» للجامعة العربية

تراوحت ردود الفعل تجاه العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ما بين التنديد والدعوات إلى ضبط النفس، لكن طبعاً أرادت واشنطن أن تتميز بموقفها الداعم للعدوان الاسرائيلي وحق الاحتلال في الدفاع عن النفس، فيما سارعت جامعة الدول العربية الى الدعوة لاجتماع عاجل لوزارء الخارجية العرب يوم السبت.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية إن واشنطن «تراقب من كثب» تطور الوضع في قطاع غزة، مؤكدة دعمها لحق تل أبيب في «الدفاع عن نفسها ضد الارهاب». وأضاف «نحن متضامنون مع شريكنا الاسرائيلي في حقه في الدفاع عن النفس ضد الارهاب». وذكر مكتب الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز أن الأخير أطلع الرئيس الاميركي باراك أوباما بشأن اغتيال القائد العسكري للمقاومة في غزة أحمد الجعبري.
من جهة ثانية، أعلن مسؤول في الجامعة العربية أن الأمين العام للجامعة نبيل العربي يُعدّ لاجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب لبحث الرد على الغارات الاسرائيلية على غزة، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على أن يكون السبت.
ومن الدوحة، قال وزير خارجية قطر حمد بن جاسم آل ثاني إن الهجوم الإسرائيلي على غزة ينبغي ألا يمر دون عقاب، فيما أصدرت دمشق بياناً لإدانة الجرائم الوحشية التي ترتكبها اسرائيل في قطاع غزة، داعية المجتمع الدولي الى الضغط على الدولة العبرية لوقف عدوانها. كذلك استنكرت تونس العدوان الإسرائيلي، ووصفته بالتصعيد الخطير الذي يضع كل المنطقة على شفا الانفجار.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست أن الهجمات الإسرائيلية «تكشف مرة أخری عن الطبيعة العدوانية لهذا الكيان». وأضاف أن صمت المحافل الدولية، خاصة منظمات حقوق الإنسان، يشجع الكيان الصهيوني (إسرائيل) علی مواصلة جرائمه الوحشية».
ومن الرياض، حيث يُجري زيارة، دعا وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى وقف العنف والهجمات (في غزة)، فيما دعت وزارة الخارجية البريطانية «كافة الأطراف الى التحلي بضبط النفس لتفادي تصعيد خطير» في القطاع. وفي نيويورك، دعا الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون اليوم إلى تهدئة فورية. وقال متحدث إن على الطرفين «فعل كل ما يلزم لتفادي المزيد من التصعيد، وعليهما احترام موجباتهما تحت القانون الإنساني الدولي لضمان حماية المدنيين في كافة الأوقات».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز )
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حرب غزة تربك «إخوان» مصر

بات واضحاً أن الحرب على قطاع غزة مثّلت مفاجأة لحركة «الإخوان المسلمين» في مصر، الساعية إلى ترسيخ حكمها في أرض الكنانة. والخطوات التي قامت بها تبدو أقل ممّا هو متوقع من «الحكم الإسلامي»
عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 17 / 11 / 2012
http://www.al-akhbar.com/node/171723
لم يكن الرئيس المصري محمد مرسي، الذي يواجه مشاكل متعددة في الداخل، يتوقع أن تقوم إسرائيل وحركة حماس بفرض أولّ تحدّ حقيقي له ولحكم جماعة الإخوان المسلمين، بوصفه الرئيس الإسلامي الأول لمصر. فالمشكلات الداخلية على ضخامتها تبقى بأيدي أطراف مصرية، وبالتالي معالمها محددة وموقف الجماعة منها مشابه لموقف كثير من القوى السياسية الأخرى، فضلاً عن أنّه لا مفاجآت فيها، لكن الوضع في غزة في أيدي أطراف أخرى، بعضها أقوى من «الجماعة». وما يحدث في غزة يجعل الرئيس المصري وجماعة الإخوان مضطرين إلى الانصراف للشأن الخارجي، الذي ظنوا أن ملفاته مؤجلة. ويعدّ الوضع في غزة تحدياً لمرسي وللجماعة لعدة اعتبارات، أوّلها هو مرجعية كل منهما، الإسلامية، التي جعلت الأضواء تسلّط عليهم بشدة انتظاراً لردّ فعلهم. الجميع حفظ الهتافات المؤيدة لمقاومة «حماس» التي هزّت الميادين، وطالبت بالذهاب إلى القدس «بالملايين»، ولطالما طالب نوابها في البرلمانات السابقة بتعديل اتفاقية كامب ديفيد وبفتح معبر رفح، حتى تستطيع المقاومة في غزة الصمود. وقد بات الظرف مؤاتياً لتنفيذ ما تضمنته هذه الهتافات، إلا أنّ موقف الإخوان ورئيسهم جاء مغايراً في أهم مطلبين، وهما التوجّه إلى القدس والجهاد في مواجهة إسرائيل، فضلاً عن التعديل الفوري لاتفاقية كامب ديفيد. وهي المطالب التي بات على مرسي والإخوان أن يقدموا خطوات بديلة عنها، توضح أن الجماعة كانت جادة في طروحاتها، وخصوصاً أنّ حزمة الخطوات التي قام بها مرسي لم تتمّ عبر ضغط إعلامي، لكن النظام السابق قام ببعضها مع اختلاف درجة التنفيذ. فسحب السفير قام به الرئيس المخلوع حسني مبارك مرتين قبل ذلك، وفتح المعابر، عبر الضغط الإعلامي، على فترات متقطعة واستدعي السفير للاحتجاج أكثر من مرة. ومن الخطوات البديلة التي أقدم عليها مرسي، ولا سيما بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما به، الاتصالات مكثفة مع قادة الدول العربية، لحشد دعم عربي يرفع عن رئيس مصر كاهل الاستحقاقات التي ينتظرها منه الشعب المصري، وبعض الحركات الإسلامية، بوصفه رئيساً إسلامياً لحركة إسلامية، فضلاً عن اللجوء إلى المنظمات الدولية. وهي خطوات بديلة تخفّف عنه عبء مطالبة حركة حماس بالتهدئة، وهي التي قُتل قائدها العسكري، والتي باتت تملك أسلحة ردع استطاعت أن تكبّد إسرائيل من خلالها خسائر فادحة مقارنة بأوقات سابقة. ويدعم هذه الفكرة، قرار سفر رئيس الوزراء المصري هشام قنديل لإعلان مساندة الفلسطينيين، وهي الزيارة التي قرّرت إسرائيل تعليق قصفها أثناءها، بما فتح باب التحليل كونها زيارة لطلب التهدئة من حماس، وعدم التصعيد. وفي السياق، صرّح المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، ياسر علي، أنّ الموقف المصري يسير وفق ثلاثة محاور، الأول دبلوماسي عبر الحشد العربي، والثاني هو اللجوء إلى المنظمات الدولية، والثالث هو التهدئة الأمنية، وهذا ما يدعم فكرة سعي مرسي من خلال هذا الموقف المربك إلى التهدئة. بدوره، نفى نزيه النجاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في حديثه مع «الأخبار» أن تكون بلاده قد طردت السفير الاسرائيلي من العاصمة المصرية القاهرة، قائلاً إن وزارة الخارجية استدعته لابلاغه احتجاج مصر على الهجوم على قطاع غزة، لكنها فوجئت به وقد غادر البلاد من تلقاء نفسه، مضيفاً إنه لا يمكن الحديث عن اي خطوات قد تقدم عليها الادارة المصرية حاليا في حال تصاعد العدوان الاسرائيلي على غزة ، «فلكل حادث حديث... كل ما استطيع قوله إن المسؤولين في مصر يتابعون عن كثب تطور الأوضاع هناك، وإن مصر في مساندتها للفلسطينيين في الصراع مع اسرائيل لا تكتفي فقط بوقف العدوان، بل بمحاولة اقرار حل للقضية أيضاً». أما شعبياً، فتصريحات الداعية صفوت حجازي، المقرب من الإخوان، بأنه لن يقول إنّه ذاهب إلى القدس كما كان يقول سابقاً، لأنّ الدولة في حاجة إلى بناء، وأن دولة الإسلام الأولى لم تبن في ثلاثة أيام، يعزّز فكرة أنّ أيّ تصعيد في الشأن الخارجي من شأنه أن يزيد من السخط على الأوضاع الداخلية، لانشغال رأس الدولة والسلطة التنفيذية بالشأن الخارجي، ويدفع أميركا إلى الضغط على الجانب المصري في ظل أزمتها الداخلية، بما يربك حسابات الإخوان ومرسي، اللذين يسعيان إلى بثّ الاستقرار في الداخل، وتثبيت أقدامهم على نحو ناجح في أول تجربة حكم لهم. يضاف إلى ذلك، أنه إذا رفع الاخوان سقفهم فقد ينبئ هذا بجعل الاعتداء على غزة بمثابة حرب قد تمتد فترة طويلة، في وقت تقف فيه المنطقة على صفيح ساخن بسبب التوتر بين تركيا وسوريا، الذي قد يؤدي إلى حرب موسعة بين أطراف دولية كبيرة. وهي حرب قد تصل شظاياها إلى السعودية ومصر وإيران، كما أنّ مطالبة الولايات المتحدة مصر بالتدخل للتهدئة، واحتمال عدم اقتناع حماس بالهدوء والعودة إلى الهدنة، واحتمال اشتعال الموقف على عدة جبهات، وتزايد المطالب على الرئيس الإسلامي، والانصراف عن رعاية الاقتصاد والشأن الداخلي بما يزيد من سخط الجماهير، عوامل أساسية مثّلت إرباكاً لمرسي وللإخوان بسبب ما يحدث في غزة.


ليست هناك تعليقات: