الأحد، 9 أكتوبر 2011

حوار د.عمار حول الحركات الإسلامية


الباحث د. عمار علي حسن في حوار شامل مع "مركز الدين والسياسة" حول الحركات الإسلامية في مصر:


■ تنويه هام: أجري الحوار مع الدكتور عمار في القاهرة قبل أكثر من شهر من تاريخ النشر.

رابط الحوار على موقع المركز : http://www.rpcst.com/news.php?action=show&id=4075


- المرحلة القادمة ستتساقط العديد فيها من الأفكار التي كان الإسلاميين يعتقدون أنها مكتملة ولا تجرح ، ولا أعتقد أن تماسك القوى الإسلامية الآني من الممكن أن يستمر طويلا.

- الأزهر يحتاج إلي ثورة إدارية وثورة معرفية داخلية تمكن علماء الدين النابهين والوسطيين من أن يعتلوا منافذ القرار.

- عبد المنعم أبو الفتوح أقرب المرشحين الإسلاميين للناس وللمنطق.

- الإخوان بعيدين عن التجربة التركية ، و
برامج الأحزاب لدى الإخوان والسلفية بها تجاوب مع الطرح العلماني.

- إذا هُذبت الصوفية ونظمت بطريقة أكثر،فستكو
ن قادرة على قيادة المشروع الروحي والاجتماعي للإسلام.

حوار : عبد الرحمن يوسف - خاص لـ"مركز الدين والسياسة للدراسات" ، نشر بتاريخ 8 / 10 / 2011

أكد الدكتور عمار علي حسن الباحث المصري المتخصص في الحركات الإسلامية وعلم الاجتماع السياسي ، في حواره مع مركز الدين والسياسة أن أفكار الحركات الإسلامية في طريقها للدخول إلي مرحلة تأسيس ثالثة ستتجاوز فيها أفكارها الوثوقية ، مؤكدا أن المشروع السياسي الإسلامي محكوم عليه بالفشل بينما المشروع الاجتماعي له كل المستقبل ،

مشددا في الوقت نفسه على أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح هو أقرب المرشحين الإسلاميين للمنطق من حيث الترشح ،متنبأ باقترابنا من مرحلة ما بعد الإسلاموية.

في هذا الحوار الشامل يلقي حسن الضوء على العديد من القضايا التي تمس الشأن الإسلامي الحركي والعام سواء ما يتعلق بتنظيم القاعدة أو الأزهر الشريف أو الطرق الصوفية وغيرها فإلي نص الحوار.


الحركة الإسلامية

• هل الحركة الإسلامية في طريقها لدخول مرحلة تأسيس جديدة ؟

نعم بلا شك ، فلأول مرة في تاريخ الإخوان نراهم يؤسسون حزبا سياسيا والجماعة الإسلامية التي كانت تقول في السبعينات أنه ليس هناك سوا حزبين حزب الله وحزب الشيطان وتحرم العمل الحزبي والبرلماني أسست الآن حزبا هو البناء والتنمية ،

حتى التيار السلفي الذي لم يدخل في أي لحظة من لحظاته معترك الحياة السياسية سارع إلي تكوين حزبين النور والفضيلة ومن ثم أعتقد أن هذا هو التأسيس الثالث للتيار الإسلامي وأعتقد أن هذه المحطة قبل الأخيرة في التطور الاجتماعي والسياسي والفكري للحركة الإسلامية.

• ما أسباب ذلك ؟

هذا الانخراط القوي في السياسة التي تقوم على المصالح والمساومات والحلول الوسط وتجعل من يمارسها يتسم إلي حد كبير جدا بالبرجماتية والبحث عن المواءمات والملائمات ومثل هذا بلا شك سيجهز على التفكير المنغلق الدوجمائي الأحادي الذي عاب الحركة الإسلامية فترة طويلة في حياتها.

وعلى هذا الأساس أتصور أن هذه المرحلة سيحدث فيها تساقط العديد من الأفكار والأشياء الوثوقية التي كان الإسلاميين يعتقدون أنها مكتملة ولا تجرح.

• متى تكون المرحلة الأخيرة ؟

حين تصبح لدينا أحزاب أو تتحول الحركة الإسلامية إلي حركة سياسية مدنية لا فرق بينها وبين الأحزاب الموجودة تتعامل مع الأجزاء الصغيرة في الواقع وتحاول أن تفكك هذه الأشياء وتبحث عن حلول للمشاكل الصغيرة ومثل هذا بلا شك سيصدع ويفكك الرواية الكبرى لهذه الحركات.

• وماذا لو سمحت الظروف بحكم للحركة الإسلامية ؟

إذا الظروف سمحت بحكم للحركة الإسلامية قبل أن تنضج وترشد أفكارها وتمتلك مشروعا متكاملا للنهضة والتنمية والحرية أعتقد أن هذا من الممكن أن يعيد هذه الحركات إلي نقطة الصفر.

فعلى سبيل المثال لا أعتقد أن دولة مثل إيران إذا تطور الزمن وتقدم واستطاعت أن تتخلص حكم الملالي ، لا أعتقد أن تعود إلي هذه النقطة في أي فترة في تاريخها ولا أتصور أن السودان أو باكستان من الممكن أيضا أن يعود إلي هذه النقطة ، فالشعوب جربت وبالتالي مسارعة الإسلاميين إلي الحكم قبل نضوج الفكرة واكتمالها وامتلاك المشروع أعتقد أنه سيكون قفزة في الفراغ.

فمن وجهة نظري كنت أفضل ألا تسارع التيارات الإسلامية على اقتناص السلطة بينما الأوضاع الأخلاقية متردية وهناك انهيار للقيم.

كان الأولى بهم يعملوا على هذا المجال الذي يشكل قوى ناعمة للدولة وهذه ممارسة للسياسة ، فالسياسة لا تقتصر فقط على أحزاب تريد أن تصل للسلطة.

لو عملت على دعوة الناس إلي مكارم الأخلاق والامتلاء الروحي وخشية الله ، ولو عملت على حل المشاكل الأسرية من منطلق الدين وعلمت الناس كيف يربوا أولادهم على الفضائل فهذه ممارسة للسياسة.

• لكن هم لهم منطق هو أنه لو وصل إلي السلطة شخص غير أخلاقي سيفرض عليهم بالقوة الفوقية – مثل سوزان مبارك – أمور وأوضاع تفرغ المحتوى الأخلاقي للمجتمع من مضمونه ؟

غير حقيقي سوزان مبارك فشلت فشل ذريع لأن المجتمع كله تصدى لها ، وليس الجماعات الإسلامية على الإطلاق.

فكرة التغيير من أعلى قائمة على وهم اسمه أنه قيم على الدين أو أنه هو الوحيد الذي يدافع عن الدين وهذا غير حقيقي المجتمع كله متدين ،حتى مؤسسات المجتمع مثل الأزهر والكنيسة تصدت لمشروعات سوزان مبارك.

• أي الحركات الإسلامية هي من ستقود بقية الحركات الأخرى في الفترة المقبلة ؟

أتصور أن الحركة الإسلامية ستدخل في صراع ، فربما الآن هناك مصالح تجمعهم لكن الانخراط في العمل السياسي سيؤدي إلي تنافس قد ينزلق إلي صراع ويصل إلي حد التجريح وما كان يقال في الغرف المغلقة من انتقادات متبادلة بين مختلف فصائل الحركة الإسلامية سيقال في العلن وعلى الهواء ومن ثم أتصور أن هذا الصراع قد يؤدي إلي مزيد من التفكك والتشرذم وقد ينزع عن الحركة الإسلامية الهالة شبه المقدسة التي أضفتها على نفسها طيلة العقود الماضية.

• أنت ترى أن الحركات الإسلامية تتجه نحو الانفتاح وليس التقوقع فهل هذا يعني أن مستقبل العنف في مصر لن يعود أم هناك قبلية للعودة إليه ؟

هذا متوقف على الطريقة التي ستتعامل بها السلطة مع الجماعات الإسلامية الفترة القادمة ، فإذا ترك لهذه الجماعات أن تتحرك بحرية في الشارع وتكون أحزابها وتدخل الانتخابات وتعمل تحت مظلة الشرعية السياسية والمشروعية القانونية فلا أتصور أن هذه الحركات يمكن أن تعود إلي العنف مرة ثانية ،

أما إذا كُبتت وقطع عليها الطريق على غرار ما جرى في الجزائر فيمكن أن يعود بعضها إلي حمل السلاح وأعتقد أن هذا هو التحد الحقيقي أمام الحركة الإسلامية ،فكيف يمكن حتى لو كبتت وقطع عليها الطريق أن تلجأ إلي النضال السلمي وليس إلي أعمال العنف.

وربما لأن ثورة 25 يناير علمت الجميع أن النضال السلمي أجدى نفعا وربما لأن بعض فصائل هذه الحركات لاسيما الإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد قد جربوا حمل السلاح وفشلوا فشلا ذريعا.

التنظيم الموجود والذي لم يجرب حمل السلاح وبالتالي لا يعرف المسألة وقد يكون الأكثر مسارعة للانزلاق إلي العنف في حالة كبت الحركة الإسلامية أو الضغط عليها هو التيار السلفي لأنه لم يجرب،

بمعنى أنك لو أقصيت الجماعة الإسلامية الآن عن المشهد لن تعود إلي حمل السلاح لأنها جربت وفشلت وتعلمت من التجربة ،والإخوان أيضا طلقوا العنف المادي طلاقا بائنا وتعلموا من التجربة.

لكن التيار السلفي حديث عهد بالسياسة ومن ثم قد يعتقد أن إقصائه أو إبعاده أو تحجيمه هي معادة للإسلام ذاته ولديه ميراث فقهي يؤمن به من شأنه أن يدفعه إلي حمل السلاح ، لكن هذا الخيار خيار صعب وأعتقد أن نتائجه ستكون كارثية.

• هل يمكن إيجاد نقاط مشتركة بين التيارات الإسلامية والليبرالية أم أن العلاقة بينهما ستتجه للفصل لا الوصل ؟

هناك نقاط كثيرة مشتركة ولكن هناك تجاهل لهذه النقاط وهذا التجاهل يصيب في إطار الدعاية السياسية المتبادلة لكن على مستوى اعتقاد كل طرف بأن هناك قواسم مشتركة مع الطرف الآخر أتصور أن هذا الاعتقاد يترسخ بمرور الأيام.

• إذن ما هو المشترك بين التيارات الإسلامية و الليبرالية ؟

أبسط مثال أنه عندما يؤسس الإخوان حزبا اسمه الحرية والعدالة ، فكرة الحرية والإيمان بها ربما تكون جسرا للالتقاء بالتيار الليبرالي ، أيضا فكرة المدخل الحقوقي في معالجة القضايا ربما تمثل وجه استفادة للحركة الإسلامية نتيجة أن وقع عليها ظلم كبير طيلة العقود الماضي ،ويمكن أن تجد مع الليبراليين طريقا مشتركا في النضال من أجل تقليص التشريعات والقوانين المقيدة للحريات العامة ،ولكن هذا متوقف على وجود مصالح سياسية مشتركة بينهما من عدمه .

• هل الليبراليين مستعدين لهذا التقارب ، بمعنى أن الإسلاميين يستفيدوا من الجزء المتعلق بالحريات في مقابل أن يقبل الليبراليين بوجود قوانين لا تخالف الشريعة ؟

- قام حوار قومي إسلامي منذ أوائل التسعينات ووصل الجميع إلي نقاط مشتركة وهو بمعنى أدق حوار يساري – إسلامي بمعنى وتحدث البعض عن اليسار الإسلامي وأسس له أشخاص مثل حسن حنفي ،وهناك على الوجه الآخر من يتحدث عن الإسلام الليبرالي أو المسار السياسي الإسلامي الليبرالي وأعتقد أن تتيم كثير من أفراد الحركات الإسلامية بتجربة حزب العدالة والتنمية التركي هو دفع في اتجاه التعانق بين الفكر السياسي الإسلامي والفكر الليبرالي.

ولا أريد أن أقول بين الإسلام والليبرالية لأن المذهب الفلسفي لا يقارن بدين ، فنقول للدقة بين الفكر السياسي الإسلامي والفكر السياسي الليبرالي.

• من الذي يمكن أن يؤثر أكثر في الآخر التيارات الدينية أم المدنية أو بمعنى أدق الحركات الإسلامية أم الحركات الليبرالية واليسارية ؟

تجربتي مع الحركة الإسلامية أن هذه الحركات هي التي تأتي على الأرضية المدنية وليس العكس ، بمعنى : قارن بين ميثاق العمل الإسلامي للجماعة الإسلامية عام 81 وبين الذي جاء في المراجعات أو تصوراتهم حول برنامج حزبهم الحالي وقارن بين آراء السلفيين القديم قبل أن يشكلوا أحزاب وآراء الإخوان في السبعينيات والآن فمن الذي يأتي على أرضية من!؟.

هم الذين يأتون على الأرضية المدنية وليس العكس لأنها حقيقة وواقعية وراسخة وطبيعية لأن المجتمع تقدم ، أصبح مجتمع حديث لا يمكن أن تحكمه بآراء قديمة فطور أدواته مجبرا.

فمثلا لو طرحت الآن على الناس أن نختار الحاكم القادم بطريقة سقيفة بني ساعده هل تتصور أحد في مصر يقبل هذا!؟ رغم أن سقيفة بني ساعده وقتها كانت ثورة كاملة ، لكن عندما تقول صندوق وأدوات وديمقراطية وبرلمان فكلها أدوات مدنية من الذي يطوع أفكاره ومن الذي يتقدم على أرضية من هم الذين يأتون على الأرضية المدنية لكنهم يكابروا وأنا أراهن على أنه بعد 30 سنة إن شاء الله ستنتهي أفكار الحركات الإسلامية.

• والقاطرة من سيقودها الشباب أم ستأتي طبيعية ؟

لأن الشباب أكثر انفتاحا على موارد أخرى وأكثر انفتاحا نحو الانخراط السياسي فمن الممكن أن يكونوا هذه القاطرة ، لكن أصل المسألة ليست شباب وشيوخ لكنها تجربة متكاملة ستتفاعل مع حياة مغايرة ويمكن أن تتقوض من أطرافها أو قلبها ، المهم أن فكرة الوثوقية والصلابة التي كانوا يعتقدون فيها وهم داخل المساجد أو داخل غرف الدراسة هذه الفكرة ستنهار – كل شيء صلب سيذوب بمجرد أن يتفاعل مع المجتمع العام.

• هل إذا اقتربنا إلي ما بعد الإسلاموية ؟

رأيي أن المشروع السياسي الإسلامي مشروع فاشل ولا مستقبل له ، لكن في الوقت ذاته أرى أن الإسلام كدين له كل المستقبل في العالم كله.

فالمشروع الأخلاقي الروحي التعبدي العقدي للإسلام مشروع قوي وراسخ والمستقبل له ، أما المشروع السياسي بلا مستقبل لأنه لم يطور من داخله أدوات حديثه للبناء والحضارة إنما يلفق بين تصورات لا معنى لها ولا يمكن أن تتشكل في إجراءات محددة وبين إجراءات بين إجراءات يستعيرها من الآخرين أو من الغرب.

المشروع الاجتماعي الإسلامي له كل المستقبل بعكس المشروع الغربي فاشل وساقط لكن المشروع الاجتماعي الإسلامي متماسك.

• هل يعني ذلك أن نأخذ المشروع السياسي الغربي والمشروع الاجتماعي الإسلامي ؟

المشروع السياسي الغربي أخذناه بالفعل لأنه أرقى والإٍسلام يقول الحكمة ضالة المسلم أينما وجدها فهو أحق الناس بها و الغرب تقدم عنك عن طريق أخذ ما عندك والبناء عليه ،

لكن فيما يتعلق بالمشروع الاجتماعي فهو لديه تصدعات وتشققات عديدة ، فلن نستعير النموذج الاجتماعي الخاص بهم والذي أحدث مشاكل رهيبة لديهم.

أما المشروع الاجتماعي الإسلامي مشاكله أقل بكثير ومن ثم علينا أن نقدم للعالم هذا المشروع ونقدم أيضا للعالم مشروعنا الروحي والتعبدي بمنطقيته.

• كيف ترى علاقة الإسلاميين بالأقباط الفترة القادمة هل ستزول الهواجس والشكوك الموجودة بينهما أم ستزيد ؟

هذا متوقف على عامل أساسي هو حجم التطمينات التي ستقدمها الحركات الإسلامية للأقباط ، وحجم التطمينات ليس على المستوى الشفاهي ولكن على المستوى التطبيقي العملي أيضا ،مثل الإجراءات والقوانين والمسائل الخاصة ببناء الكنائس وإدماج الأقباط أكثر في الحياة العامة والوظائف العامة ، فإذا استطاع الإخوان المسلمين أن يقدموا للأقباط شروط أفضل فليست هناك مشكلة.

• لكن ألا يؤدي ذلك إلي أن يتمادى الأقباط ا في المطالب بحيث تتجاوز حقيقة المجتمع وتصبح مطالب طائفية وتتحول إلي ما يُشعر منه بلوغ الابتزاز بما يؤدي إلي نمو فكرة الشك المتبادل ؟

- في النهاية هذه أمور ترتبها القوانين والتشريعات الموجودة ويحميها الدستور، والأقلية في أي بلد في العالم تتدلل على الأغلبية وواجب الأغلبية أن تقبل هذا التدلل ولكن يجب ألا يصل الأمر إلي حد الابتزاز أو محاولة الانتصار طيلة الوقت لطالب طائفية وهذا غير مطلوب .

- والأقباط بعد فترة سيشعروا بحرج شديد عند الحديث عن مطالب طائفية ، فعند إقامة دولة ديمقراطية عادلة ودولة قانون وتتمتع بمدنية الحكم ، فالأقباط أنفسهم لديهم مشاكل مع مدنية الحكم ،وسيضعون في حرج بالغ ليس فقط حيال المسلمين ولكن حيال القوى السياسية المدينة وحيال التيار المدني داخل الأقباط أنفسهم.

الأزهر الشريف

• كيف قرأت وثيقة الأزهر الأخيرة حول الدولة والمرجعية ؟

أعتقد أن هذه الوثيقة هامة جدا بشرط أن تكون بداية وليست نهاية ، بمعنى أن تؤسس لدور جديد للأزهر في الحياة السياسية والاجتماعية و تطبيق ذلك يحتاج بالأساس إلي أن يمتلك الأزهر مصداقية وهذه المصداقية مرهونة بالاستقلالية لأن فكرة تأميم أو ضمه للسلطة بقانون خاص أثر على سمعته ومصداقيته.

وأعتقد أن هذه الوثيقة على أهميتها أقرب إلي حملة العلاقات العامة منها إلي الأمر الجدي لأن الجدية كانت تفرض على الأزهر أن يطلب أولا قانونا جديدا له يضمن له الاستقلالية المالية والمالية.

• لكن هناك بعض المثقفين يهاجم هذا الأمر بدعوى أن الأزهر مؤسسة دينية فقط وليس له علاقة بإصدار وثائق تتحدث عن شكل الدولة ؟

هذا رأي مفهوم لكن شئنا أم أبينا هناك طلب على دور الأزهر الفترة الحالية مع تصاعد نفوذ التيار الديني المنغلق والمتزمت ، فهناك نداء أو طلب من الأزهر في أن يكون حاضرا ليس فقط في المسائل الدينية ولكن أيضا المسائل الاجتماعية والسياسية ،وأتصور أن المجتمع المصري في الوقت الراهن في حاجة ماسة إلي أن يلعب الأزهر دورا كبيرا في إعادة تشكيل الحياة العامة.

وهناك فرق بين أن يكون للأزهر حق التعقيب أو حق الرغبة في إضفاء طابع أخلاقي على الممارسات السياسة وبين أن يكون الأزهر حاكما أو شريكا في الحكم أو مباركا للسلطة.

ولا أجد غضاضة على الإطلاق في أن يعقب الأزهر على المواقف السياسية بشرط أن يكون مستقلا ماليا وإداريا عن السلطة التنفيذية.

• لكن ألا يفتح ذلك الباب للحد من حرية الرأي والفكر باسم الدين ويعتبر مشابه للهيئة التي كان الإخوان يضعونها في برنامج حزبهم السابق ورأيها استشاري ؟

ليس هذا ما أقصده فالرأي هنا ليس استشاريا ولا ملزما إنما هو موقف أخلاقي فقط ولا يتمتع بأي إلزام.

• هناك من لام الأزهر على حواره مع الحركات الإسلامية معتبرين ذلك بمثابة إعطاء شرعية لهم حين استقبل الأزهر قادة هذه الحركات ؟

إذا كان الأزهر في حواره مع الإسلاميين هو الذي يقود ولم يكن الحوار تحالفا أو إعلانا مسبقا من الأزهر على قبول أفكار هذه الحركات إنما هو مجرد فتح باب حوار فلا غضاضة في ذلك ،لكن المشكلة أن تكون هذه الحركات هي التي تحاور الأزهر أو تضع أجندة الحوار وقضاياه وشروطه أو تحاول أن تستغل الأزهر كمؤسسة دينية كبرى في الترويج لمشروعها السياسي.

وأعتقد أن بعض هذه الحركات قد تراهن على ذلك وهو أن هذا الأزهر قد يؤول إليهم إذا آلت إليهم السلطة ، وبالتالي لا أعتقد أن الحركة الإسلامية المسيسة حاليا جادة في منح الأزهر استقلاليته لأنها تريده تابعا لا متبوعا فهي تريد إن وصلت للسلطة أن تستخدم الأزهر كما كان يستخدمه النظام السابق لأن هذه الحركات تريد أن ترث كل ما تركه النظام من ميراث استبدادي وتديره لصالحها.

وبالمناسبة أنا قلت في كتابي الفريضة الواجبة الذي صدر عام 2004 أن الإخوان يريدون أن يرثوا نظام مبارك كما هو ليديروا ميراثه وهذا ما يحدث الآن ، فهو يتحالف مع جميع الأحزاب القديمة ويعطيها قبلة الحياة من أجل أن يسخرها فيما بعد لصالحه.

• هل الأزهر قادر الفترات القادمة في أن يملئ الفراغ الذي تركه الفترة الماضية في ظل تنامي دور الحركات الإسلامية ؟

الأزهر يحتاج إلي ثورة إدارية وثورة معرفية داخلية تمكن علماء الدين النابهين والوسطيين من أن يعتلوا منافذ القرار في الأزهر ولكن المشكلة أن الأزهر في السنوات الأخيرة ومع تراجع مصداقيته واستقلاليته ظهرت فيه أيضا اتجاهات فكرية وفقهية وسياسية ، لا شك أنها ستشكل عبء عليه في الفترة المقبلة ، لأن بعضها متزمت أو مندمج في مشروعات سياسية معينة كانت تخاصم الأزهر أو تنتقده وتعتبره جزاء من السلطة السابقة.

• وهل تعتقد أن الأزهر سينتبه لهذه النقطة ؟

لا أعتقد أن الأزهر منتبه لهذه النقطة فالأزهر بشيخه ومن حوله أقل مكرا من أن يفهموا ما يدور في أذهان هذه الحركات حيال الأزهر واستخدامهم هذا الأسلوب.

تنظيم القاعدة

• ما مستقبل القاعدة بعد صعود الظواهري إلي رأس التنظيم ؟

القاعدة لا مستقبل لها لعدة أسباب : أولا أسلوب الظواهري تم تجريبه الفترة الماضية وهو الذي كان يدير بالفعل الفترة الماضية وكان بن لادن أقرب إلي القائد الرمزي للتنظيم والثورات العربية أثبتت أن النضال السلمي أجدى وأنفع من حمل السلاح في تحقيق الأهداف السياسية الكبرى ومن ثم أعتقد أن القاعدة بلا مستقبل.

ثانيا: أن الحركات الإسلامية التي كانت القاعدة تعول عليها في تجنيد عناصر جدد لصالحها أصبحت الآن في كل بلد عربي تقوم به ثورة تندمج تحت غطاء الشرعية السياسية والقانونية ومن ثم لا أعتقد أن القاعدة ستجد في المستقبل فرص لتجنيد عناصر جدد، أي أن ما يجري الآن هو تجفيف منابع القاعدة بواسطة الثورات.

• هل من الممكن أن تدخل القاعدة في مراجعات مثل الجماعات الإٍسلامية أم سيتم التجفيف بلا مراجعات ؟

لا فهذا تنظيم شبه عسكري أو ميلشيا سينتهي بقتل رموزه أو القبض عليهم وإدخالهم السجن و بالتالي المسألة لا تحتاج إلي مراجعات فالتنظيم ليس له بناء فكري حتى يراجعه.

مرشحي الرئاسة الإسلاميين.

• ما قراءتك لكل من المرشحين الإسلاميين الأربعة للرئاسة ومن الأكثر ملائمة فيهم لهذه المرحلة ؟

عبد المنعم أبو الفتوح طرح اسمه كطموح شخصي له ورغم أن الجماعة قد أعلنت أنها لن ترشح أحد ، وهو أقرب المرشحين للناس وللمنطق ، لأنه أقرب إلي القوى الليبرالية والإسلامية معا فالرجل يتمتع بمصداقية شديدة وأيضا زاد الأمر بعد فصله من جماعة الإخوان المسلمين فأصبح ليس هناك هاجس مع بعض من يتعامل معه لأنه لم يعد عضوا في الجماعة.

الدكتور العوا ترشيحه غامض وأظن أنه رجل مستتر سواء للمجلس العسكري أو للإخوان المسلمين ولا أظن أن لديه قدرة على إدارة دولة بها مشاكل مثل مصر ،فضلا عن العوا كان يعترف أحيانا أنه غير قادر على إدارة مكتبه الذي يحتوي على 12 موظف فكيف يمكن أن يتصدى لإدارة بلد ،

أضف إلي أنه كان يكتب فقط ولكن لم يضبط متلبسا بالمشاركة في أي حركة سياسية في الشارع ضد مبارك ولم نجده أبدا في اجتماع سواء لحركة اجتماعية أو حزب سياسي أو مؤتمر عام ضد السلطة في الفترة السابقة ، وبالتالي هو علاقته بالسياسة غير مباشرة.

أما مجدي حسين فهو رجل موجود في الحياة السياسية منذ زمن وكان يرشح نفسه في الانتخابات وتعرض ظلم كثير ، لذا فهو يجد في الترشح والحديث عن انتخابات الرئاسة أنها فرصة لتواجد إعلامي وفرصة لطرح اسمه في الحياة السياسية من جديد.

وحازم أبو إسماعيل هو رجل مرفوع من تيار آخر لا يعتقد أن الإخوان أو العوا يعبرون عنه وأن مصر تحتاج رجل بمواصفات أبو إسماعيل لتطبيق الشريعة.

وهذا التعدد لا شك أنه سيفتت الأصوات للمرشحين الأربعة لان جمهورهم متشابه ولكن عبد المنعم أبو الفتوح هو أكثره ملائمة للمرحلة الحالية من حيث الترشح.


الإخوان المسلمون

• هل الإخوان قادرين على تقديم نموذج مثل النموذج التركي ؟

لا هم بعيدين عن ذلك لأن التجربة مختلفة فتركيا النموذج الإسلامي الموجود بها كان في تحد كبير فجاءت الاستجابة خلاقة ومبدعة ونظام أتاتورك العلماني هو الذي وضع أسس الدولة وبالتالي تكيف الإسلاميون مع هذه الأسس وليس العكس، أما الإخوان في مصر يحاولون وضع الأسس التي تخدمهم الفترة المقبلة.

وأتصور أن هذا قد يضعهم – لاسيما مع الضغط الكبير الذي يمارس ضدهم من القوى المدنية التي أجبرتهم على أن يعدلوا في برنامج حزبهم ليخرج بهذا الشكل الذي أعتبره هو أرقى وثيقة سياسية قدمها الإخوان في تاريخهم – أعتقد أنه قد يضعهم على طريق الحرية والعدالة لكن الأمر يحتاج إلي ثورة داخلية ،

هذه الثورة يمكن أن تحدث بشرط واحد إذا وصل الإخوان إلي الحكم أو اقتربوا منه وأصبحوا مؤثرين وفاعلين في مؤسسات الدولة المصرية ثم انكشف أمرهم للمجتمع المصري وخاصمهم في انتخابات لاحقة وتم إعادتهم مرة أخرى إلي الهامش البارد أو إلي الشارع الخلفي.

أتصور وقتها أنهم قد يجلسون مع بعض ويدركوا أن بناء تصور سياسي خلاق على غرار العدالة والتنمية هو الوسيلة الوحيدة لإعادة تسويقهم مرة أخرى للمجتمع المصري.

• هل ترى أنهم يقتربوا من تجربة المغرب أم الأردن ؟

هم الآن أقرب إلي الأردن فتجربة المغرب أكثر تقدما لأن حزب العدل والإحسان نابع من تجربة صوفية وليس تجربة سلفية.

• هل الجماعة مقدمة على فصل بين الدعوي والسياسي ؟

بالعكس الجماعة مقبلة على مزيد من دمج الدعوي والسياسي بدليل إصرارهم أن تبقى الجماعة موجودة دون ترخيص قانوني وأن الحزب يخرج من رحم الجماعة ويعبر عنها لدرجة أن المجتمع المصري بذكائه المعهود في وصف الأشياء كما هي لا يقول حزب الحرية والعدالة بل يقول حزب الإخوان.

• كيف تقرأ خطوة تأسيس شباب الجماعة لحزب سياسي وهل هذا سينجح أم أن هذا بريق اللحظة وسيطفو؟

أعتقد أن الجماعة إذا فصلت هؤلاء الشباب وخاصمتهم لن يكون أمامهم إلا خيار المسلمين أثناء فتح الأندلس "العدو أمامكم والبحر خلفكم " فلابد من مواصلة القتال ومن ثم إذا فُصل هؤلاء بهذا الحجم الضخم الذي يتمرد على الجماعة الآن فأعتقد أنهم لن يجدوا بدا من التماسك ومواصلة الطريق وقد يتحولوا إلي نقطة جاذبة لغيرهم من شباب الإخوان في المستقبل ،

وقد يصبحوا هم وحزب النهضة أيضا جزء من تعويق قدرة الإخوان على تجنيد وضم عناصر جديدة في الفترة المقبلة لان وقتها سيوجد تنوع للمتدين الذي يرغب في ممارسة السياسة على أساس إسلامي.

فسابقا لم يكن هناك سوا الإخوان أما الآن فيمكن أن أنضم إلي حزب الوسط أو النهضة أو حزب التيار المصري الخاص بشباب الإخوان.

السلفية وحزب النور السلفي

• كيف ترى دخول السلفية إلي العمل السياسي عبر حزب النور ؟

هي خطوة أرحب بها وأظن أنهم من خلالها سيدركون الحياة كما هي وليس كما في أذهانهم.
وسيكتشفون أن مسألة الحكم أوسع بكثير مما في أذهانهم ، فهناك فرق بين أن تتحدث في المساجد لجمهور جاء إليك خصيصا ويؤمن على ما تقول وبين أن تمارس السياسة أمام جمهور عام، فحين تنزل إلي الشارع لممارسة السياسة لن يسألك الجمهور هل العصر 4 ركعات أم 3 ركعات ،

ولكن سيسألك لدينا مشكلة صرف صحي وتعليم وفساد بيروقراطي فكيف ستتصرف معه ، وتريد أن تستصلح الصحراء وهنا ستجد نفسك أمام إجراءات حدثيه مدنية يجب أن تبدع فيها وتتحدث فيها ، فبناء المصنع أو استصلاح الأراضي لن يختلف بين مهندس ليبرالي أو إٍسلامي ،

فالتعامل مع الجمهور العام له آليات وإجراءات مختلفة تماما وأتصور أن السلفيين بدخولهم إلي الممارسة السياسية سيعلمون أن الحياة أوسع من الاقتصار على المسائل الفقهية وأن حاجات الناس تختلف اختلافا كبيرا عن حاجات أولائك الذين يذهبون إليهم في المساجد بحثا عن الامتلاء الروحي والإرشاد الديني أو الإجابة على أسئلة أو تلقي فتاوى معينة.

• هل يمكن أن تتحالف السلفية مع الإخوان تحالف طويل المدى أم سيكون مرتبط بحدود مجلس الشعب القادم ؟

السلفية ليست كتلة واحدة ،هناك جناح في السلفية يمكن أن يتواءم مع الإخوان وهناك جناح مدرسي فقهي منغلق ذو جذور وهابية صورة الإخوان لديه صورة سلبية وينظر إلي حسن البنا بوصفه شخصا ضل و أضل – بحسب تعبير هذا التيار.

ومن ثم لا أعتقد أن مثل هذا التيار قابل للتآلف مع الإخوان بيسر وسهولة ، لكن هناك مدرسة سلفية كالجمعية الشرعية أو سلفية الإسكندرية قد تقبل على الأقل نتيجة أن مقتضيات المصلحة السياسية قد تدفع الجميع إلي التوحد لاسيما أن الإخوان نجحوا في الفترة الأخيرة في إظهار أن هناك عدوا مشترك ليجمعوا القوى الإسلامية تحت رايتهم.

• إذن ما سبب هذا التحالف الآن ؟

هناك لعبة يقومون بها مفادها أن العلمانيون يريدوا أن يختطفوا البلد ،وهي جزء من تجميع القوى الإسلامية تحت راية الإخوان.

مع أن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حين يتحدث عن القوى العلمانية بوصفها قوى إلحادية ومع ذلك يجلس مع التيار المدني العلماني في مصر ويحاوره ويخرج معه وثيقة فهو يكذب ويعرف أنه يكذب.

فإذا كان في السرادقات والمنتديات والمؤتمرات يشتمهم ويعتبرهم عدو فلماذا يجلس معهم ويخرج وثيقة التوافق الديمقراطي من أجل مصر بهذه الطريقة وحول قضايا محددة وكل المشاركين فيها هم من يعتبرهم الإخوان علمانيون ويهاجمنهم في السرادقات الانتخابية.

• ومتى ينتهي هذا التحالف ؟

السياسة لها منطق مختلف وسترى من خلالها تحالفات معينة فمثلا من الممكن مثلا أن يحدث اختلاف على مصلحة معينة أو مسار محدد ، فنجد أن هذه القوى التي يجمعها الآن الخوف من أن هناك تيار علماني يريد أن يختطف البلد ومن ثم على هذه التيارات الإسلامية أن تتوحد لتتصدى له ،

هذه المسألة ستذوب وستُكتشف بعض الفصائل أن هذه كانت خرافة – مع ضغط المشاكل والجمهور والتضاغط المتبادل بين الإسلاميين والقوى الأخرى داخل المجتمع ، و لا أعتقد أن تماسك القوى الإسلامية الآني والمفتعل والمصطنع الذي يقوم على إطلاق فزاعة اسمها التيار العلماني من الممكن أن يستمر طويلا.

• بالنسبة لوجود وفد سلفي مسيحي في مؤتمر السلفية الأول - حتى لو كان غير رسمي – ما قراءتك لذلك ؟

لاحظ أن هؤلاء حضروا بصفتهم الفردية وليسوا ممثلين عن الكنيسة وعندما تؤسس لحزب سياسي تفتحه أمام الجميع ويجب ألا يقتصر على فئة بعينها.

لكن أتصور أن هذا الأمر ربما يشكل فرصة في المستقبل لإقامة حوار وطني بطريقة سلمية فلو اندمج المسلمون والمسيحيون داخل أحزاب سياسية سواء كانت سلفية أو غير سلفية فأنا أرها أن نقطة إيجابية لإقامة حوار حقيقي حول المصالح الحقيقية أما الحوار الفوقي الذي ترعاه السلطة مؤقتا لن يجدي نفعا ، ووقتها سنتنافس كأحزاب سياسية لا كطوائف.

• قلت سابقا أن حزب الإخوان فيه أمور علمانية وهم لا يدركون هذا فهل برنامج الحزب السلفي يتفق مع برنامج حزب الإخوان في ذلك ؟

قبولهم بالدولة الحديثة واحترام الآخر والبحث عن الحلول الوسط كل هذا هو ابن مدرسة الحداثة السياسية وهي جزء لا يتجزأ من العلمانية وبالتالي وجود أفكار في حزب الحرية والعدالة حول هذه المسائل هو تفاعل إيجابي مع الطرح العلماني ،برامج الأحزاب لدى الإخوان والسلفية بها تجاوب مع الطرح العلماني.

• هل برنامج حزب العدالة والحرية متشابه مع برنامج حزب النور أم مختلف معه ؟

برنامج الإخوان أكثر تقدما باعتبار أن تجربتها السياسية أعمق وسبقوا الجميع في التحاور مع الأحزاب السياسية الموجودة وجربوا أكثر من مرة طرح برامج لاقت انتقادات ، فحاولوا تجاوز هذه الانتقادات ومن ثم جاءت وثيقة الحرية والعدالة أكثر تقدما من وثيقة النور.

لكن وثيقة حزب النور أفضل بكثير مما كان يطرحه التيار السلفي في الإعلام والشرائط والمساجد حول القضايا السياسية من قبل.

لكن الأهم ألا تكون هذه البرامج هي مجرد أدوات للتسويق السياسي ولا تقوم على قناعة حقيقية بها،

لأن الإخوان إذا كانوا مقتنعين اقتناعا تاما بما جاء في برنامج الحرية والعدالة كانت الخطوة التالية مباشرة لذلك هي التحالف مع التيار المدني لكنه فعل العكس.

عامة لا نريد أن نحكم على النوايا ولكن أيضا لا نريد لهذه الأدوات أو البرامج أن تكون تقية سياسية ، ولأجل هذا نحن نقول يجب أن يكون هناك دستور بالتوازن يحمي المجتمع من أن يقفز أحد إلي السلطة ويحاول أن يشرع قوانين أو إجراءات تبقيه في السلطة فترة أطول أو تحرم المتنافسين من فرص حقيقية للتنافس عليها في المستقبل.


• ما رؤيتك للطرق الصوفية في المرحلة الحالية؟

هناك فرق بين التصوف والطرقية ، التصوف شئ مطلوب لكن الطرقية التي هي فكرة تحويل الدين إلي فلكلور فكرة هزلية ربما تجذب لكنها لا تشكل التدين السليم وإن كانت تجذب بعض الغرب في أن يتعامل مع الجانب الاحتفالي في هذا الدين ،

لكن إذا هُذبت الصوفية ونظمت بطريقة أكثر وابتعدت عن الفلكلور الذي تطرحه واهتمت بالمشروع الاجتماعي للإسلام مثل حركة فتح الله كولن في تركيا ،فستكون قادرة على قيادة المشروع الروحي والاجتماعي للإسلام.

• هل الطرق الصوفية المصرية مؤهلة لهذا أم مازالت تحتاج إلي تأهيل ؟

لا – هي تحتاج إلي تأهيل كبير.

• هل تستطيع الطرق الصوفية في مصر تشكيل قوة مكافأة في مصر للحركات الإسلامية في الوقت الحالي بحيث تزاحمها ؟

الطرق الصوفية جمهورها عريض وأعلى من جمهور الإخوان لكنها بلا تنظيم أو مشروع ، هي جماعات مفككة وحرمت على مدى سنوات طويلة من قائد إصلاحي.
أي لو جاء شيخ مشايخ للطرق الصوفية إصلاحيا لديه رؤية أو تصور فيمكن أن يؤثر تأثيرا كبيرا جدا ،فهي حرمت من شخص مثل حسن البنا أو محمد عبده أو رشيد رضا أو الأفغاني ، حرمت من هذه الرموز التي كان يمكن أن تأخذ بيدها ، حرمت من أن يأتي إليها أحد ممن كانوا يتولوا الأزهر ويطوره علميا وإداريا ،لكن إذا جاء رجل لديه رؤية وتصور فيمكن وقتها أن يحدث هذا.

• إيران حدث معها تقارب الفترة الماضية ،هل المقولة التي تردد في أن الصوفية هي قنطرة التشيع في مصر واردة الآن في ظل هذا التقارب ؟

لا فهناك لبس في هذا الأمر يحدث من عدة أشياء :

1- أن هناك مشاركة أو اشتراك بين المتصوفة والمتشيعة حول حب آل البيت.
2- أن نظرية الولاية عند الصوفية قريبة إلي حد كبير من نظرية الإمامة عند الشيعة – لكن الولاية عند المتصوفة لها قدسية روحية أكثر لكن عند الشيعة لها قدسية سياسية أكثر.
3- أن كثير من المتصوفة الكبار لبعض المتصوفة العرب أو من مصر والذين يعتقدوا فيهم ويؤمنوا بأفكارهم ويعتبروهم من أساتذتهم ومشايخهم بعضهم جاء من الثقافة الفارسية سواء في إيران أو بلاد ما وراء النهرين في آسيا الوسطى.

فهذه الأمور الثلاثة تسببت في لبس لكن إذا راجعت القانون 118 لسنة 76 الذي ينظم عمل الطرق الصوفية المصرية يجد أنه ينص على أنها سنية المذهب.

وإذا خرجت بتحليل مضمون لمجلة التصوف الإسلامي المصرية ستجد أنها تتحدث في المسائل السنية وكثير من علماء الأزهر السلف يكتبون فيها.

وفي بعض المواقف السياسية والاجتماعية كان للمتصوفة موقف متشابه من موقف التيار السلفي – لأنه في النهاية الكل ينهل من معين واحد وبالتالي لا أتصور أن الصوفية في مصر هي باب للتشيع.

لكن لأن الصوفية أحد أركانها المحبة فهي تخلق نوع من التسامح لذلك فهي ليس لديها مشكلة مع المذهب الشيعي وهذا تسامح يُطمع الشيعة فيها ويجعل التيار السلفي السني يتوهم أنها قد تكون باب للتشيع ، لكن حتى نفكك المسألة يجب أن نفهما في هذا الإطار.


الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

عرض كتاب - مع الحركات الإسلامية في العالم



مع الحركات الإسلامية في العالم
رموز وتجارب وأفكار.



هذه مقدمة لعرض كتاب مع الحركات الإسلامية في العالم والذي قمت به لصالح مركز الدين والسياسية للدراسات والعرض مقسم بحسب العنوان إلي قسم خاص بالتجارب وآخر بالشخصيات وآخر بالأفكار وتجدونه كاملا بموقع المركز واكتفيت هنا بالمقدمة فقط لطول العرض.

عرض وتقديم : عبد الرحمن يوسف.


غلاف الكتاب.


يعتبر كتاب مع الحركات الإسلامية في العالم للباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية حسام تمام هو حصاد رحلات قام بها خلال ثلاث سنوات في الفترة من 2005 وحتى 2008 سجل فيها معايشته وملاحظاته من خلال الاقتراب المباشر من الحالة الإسلامية الحركية والفكرية لشخصيات وجماعات تمثل مدارس واتجاهات مختلفة داخل بلدان العالم الإسلامي "التي تنشط فيها أهم الحركات الإسلامية سواء من حيث القوة والتأثير أو من حيث القدرة على الاجتهاد أو التجديد".

وعلى الرغم من مرور عامين على عمر نشر الكتاب الذي يقع في 235 صفحة من القطع الكبير إلا أن أهمية التعريف به وعرضه الآن بصورة موسعة تأتي من خلال ما تمر به المنطقة العربية والإسلامية من هبوب لرياح التغيير التي أتت ثمارها في بلدان مثل تونس ومصر وأخرى تنتظر ،

وكان من بين أبرز ما نتج عن هذه الرياح هو عودة الحركات الإسلامية لصدارة المشهد كطرف مشارك وفاعل في الحالة السياسية والاجتماعية ولكن هذه المرة دون قيود السلطة ومواءمتها.

فضلا عن أحداث أخرى تمر في العالم الإسلامي كالإعلان عن وفاة زعيم تنظيم القاعدة وأباها الروحي أسامة بن لادن في أوائل مايو الجاري، أضف إلي ذلك التقارب الحادث بين حركة حماس ومصر والمصالحة التي أنجزت بين الحركة وفتح ( إبريل / مايو) ، هذا مع التأثير المتنامي لتركيا في المنطقة على يد حزب العدالة والتنمية ذو الخلفية الإسلامية.

كل هذه الظروف وغيرها تجعل الكتاب من الأدوات المهمة التي تمكن القارئ العادي والباحث على السواء من استنتاج وفهم المتغيرات التي قد تشهدها البلدان الإسلامية الفترة المقبلة وموقع الفاعل الإسلامي الفكري والحركي منها، من خلال دلالات واستخلاصات تتجاوز في كثير منها الحالة الزمنية لأحداث الكتاب.

والكتاب ليس مرتبا وفق ترتيب زمني محدد لذا فالعرض له سيكون عبر تقسيمه محاور الكتاب الرئيسية الرموز والتجارب والأفكار.





حلقة عن الشباب وتطور أحداث الثورة.




مشاركتي في حلقة بالقناة الخامسة عن الشباب وتطور أحداث الثورة.






،أُذيعت هذه الحلقة بتاريخ 18 يوليو أي قبل أحداث المنطقة الشمالية العسكرية ، وكانت الحلقة عامة وعلقت فيها على الأدوار التي تلعبها دول خارجية وعن صحة الرئيس.


الاثنين، 23 مايو 2011

شهادة • دورة تدريبية عن "تغطية قضايا الدين والمعتقدات"

شهادة • دورة تدريبية عن "تغطية قضايا الدين والمعتقدات"






شهادة • دورة تدريبية عن "تغطية قضايا الدين والمعتقدات" من معهد التنوع الإعلامي في الفترة من 27 إبريل إلى 1 مايو 2011 -القاهرة

- •This is to certify Training Course on “Reporting on Religion and Belief” from the Media Diversity Institute, from 27 April to 1 May 2011 - Cairo.

وقد تخلل الدورة تدريب على الكتابة في التنوع الديني.




الثلاثاء، 19 أبريل 2011

حلقة تلفزيوينة حول ثقافة قبول الآخر



مشاركتي في حلقة تلفزيوينة حول ثقافة قبول الآخر.








الفيديو يعرض المقدمة وتعريف بالضيوف ثم مشاركاتي بالحلقة.

الحلقة أذيعت بتاريخ 13 - 4- 2011 على القناة الخامسة بالتلفزيون المصري.




الأربعاء، 6 أبريل 2011



زيارتي إلي هولندا في أغسطس 2010 مع الصحفيين العرب.








زيارة هولندا أغسطس 2010

هذا الفيديو يحتوي على بعض الصور التي التقطت خلال زيارتي لهولندا وتحديدا أمستردام ولاهاي ، وذلك في الفترة من 31 / 7 / 2010 و حتى 6 / 8 / 2010.

وقمت بهذه الزيارة ضمن وفد من الصحفيين العرب الذين تم ترشيحهم للسفر إلي هولندا ضمن برنامج الزائرين الذي نظمته الحكومة الهولندية للمدونين ثم الصحفيين خلال العام الماضي.


وقد رشحت لهذه الزيارة من قبل السفارة الهولندية في القاهرة عقب مناقشات اللقاء المفتوح للمدونين الذي عقد في مكتبة الإسكندرية وذلك أثناء فترة عملي بجريدة الشروق ، وكنت في الزيارة ممثلا لمصر.

ما ورد في هذا الفيديو لا يعبر عن كل الأحداث ولا يشمل كل صور الزيارة وبالتالي هو كمجرد نموذج عن الزيارة فقط حاولت من خلاله إلقاء الضوء عليها.

ورغم مرور 8 أشهر على الزيارة إلا أنها تظل زاخرة بالأحداث التي تصلح للذكر حتى الآن وما بها من تفصيلات ودروس، وربما يكون هناك فرصة للحديث عن تلك التفصيلات خلال كتابتي عنها قريبا أو إنتاج تقرير عنها إن أمكني هذا.

أود أن أنوه إلي أن هذا الفيديو هو أول إنتاج لي وبالتالي أعتذر عن أي أخطاء فنية أو تنسيقيه واردة فيه وأنبه أن الصورة الأخيرة في الفيديو التقطت بواسطة صديقي المصور أحمد ناجي في القاهرة بتاريخ 10 – 2- 2011 .




صوري في الثورة


هذه صور التقطت بعدسات أصدقائي من المصورين أثناء الثورة بدء من جمعة الغضب 28 - 1 - 2011 وحتى سقوط مقر مباحث أمن الدولة 4 - 3 - 2011.






مساء جمعة الغضب 28 - 1- 2011 من أمام الموقع الذي اختتمت فيه التظاهر عند تقاطع شارع مسجد القائد إبراهيم وشارع شامبليون ،

ويظهر في الخلف سيارات الأمن المركزي والشرطة المحترقة حيث تم إنهاء المعركة في هذا المكان عقب ساعتين ونصف الساعة فقط وتم أسر 32 جندي وثلاث ظباط أحدهم برتبة عميد قبل أنت يتم تسليمهم لقيادتهم

تصوير : أحمد ناجي





مع أصدقائي بعد تجمعنا مساء جمعة الغضب والصورة على كورنيش الإسكندرية أمام شارع سوتر ،

ومن اليمين لليسار - أحمد طارق واحمد رمضان ورافي شاكر وأحمد ناجي.






أسلم على أحد جنود القوات المسلحة عقب نزول الجيش للشارع مساء جمعة الغضب.

تصوير : أحمد طارق






أرفع علامة النصر وفي الخلف قسم باب شرق بعد احتراقه - مساء جمعة الغضب

تصوير : أحمد طارق






اليوم التالي لجمعة الغضب ، في ميدان المنشية وتظهر سيارات الأمن المركزي المحترقة وعليها علامات غضب المواطنين بعد قهر السنين. - 29 - 1 - 2011

تصوير : أحمد طارق




في إحدى مسيرات الثورة

تصوير : أحمد رمضان




في ميدان التحرير ، يوم الخميس 10 - 2 - 2011 ، قبل التنحي بيوم ، مع صديقي عمر خضر على اليسار وصديق له

تصوير : أحمد ناجي








في إحدى مسيرات الفرح بالإنتصار عقب التنحي

تصوير : أحمد رمضان




مع زميلي أحمد طارق الصحفي بوكالة أنباء الشرق الأوسط - داخل البهو الرئيسي بمقر مباحث أمن الدولة في الفراعنة عقب اقتحامه مساء الجمعة 4 -3 - 2011

تصوير : أحمد رمضان








مع أحمد رمضان على إحدى شرفات المبنى الرئيسي لمباحث أمن الدولة بمنطقة الفراعنة في الإسكندرية - مساء الجمعة 4 - 3 - 2011 - عقب اقتحامه.

تصوير : أحمد ناجي.








الاثنين، 28 مارس 2011

كلمة ألقيتها أثناء لقاء القوى الوطنية والجيش والشرطة



هذه كلمة القيتها في لقاء جمع الجيش والشرطة والقوى الوطنية والشعبية بالإسكندرية في 14 - 3 - 2011 بنادي النصر للقوات المسلحة في الإسكندرية.

وعلمت بأني سألقي بهذه الكلمة قبل نصف ساعة من وصولي وذلك أثناء توجهي للحدث وبالتالي سجلت نقط صغيرة أثناء حديث من سبقني وألقيت الكلمة إرتجاليا.

أنوه أني أشكر زميلي الصحفي بوكالة أنباء الشرق الأوسطر أحمد طارق لأنه سجل الكلمة وهذا ساعدني في إستكمال الجزء الأخير من التسجيل لأن النسخة التي تسلمتها كان ينقصها قرابة دقيقة أو اثنين في نهايتها واستكملتها من تسجيله .



الخميس، 17 مارس 2011

تقرير القناة الأولى عن لقاء الشرطة والجيش والقوى الوطنية وأظهر في آخره أ...











تقرير القناة الأولى في التلفزيون المصري في النشرة الإخبارية الرئيسية وذلك مساء 14 مارس 2011

وهو عن لقاء بين الشرطة والجيش والقوى الوطنية والشعبية بالإسكندرية وفي نهايته أظهر أثناء إلقائي جزء من كلمتي في هذا اليوم.


الثلاثاء، 15 مارس 2011

احتفال الإسكندرية بجمعة النصر



الإسكندرية: احتفال وتحذير.


جريدة الأخبار اللبنانية - نشر بتاريخ 19 شباط / فبراير 2011

ضمن موضوع عن جمعة الإنتصار في مصر عنوانه الرئيسي "هستريا البوح في الميدان: أسرار الهرم تخرج للشمس".

في الإسكندرية (من عبد الرحمن يوسف)
، كان بائع الأعلام الشهير على طريق الكورنيش، محمد سرور، يقف أمام جامع القائدإبراهيم يلوّح بأعلامه للمارة الذين أقبلوا على شراء «بضاعته» بكثافة شديدة منذ اندلاع الثورة المصرية. إلا أنه هذه المرة، أضاف جملة باللون الذهبي على وسط العلم كُتب عليها «ثورة شباب 25 يناير».

محمد سرور لم يكن أول الحاضرين إلى الساحة المواجهة للمسجد للاحتفال بـ«جمعة النصر»، فعلى مقربة منه يقف باعة آخرون حضروا إما لكسب العيش أو لتأدية «واجب وطني» من وجهة نظرهم، مثل بائع الفول الذي يقف على الناصية المواجهة للجامع. واجب يفرضه واقع أن «تناول الطعام بيساعد المتظاهرين إنهم يكملوا ويهتفوا بمطالبنا».

المشهد قبل صلاة الجمعة أمام الجامع يشبه خلية النحل في عملها، على قلة الأشخاص الذين حضرواوا قبل الصلاة بنحو ساعتين، من أعضاء «جمعية اتحاد المحامين العرب» التي نظمت معرضاً لرسوم بخط اليد في حديقة الخالدين، كانت نتاج أعمال المعتصمين في ميدان سيدي جابر طوال أيام الثورة.

من المشاهد اللافتة والجديدة في هذا اليوم كان ذلك العلم الذي أتت به أسر الشهداء وقد تجاوز طوله 20 متراً، علقوه أمام المسجد مباشرة، رافعين عليه صور الشهداء، إلى جانب لوحات كبرى أخرى سُطرت عليها أسماء الشهداء الذين تجاوز عددهم 50 اسماً.

ومع اقتراب ساعة الصلاة، تقاطر الآلاف إلى «مسجد القائد إبراهيم». رجال ونساء وأطفال وشباب وشيوخ، كان معظمهم يعرف بعضهم بعضاً، بما أنهم على مدى ثلاثة أسابيع، كانوا يلتقون يومياً. لكنّ الفارق أنّه في الجمعة الماضية، كان هتاف «الغضب» هو سيد المشهد، أما اليوم فالوقت هو لهتاف «النصر» على وقع صواريخ الفرح من الألعاب النارية التي انطلقت في سماء الإسكندرية.

وكالعادة، لم يغب الشيخ أحمد المحلاوي عن المشهد، لتكون خطبته أمس، الأولى له في غير عصر مبارك، وليكون أحد المشايخ القلائل، إن لم يكن الوحيد، الذي يخطب في أربعة عصور سياسية مختلفة: منذ عهد جمال عبد الناصر ثم أنور السادات إلى حسني مبارك وأخيراً ما بعد حقبة مبارك.

خطبة هيمنت عليها التهاني للحاضرين، لكن بنبرة تحذرهم من الركون إلى الراحة، لأن «الثورة لم تنته بعد»، فكسر حاجز الخوف يجب أن «يعقبه بناء للدولة من أساسها وإدارة عجلة الإنتاج». وبعد الصلاة، انتشر المحتفلون في شوارع المدينة باتجاه ميدان سيدي جابر الذي اكتسب شهرة كبيرة عقب الثورة بصفته رمزاً للاعتصام ومنصة لضغط الثوار على النظام البائد، مرددين هتافات النصر، ومؤكدين أن الثورة لم تنته بعد، مع إصرارهم على رحيل حكومة أحمد شفيق، ومحاسبة المتورطين في قتل الشهداء، وحل جهاز مباحث أمن الدولة وإقالة محافظ الإسكندرية عادل لبيب ومحاكمته.


حين لبت الإسكندرية نداء الثورة.



حين حين لبّت الإسكندرية نداء الثورة.



جريدة الأخبار اللبنانية - نشر بتاريخ 12 شباط / فبراير 2011


لكل مدينة مصريّة حكايتها مع الثورة الشبابية التي تجتاح أرض الكنانة. حكاية تبدأ من التظاهر والاعتصام والمواجهة، وصولاً إلى الشهداء. الإسكندرية من هذه المدن، ولا سيما أنها سجّلت حضوراً دامياً منذ ما قبل انطلاق ثورة «25 كانون الثاني».

الإسكندرية - عبد الرحمن يوسف - تصوير طارق فوزي ( ا ب) - جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 12 فبراير 2011

كانت الإسكندرية من المدن الأولى التي دعت إلى فكرة الثورة وتبنّتها عبر الفعاليات التي شهدتها خلال العام الماضي، سواء في قضية خالد سعيد أو التظاهرات التي طالبت بالإصلاح.

ولمّا استدعتها ثورة النيل، كانت أول من لبّى النداء. فخرج مئات الألوف من أبنائها الى الشوارع لإطلاق الشرارة الأولى في 25 كانون الثاني. طافوا شوارع المدينة، ومزّقوا جميع لافتات آل مبارك وصورهم، وخاضوا مواجهات مع قوات الأمن المركزي، التي فشلت في إجهاض تحركاتهم في البداية، قبل أن تطلق العنان لعنفها الدموي في اشتباكات خلّفت عشرات المصابين، إضافةً الى 64 أسيراً.

وقبل عاصفة جمعة الغضب، ساد المدينة الساحلية هدوء حذر: شاركت في وقفة احتجاجية يوم الأربعاء، وتظاهرة بالمئات ليلة الغضب، واعتُقل 10 نشطاء سياسيين و3 من قادة الإخوان قبل أن يفرَج عنهم. في هذا الوقت، كانت السويس والعريش والقاهرة تشهد مواجهات خلّفت شهداء، وهو ما آثار علامات استفهام حول دور المدينة، التي كانت في العادة طليعية في إدهاش الجميع بحراكها.

لكن الإجابة جاءت مدوّية يوم الجمعة. خلال 3 ساعات فقط، تضافرت جهود الأهالي مع المتظاهرين، لتكون الإسكندرية بذلك من المحافظات التي تُنهي أولى معارك الثورة وبالضربة القاضية. ومن جرى «أسرهم» من جنود وضباط في الأمن المركزي، سُلّموا الى قيادتهم من دون توجيه أذى إليهم، رغم أنهم رموا المتظاهرين برصاص مطاطي وقنابل مسيّلة للدموع عقب صلاة الجمعة.

كذلك أُحرقت أقسام شرطة المحافظة بعد مواجهات بين العديدين ممّن طاولهم أذاها، ورجال الشرطة، الذين أطلقوا الأعيرة النارية بطريقة عشوائية في بعض الأقسام، مثل قسم محرم بك الذي خلّف 7 شهداء، وقسم رمل ثان، الذي خلّف أكثر من 13 شهيداً، قبل فرار الضباط، فيما كُتب على قسم سيدي جابر «خالد سعيد»،

فضلاً عن إحراق مبنى المحافظة وقسم شرطة الترحيلات بالكامل، وهو القسم الذي استُجوب فيه الشهيد سيد بلال قبل وفاته على يد ضبّاط مباحث أمن الدولة. لتعلن بعدها الإسكندرية تقديم 50 شهيداً خلال اليومين الأوّلين للثورة.

وفي نهاية اليوم، نزلت قوات الجيش لتلقي التحية على المواطنين، قبل أن يسود التوتر مع شيوع أنباء عن هروب سجناء من سجن برج العرب. فردّ الأهالي بإنشاء لجان شعبية لحماية الممتلكات ليلاً، على أن يستأنفوا نشاطهم الثوري صباحاً كي تتلاقى صرخاتهم مع صرخات إخوانهم في الوطن في ميدان التحرير وباقي المحافظات، ولا سيما بعد الخطاب الأول للرئيس مبارك، الذي وصفه المتظاهرون والنشطاء «بالمستفزّ».

استمر هذا الوضع حتى يوم الثلاثاء مساءً، وهو اليوم الذي وصل فيه عدد المتظاهرين في الإسكندرية إلى أكثر من مليون. حينها ألقى مبارك خطابه الثاني، وأطلق بلطجيته عند صباح اليوم التالي، لكنّ الثوار نجحوا في التصدّي لهم، وسلّموهم الى الجيش.

خرجت عندها تظاهرتان مؤيدتان «للريس»، ضمت كل منهما 500 فرد، إحداهما حاولت الاحتكاك بالمحتجين، الذين ألّفوا بدورهم قوة قوامها أكثر من 10 آلاف متظاهر أمام مسجد القائد إبراهيم الشهير، لكن العقلاء نزعوا فتيل الأزمة، بعدما اعترف العديدون منهم بأنهم تلقوا أموالاً من أحد أعضاء الحزب الوطني في الإسكندرية.

في الأيام التالية اختفت تظاهرات «الريس» تماماً لتكون الإسكندرية بذلك من المدن التي لم تشهد أيّ مواجهات بين أنصار الرئيس ومعارضيه. الصورة لم تتبدّل كثيراً في ما بعد. التزم ثوار الإسكندرية بما يجري التنسيق بشأنه مع ثوار ميدان التحرير، كي تخرج التظاهرات المليونية أيام الأحد والثلاثاء والجمعة.




لقاء مع المحلاوي أثناء الثورة


الشيخ المحلاوي: سليمان ثعلب ماكر وأكثر شرّاً من مبارك.





الشيخ المحلاوي أغضب النظام، فحرمه من أن يخطب في مسجد القائد إبراهيم أو في أي مسجد في الإسكندرية منذ 1996، لكنّ الثورة أعادته بقوة إلى المنبر، فخطب وهتف ودعا الله من أجل ثورة الشعب على نظام القمع والفساد

الإسكندرية - عبد الرحمن يوسف - تصوير طارق فوزي (ا ب) - الأخبار اللبنانية بتاريخ 12 شباط / فبراير 2011

بعد 14 عاماً على منعه من الخطابة في المساجد من نظام حسني مبارك، عاد الشيخ أحمد المحلاوي، الداعية الإسلامي الشهير في الإسكندرية، كي يخطب في صلاة الجمعة، أمس، من على منبر مسجد القائد إبراهيم، الذي اعتلاه منذ عام 1975 حتى 1996. وأمام أكثر من نصف مليون مصلّ من الرجال والنساء، خطب الشيخ المحلاوي بحماسة تفوق عمره الحقيقي «86 عاماً»، داعياً إياهم إلى الاستمرار في مواجهة «الظلم والفساد»، رافعاً يديه إلى السماء، سائلاً الله: «بارك الثورة الطيّبة وانصرها حتى آخر طريقها».

لم يكتف الشيخ، الذي عانى قمع السلطة بسبب آرائه المعارضة وتعرض للسجن أيضاً في عصر أنور السادات بسبب انتقاده اتفاقية كامب ديفيد والسياسة الخارجية المصرية، بخطبة واحدة، بل أعقبها بأخرى ألهبت حماسة الجماهير المحتشدة، شاكراً الله لأنه أمدّ بعمره حتى يشهد هذه اللحظة. اللحظة التي خرج فيها الشعب لمواجهة الظلم والطغيان. وشجّع المواطنين على الاستمرار في التظاهر وترحيل مبارك، فردّدوا من ورائه هتافات: «ارحل ارحل» و«لا مبارك ولا سليمان ارحل يلّا انت كمان».

خطاب مبارك المستنكر ألهب الجماهير، ودفعهم الى التوجه بالآلاف إلى قصر الرئاسة بمنطقة رأس التين، المجاور للمنطقة البحرية العسكرية، فيما توجه آلاف آخرون إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون بمنطقة جليم شرق المدينة.

وقال الشيخ المحلاوي في حديث لـ«الأخبار»، إن أكثر ما أسعده في هذه الثورة هو «شعوري بأصالة هذا الشعب وعراقته، التي لا مثيل لها في العالم؛ فالثوّار لم يقوموا بأعمال شغب وتخريب، ومن فعل هم البلطجية والشرطة ولا فرق بينهما».

وعن توقعه حدوث مثل هذه الثورة، أشار إلى أنه «لم يكن أي خبير متخصص يتوقع ما حدث، فقد ينطبق على نظام مبارك قول الله تعالى: «فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا». وعن مشاركته في التظاهرات، أكّد الشيخ أنه «لو لم يبق في جهدي إلا الكلام لشاركت به، وأحمد الله الذي جعلني أعيش مثل هذه اللحظات، فمن ذا الذي في نفسه قدر من الإيمان أو الوطنية ولا يتحرك!».

ونجاح الثورة، من وجهة نظر المحلاوي، يتمثل في «اكتسابها يوماً بعد يوم أنصاراً من أساتذة الجامعات والقضاة والعمال». ويشدّد على أنّه في يوم الثلاثاء الذي وصل فيه عدد المتظاهرين في الإسكندرية الى مليون، أصدر فتوى لم يستثن فيها أحداً من المصريين، حيث حضّهم جميعاً على «واجب المشاركة في التظاهر لإسقاط النظام».

يتمسك المحلاوي بإيمانه وبقوة الشعب في وجه أي سيناريو سيطرحه النظام للالتفاف على هذه الثورة «المباركة»، مشيراً إلى أنه «ما دام الشعب لم يمت فلا قوة في العالم تهزمه».

ورأى أن الإجراءات التي اتخذها نظام حسني مبارك منذ انطلاقة الثورة حتى الآن، مثل تغيير الحكومة وإطاحة رموز الفساد، كانت شهادة على نفسه بأنه فاسد، قائلاً «عندما أسقط مبارك الحكومة والفساد شهد على نفسه بالفساد».

وعن موقف جماعة الإخوان المسلمين من المشاركة في الحوار مع النظام، قبل إعلانها عدم تحقيق الحوار للمطالب الشعبية، قال إن «استدعاء النظام للإخوان في الحوار مع القوى السياسية كان فخاً من النظام للإخوان وغيرهم هدفه تهدئة الأجواء وإطالة أمد الحوار».

وطالب المحلاوي الإخوان «بالانسحاب الفوري من أي حوار مع النظام والتمسك فقط بمطلب تنحّي الرئيس وإسقاط نظامه»، مرجعاً ذلك إلى أن «الشعب أسقط مبارك منذ 25 كانون الثاني الماضي، وهو لم يعد رئيساً لمصر، وبالتالي فإن من يطلبون منه شيئاً بصفته رئيساً، فإنما يطلبونه من شخص فاقد الشرعية».

وتطرّق المحلاوي إلى وضع مدير جهاز الاستخبارات، نائب مبارك، عمر سليمان، فأكد أن «عمر سليمان أكثر شرّاً من حسني مبارك، فهو ثعلب ماكر يستخدم أسلوباً ناعماً حتى تهدأ الأجواء». فسليمان، من وجهة نظر المحلاوي «يرانا جميعاً مثل الغنم. ويرى أن هذا الشعب لا تجدي معه الديموقراطية»، مضيفاً أن سليمان «هدد بأنه إما الحوار أو الانقلاب، هذا الكلام قاله وهو في موقف ضعف فما بالك لو تمكّن منا وجاء حاكماً علينا».

ويتطرق الشيخ الى فكرة من سيخلف مبارك، فيقول إن «مصر ولّادة ومبارك أقلّها عقلاً وإدراكاً، فهو لا يريد أن يعي ما يحدث في الشارع حتى الآن». ورجح أن يلجأ النظام «الى جرّ تهديد أجنبي قد يتمثل في أميركا أو إسرائيل. فالأخيرة لو استطاعت أن تبكي على رحيل مبارك لبكت فمبارك اشترك في ضرب غزة» إبّان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عشية 2008.




الخميس، 17 فبراير 2011

قصص ووجوه من ثوّار «مدينة التغيير».

قصص ووجوه من ثوّار «مدينة التغيير»: هنا الإسكندريّة.





مدينة التغيير... هكذا سمّى النشطاء والإعلاميون الإسكندرية ذات الأربعة ملايين ونصف مليون نسمة. ورغم التعتيم الإعلامي على كل ما يحصل خارج ميدان التحرير في القاهرة، فإنّ الإسكندرية فرضت نفسها أماً للثورة. هنا بعض مفاصل سير نشطاء المدينة.

الإسكندرية - عبد الرحمن يوسف - تصوير أسماء وجيه (رويترز) / وبورتريهات النشطاء تصوير :أحمد ناجي - الأخبار اللبنانية بتاريخ 9 فبراير 2011

صفة التغيير اكتسبتها الإسكندرية من أنها شهدت على مدى الأعوام الخمسة الماضية أحداثاً دفعت المحافظات المصرية الأخرى إلى اللحاق بها في مواجهة حكم حسني مبارك، بدليل أن الرئيس حصل فيها على أقل عدد من الأصوات في انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2005، وتحديداً في دائرة الرمل. ويسجَّل لهذه المدينة أبرز حدثين في إشعال «ثورة النيل»، هما قضيتا خالد سعيد وسيد بلال.


علي الرّجال: الباحث في الميدان.



لم يكن علي الرّجال، الباحث في دراسات السلام والنزاع الدولي والأمن والتنمية، في إحدى جامعات النمسا، يتخيل أن بعض ما درسه سيطبّقه في مصر، قبل الثورة التي انطلقت ضد نظام حكم مبارك وفي أثنائها. ورغم حداثة تجربته وسنّه (26 عاماً)، قرّر الشاب تطبيق بعض ما درسه على مصر، حينما انخرط في الدعوة إلى النزول للتظاهر السلمي يوم 25 كانون الثاني. ومنذ ذلك الوقت، عمل على تدريب زملائه على كيفية مواجهة بطش الأمن المركزي وصد هجومه. ومبدأ علي في ذلك: «أرغب في السلام والتظاهر السلمي، لكنّني قادر على إدارة النزاع وصد هجمات الأمن».

بدأ علي الخطوات العملية في اتجاه ثورة الغضب حينما نظم ورشة عمل للعشرات من أصدقائه، يوزّع بينهم الأدوار في المنطقة التي قرروا النزول فيها، وهي منطقة المنشية في وسط البلد. وجاء التقسيم عبر تخصيص مجموعة تردد هتافات محددة. ترفع هتافاً واحداً ينادي بالحرية وبسقوط النظام، فيما تنخرط مجموعة أخرى في توفير الحماية لهم، يكون أفرادها من ذوي البنية الجسدية القوية، وعلي هو أحد أفرادها. وبالفعل، نجح الأمر جزئياً بصورة جيدة «لكنه كان يحتاج إلى تطوير كبير للنجاح في صورة كاملة».

عكف علي في 26 و27 كانون الثاني، على كتابة «مانيفستو» (بيان ثوري) يضع فيه خطة عملية من عدة نقاط، يشرح فيها بنحو شبه موسع أفضل الطرق في مواجهة بطش الأمن وكيفية كسب المؤيدين. وعمّم هذا البيان على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، ليتجاوز به العدد المحدود من أصدقائه الذين دربهم سابقاً، مشيراً إلى أن هذه الخطوة هي مرحلة «النضال الإلكتروني».

يتذكّر علي حديثاً مع أحد أصدقائه الصحافيين الذي سأله قبل يوم: «هل يمكن التغلب على الأمن المركزي؟». حينها أجاب: «إنه أمر صعب، لكنه ليس مستحيلاً». وبالفعل، تحققت هذه الفكرة، لينطلق علي بعدها إلى فكرة أخرى، وهي تنظيم اللجان الشعبية في منطقة سكنه وبعض المناطق الأخرى التي يقطنها أصدقاؤه، مدرباً إياهم على طريقة تنظيم لجان تفتيش ولجان حماية لشوارعهم، لأن «الثورة لن تنجح ما لم يشعر الناس بالأمان».

يوم الثورة في حياة علي منقسم إلى ثلاثة أجزاء: الأول هو الجلوس مع أصدقائه للتجهيز والتخطيط لخروج التظاهرات من مناطقهم. والثاني هو التحفيز والهتاف وتقديم المساندة النفسية والمعنوية للثوار طوال اليوم. والثالث هو المشاركة في اللجان الشعبية لتأمين مناطقهم أو المبيت مع المعتصمين في الشارع، كما فعل يوم الثلاثاء الماضي بميدان الشهداء في محطة مصر، عندما «هاجمَنا بلطجية الحزب الوطني فور انتهاء خطاب الرئيس».

بعد تجاوز الثورة يومها العاشر، وإثر آخر خطابات مبارك، كان علي يؤلف مع أصدقائه أحمد دراز وعبد الرحمن محمود وخلود سعيد وبسمة عبد العزيز، فريق عمل على الإنترنت «يخوض حرب الأفكار أمام ماكينة الإعلام الرسمي التي أدمنت تضليل الشعب».

علي الرّجال هو أحد تلاميذ الدكتور الراحل عبد الوهاب المسيري، صاحب موسوعة «اليهود واليهودية والصهيونية»، وعمل معه باحثاً مساعداً منذ خمس سنوات، وهو التوقيت الذي بدأ فيه إنشاء مبادرة «أدوار» الشبابية التي هدفت إلى رفع الوعي الشبابي، عبر مشاريع نماذج المحاكاة السياسية والاقتصادية، وهو الأمر الذي يرى علي أنه «أسهم في خلق حالة من الوعي بين أوساط الشباب، وانضم إلى الحالة التراكمية مع الحركات والمبادرات الشبابية الأخرى التي خلقت الوعي الحقوقي والسياسي الذي أدى إلى الثورة».


يوسف شعبان... اليساري الارستقراطي.




أصبحت رؤية الشاب يوسف شعبان محمولاً على الأعناق، وهو يردد الهتافات المناوئة للنظام المصري وسياساته، أحد المشاهد المألوفة في جميع التظاهرات التي تُنظَّم في الإسكندرية، وخصوصاً من أجل القضايا المتعلقة بالعمال والدفاع عن حقوقهم والحفاظ على ما يضمن لهم معيشة أفضل، وبيئة عمل آمنة.

ويُرجع المتظاهرون في أي تظاهرة يغيب فيها يوسف لسبب وحيد، وهو تكرار إلقاء القبض عليه وتحقيق الأجهزة الأمنية معه، وهو ما حصل لفترات متباينة، وليصل عدد مرات اعتقاله إلى خمس، كان يخرج منها أكثر إصراراً على مبادئه اليسارية التي يتبناها، وليصبح أبرز المنتمين إلى تيار الاشتراكيين الثوريين.

ورغم انتماء يوسف، البالغ من العمر 27 عاماً، إلى أسرة من الطبقة فوق المتوسطة، وسكنه في أحد الأحياء الأرستقراطية بالمدينة، إلا أن مبادئه اليسارية دفعته إلى العمل في صحيفة تنتمي إلى الفكر نفسه، لكن سرعان ما أُغلقت قبل عام ونصف عام بدعوى الإفلاس المادي.

ويشتهر يوسف بين الأوساط المثقفة والسياسية في الإسكندرية بمظهر الثائر أرنستو غيفارا، وثورته الدائمة للدفاع عن حقوق العمال وما يربطه بالشرائح العمالية في الإسكندرية، الأمر الذي جعله «هدفاً لمباحث أمن الدولة التي تتابع النشاط العمالي».

المرة الأخيرة التي اعتقل يوسف خلالها كانت أثناء وقفة، دعا فيها إلى التصدي لمحاولات إحدى الشركات الكبرى مساندة مرشح الحزب «الوطني» الحاكم، في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة في دائرة الرمل، وذلك بسبب هدمها مساكن عدد من محدودي الدخل. حينها، لفّق له الأمن تهمة الاتجار بالمخدرات لكن القضاء المصري سرعان ما أعلن براءته. «كنتُ واثقاً من أن الثورة هي الحل».

هكذا يلخّص يوسف أفكاره التي ناضل من أجلها منذ تفتحت عيناه على النضال الثوري منذ خمس سنوات. وبرأي يوسف، فإن بطشاً بحجم ما يمارسه النظام، لا يمكن أن يجدي معه النضال الفكري وحده. وهو منطق استلهمه من خلال تغطيته الصحافية لقضايا الفقر والجوع والبطالة للعمال وسكان العشوائيات.

ولعل أبرز الأوقات التي تعرض فيها يوسف للأذى، هو وقت دفاعه عن حق خالد سعيد الذي مات بعدما اعتدى عليه مخبرون من قسم شرطة سيدي جابر. احتُجز وضرب من عناصر مباحث أمن الدولة، لكنه يقول: «الضربة التي لا تميتك تقويك وتعطيك دفعة للأمام».

يبدي بعض أصدقاء يوسف القدامى عجبهم من انخراطه في النضال، فهو شاب يملك سيارة ولديه دخل مالي جيد لا يجعله محتاجاً إلى التعرض لكل هذه المضايقات، لكنه يرد بأن «عالماً بلا عدل لا يستحق الحياة فيه»، ويشعر مثل غيفارا بأن «صرخة كل مظلوم هي لطمة على وجه».


صفوان محمد وحلم البرادعي.



انطلقت أولى تظاهرات أيام الغضب في الإسكندرية من حي «سيدي بشر» شرق المدينة. وفي أحد الشوارع الجانبية بالحي الشعبي، وبعيداً عن أعين قوات الأمن المركزي، كان صفوان محمد محمولاً على أكتاف المتظاهرين يهتف محمِّساً المتظاهرين، ومنادياً بإسقاط النظام، ويشاركه في ذلك صديق كفاحه هيثم أبو العز الحريري، نجل الناشط اليساري البارز منذ السبعينيات أبو العز الحريري.

سار صفوان يومها مسافة تزيد على 20 كيلومتراً وسط آلاف من المتظاهرين الذين انضموا إليه بعد خروجهم للشوارع الرئيسية. وقاد هيثم ورفاقه في «الجمعية الوطنية للتغيير»، نحو 100 ألف متظاهر في ذلك اليوم لينضموا إلى غيرهم في غرب المدينة ووسطها، واستمد وقتها عزيمته من ثلاث سنوات من النضال المستمر الذي بدأه في 6 نيسان 2008، حيث كانت أولى مرات اعتقاله التي وصلت إلى ست، وكانت آخرها منذ شهرين.

يشرح صفوان خطة تحرك زملائه في التظاهرات الأولى التي مثّلت نواة الثورة كالآتي: «التحرك من الشوارع الجانبية في الأحياء الشعبية، ثم تجميع المتظاهرين في مجموعات كبيرة للتوجه نحو الشوارع الأكبر فالأكبر، وصولاً إلى الميادين الرئيسية بكتلة بشرية عالية الكثافة تستطيع أن تواجه قوات الأمن المركزي المستعدة للبطش».

صفوان هو أول صاحب توكيل شعبي لترشيح الدكتور محمد البرادعي لرئاسة الجمهورية في تشرين الثاني في عام 2009 بالإسكندرية، وهو الأمر الذي خاض من أجله معركة قانونية في مجلس الدولة، نظم فيها مع أصدقائه 10 وقفات، انتهت بصدور حكم لمصلحتهم بقبول توثيق تلك التوكيلات، فضلاً عن تأكيد شرعيتها الدستورية، بعد أن مارست السلطات الأمنية ضغوطاً لرفضها».

«الشباب هم كلمة السر». هذا هو رأي صفوان، وهم الملهم الرئيسي للثورة. وهو لا يفرق بين شباب الإخوان أو اليساريين أو الليبراليين أو المسلمين أو المسيحيين، «فالثورة مصرية خالصة». صفوان الذي عمل صحافياً في أكثر من صحيفة، قبل أن يتركها نتيجة التضييق الذي يمارس على الصحيفة، يحذّر بصوت مبحوح من قفزة تقوم بها أي قوة سياسية على ثورة الشباب، لأنهم هم «مَن بذلوا الدماء من أجلها».