الاثنين، 4 مارس 2013

قضية إقالة طنطاوي وعنان



قضية إقالة طنطاوي وعنان على موضوعين

الرئيس لم يتجاوز الخطوط الحمراء الأميركية!
لم تكد قرارات لإقالة تخرج إلى العلن، حتى ثارت تساؤلات عن الدور الأميركي في هذه الخطوة المفاجئة، وسط ترجيحات بأن الرئيس المصري لم يقدم على هذا الأمر إلا بعد تجاوزه مرحلة التطمينات التي تهم الولايات المتحدة
عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 13 / 8 / 2012
على الرغم من أن قرارات الرئيس المصري محمد مرسي، بإقالة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي، وقائد الأركان الفريق سامي عنان (الصورة)، لاقت قبولاً شعبياً واسعاً، إلا أن الكثير من النشطاء والمراقبين، أطلقوا عدداً من التساؤلات عن الدوافع خلفها. وتساءلوا عن حقيقة وجود توافق بين أطراف فاعلة في المطبخ السياسي، فكما قال الناشط السياسي عبد الرحمن زيدان، على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، «المشكلة في مصر أننا دائماً لا ندري ماذا يحدث في المطابخ، ودائماً تقدم لنا الطبخة جاهزة وبلا مقدمات أو مبررات أو تفاصيل».
وكانت هذه حال كثيرين ممن تساءلوا عن الدور الأميركي المحتمل في قرارات أمس، وما إذا كان جزء من التوافق الذي تحدث عنه اللواء محمد العصار، عضو المجلس العسكري، مسؤول العلاقات الأميركية، الذي نسب إليه القول في قناة «سكاي نيوز» بأن حركة تغييرات الجيش تمت بالتراضي مع المجلس العسكري، أم أنه ليس للولايات المتحدة أي دخل، وأن القرارات كانت مفاجأة لها مثل الثورة المصرية التي اندلعت في كانون الثاني 2011.
الباحث المتخصص في العلاقات المصرية _ الأميركية، عمرو عبد العاطي، استبعد التدخل الأميركي في التعيينات الجديدة، أو أن يكون لها دور فاعل. وقال لـ«الأخبار»، أميركا لا تهتم في مصر إلا بالأمور التي تتعلق بالمصالح الأميركية، وموقف السياسة الخارجية المصرية وتحديداً في بعض القضايا كالسلام مع إسرائيل. وأضاف «ما يهم أميركا في البعد العسكري هو استمرار التعاون العسكري والاستخباري، ومصر لن يمكنها التخلي عن هذه الأمور، سواء كانت القيادات الحالية أو السابقة للجيش في ظل اعتماد الجيش المصري على معونة أميركية ومعدات أميركية».
أما في ما يتعلق بعلاقات مرسي مع أميركا ودورها في تلك القرارات، فأشار عبد العاطي إلى أن الرئيس المصري لم يخضع للولايات المتحدة، لكنه أكد أن جماعة الإخوان والولايات المتحدة لديهما قدر عالي من البراغماتية، تجعلهما يعرفان الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها. ونبه إلى أن مرسي تجاوز مرحلة التطمينات التي تهم الولايات المتحدة مثل السلام مع إسرائيل، والتعاون العسكري، وهو ما تم في الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومن ثم لن يكون هناك فارق في اختيار الأشخاص، ولا سيما مع معرفة القيادات الأميركية لكل القيادات العسكرية المصرية».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، محمد عبد الله، فرأى أن خلفية القرار لن تخرج عن ثلاثة احتمالات. الأول أن يكون القرار تم بالتوافق مع قوى خارجية تسعى إلى تسوية النزاع بين مؤسسة الرئاسة والعسكر، بحيث يخرج العسكر من السلطة بما يجنب مصر الدخول في توترات أو تجاذبات، تؤثر على مصالح هذه القوى، كالولايات المتحدة الأميركية.
الاحتمال الثاني، هو أن يكون فريق مرسي قد استقر على أن إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما تختلف عن كثير من الإدارات الأميركية التي كانت تفضل حكم الجنرالات في الدول المتحالفة معها، ومن ثم فالقرار لا يتعارض مع المصالح الأميركية ولا مع رؤية الإدارة الحالية لها. أما الاحتمال الأخير، فهو أن يكون مرسي قد استغل فرصة وجود قرابة ربع قوة الجيش المصري في سيناء، مع وضع هش للمجلس العسكري في الداخل، وعدم وضوح لحجم تأييد المجلس العسكري داخل فروع الجيش، فأخرج العسكر من السلطة وأجرى التعديلات التي يراها، من دون الرجوع إلى أي أطراف خارجية، مستثمراً فقط الأوضاع الداخلية.
من جهتها، استبعدت الباحثة في الشؤون الخليجية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إيمان رجب، أن تكون لزيارة أمير قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، على أهميتها بوصفه أول أمير عربي يزور مصر عقب تولي مرسي الرئاسة، دور في القرارات. ووفقاً لرجب، فإن قطر تعد مخلب قط للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة. وهو ما يعني أنها ترغب في الاستقرار داخل مصر وأن تؤول السلطة إلى المدنيين كاملة، كما تلح الإدارة الأميركية، وهو ما لم يحدث، إذ جاءت القرارات لتغير شخصيات محددة دون إعادة تشكيل جوهري في بنية العلاقات المدنية العسكرية. وأوضحت أن المسألة أبعد من ذلك بكثير، فالصراع الممتد بين الإخوان والعسكر كفيل بأن يفسر هذه القرارات طبقاً للمعلومات المعلنة. وخلصت إلى القول «قد يكون القرار مبنياً على طلب من عنان والمشير، أو يكون هناك توافق بين مؤسسة الرئاسة والعسكر حول القرار، ولا سيما مع وجود جدل في الفترة الماضية بشأن صلاحيات الرئيس».

خطوة الألف ميل لتحييد العسكر
الرئيس المصري أطلق عجلة الاستبعاد بانتظار تفكيك التدخل الخفي
يجمع المراقبون على اعتبار أن قرارات إحالة المجلس العسكري وقيادته إلى التقاعد لا تشكل سوى نقطة البداية في مشوار طويل لإنهاء تغلغل العسكر في الحياة السياسية والاقتصادية
عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 14 / 8 / 2012

http://www.al-akhbar.com/node/105705
«يسقط يسقط حكم العسكر»، عبارة طالما رددها الآلاف من المصريين طوال المرحلة الانتقالية، ولا سيما مع بسط المجلس العسكري نفوذه على إدارة المرحلة الانتقالية، إلى أن جاءت قرارات محمد مرسي الأخيرة بشأن قيادات الجيش وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، لتطرح سؤالاً ملحاً، هل انتهى دور العسكريين في السياسة المصرية، وبات لا يوجد حاجة إلى هتاف «يسقط يسقط حكم العسكر».
محمد صفار، مدير مركز حوار الثقافات والدراسات الحضارية في جامعة القاهرة، يرى أن قرار مرسي خطوة مهمة على طريق إنهاء الحكم العسكري، الذي بدأ في مصر عام 1952، لكنه يؤكد أن هذا لن يحول دون أن يمارس العسكر ضغوطاً في ما يتعلق بمصالحهم المنطقية كميزانية التسليح والمشاركة في اتخاذ قرارات الحرب، مثلما يحدث في كل الأنظمة الديموقراطية في العالم. إلا أنه في الحالة المصرية، لا يزال العسكر يطمح إلى تأمين المصالح والمؤسسات الاقتصادية التابعة لهم، مع السعي إلى عدم الملاحقة القضائية للضباط المتورطين في أعمال تعذيب وقتل.
ولفت صفار إلى أن المؤسسة العسكرية المصرية ليست من المؤسسات الطامعة في تولي الحكم، لأن هذا يضع أعباءً شديدة جداً على ضباطها غير المؤهلين لهذا الأمر، نتيجة فصل الجيش وضباطه في عصري أنور السادات وحسني مبارك عن الحياة السياسية وجعل مشروعات خاصة لهم. وهو ما ظهر بوضوح في تخبط المؤسسة العسكرية أثناء المرحلة الانتقالية، مختتماً حديثه لـ«الأخبار» بالتأكيد أن قرار مرسي ألغى فكرة ازدواجية السلطة وجعلها ممثلة في السلطة المدنية المنتخبة، كرئيس الدولة والجمعية التأسيسية، بشكل مؤقت حتى تؤول إلى السلطة المدنية المنتخبة، التي لا تزال في طور التشكل. وخلص إلى أنه على المستوى الحكم فقد انتهى دور المجلس العسكري، لكن على مستوى الدفاع عن المصالح ما يزال هناك مساومات ستحدث.
أما أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، فرأى أن قرارات مرسي خطوة هامة، لكنها ليست كافية، «فهي إن أخرجت المجلس العسكري خارج المعادلة السياسية الكبرى أو وضعت حداً لتدخله في السياسات الكلية واتخاذ القرار السياسي ونالت من بعض القادة، فإنها لم تنل من المستويات الأقل والأجهزة التنفيذية، سواء على مستوى المحافظين أو الإدارات المحلية، ومن ثم فإن القول إن المؤسسة العسكرية والعسكريين لم يعد لهم تدخل في الحياة السياسية بالمعنى الشامل لا يزال منقوصاً». وأضاف «عندما يتركز دور الجيش في الدفاع عن الدولة، ويتم استبعاد العسكريين من المحافظين والموجودين بالمحليات والاتحادات الرياضية، وتتم مراجعة النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية داخل منظومة الدولة وليس بمعزل عنها، عندئذٍ يمكن القول إن العسكريين ابتعدوا تماماً عن الحياة السياسية بكلياتها وجزئياتها. وهو أمر سيتحدد بشكل كبير من خلال وضع المؤسسة في الدستور المقبل، وتشكيل مجلس الدفاع الوطني، واختصاصاته، ومن ثم يصبح القول بسقوط حكم العسكر سابقاً لأوانه».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية، الدكتور عبد الفتاح ماضي، فيرى أن الطريق لا يزال طويلاً. وإن كانت قرارات مرسي أنهت دور المؤسسة العسكرية تاريخياً، فإن قضايا التعيينات والترقيات والأنشطة الاقتصادية للجيش تحتاج إلى معالجة. هذه الأمور تجعل للجيش سلطة شبه مستقلة بعيدة عن المؤسسات المنتخبة كالبرلمان والرئاسة، تمكنها من المساومة والتدخل في الحياة السياسية من طرف خفي، ومن ثم فإن هذه أمور يجب معالجتها بحلول وسط متدرجة وغير صدامية. وشدد على أهمية المحافظة على الجيش وتماسكه خلال هذه المراحل، دون إخلال بمدنية الدولة، معتبراً أن خطوات تحويل الجيش إلى مؤسسة تحافظ على الأمن القومي وتحترم الإرادة المنتخبة هي أبرز تحديات التحول الديموقراطي المنشود في مصر.
قانونياً، رأى المستشار فكري خروب، رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق، أن الإعلان الدستوري المكمل بحكم القانون كان منعدماً، لأنه كان توسعاً في الاستثناء الذي هو الإعلان الدستوري الأصلي الذي صدر عقب الثورة، كأمر حتمي بعد الثورات. ونبّه إلى أنه «لا يجوز التوسع في الاستثناء ليصبح قاعدة»، والإعلان الدستوري الأصلي كان لمدة محددة، فضلاً عن أنه بعد انتخابات مجلس الشعب، أصبح البرلمان صاحب السلطة الدستورية في التشريع، لذا فإن مرسي أعاد المجلس العسكري لينحصر دوره في وضعه الطبيعي وهو حماية حدود الوطن.
من جهته، يرى الباحث في وحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية، محمد العربي، أن العبرة ليست فقط بنصوص القانون، «فالمؤسسة العسكرية لم يكن لها وضع استثنائي في دستور 71، آخر الدساتير قبل الثورة، إلا أنها كانت تتميز بوضعية خاصة غير مكتوبة، ممثلة في مكافآت ما بعد الخدمة من التعيينات في مفاصل الدولة، فضلاً عن ميزانيات غير محددة، وأنشطة مستقلة وإعفاءات ضريبية، بما جعلها قوة شبه مستقلة». ويرى أن العديد من النشطاء، إن رحبوا بقرارات مرسي، إلا أنهم لن يتوقفوا عن الهتاف «بسقوط العسكر».

مصر تفقد بريقها الرمضاني والسياسة تطغى.



مصر تفقد بريقها الرمضاني

اختفاء الزينة وأطباق الحلويات... والسياسة تطغى
رمضان هذا العام في مصر مختلف. الزينة الرمضانية التي كانت تضج بها الأحياء تراجعت نسبتها بدرجة كبيرة، فيما التفسيرات لهذه الظاهرة متعددة وغير حاسمة. أما الأسماء الفنية التي طالما كانت تتردد عالياً في الأسواق لجذب المواطنين إلى شراء «الياميش» (الفاكهة المجففة) وغيرها من السلع الرمضانية فاختفت. الثورة وأشخاصها ومفرداتها بدلت المعادلة. «الريس مرسي»، «المشير»، «شفيق»، «الثورة مستمرة» و«الشهداء» باتت وحدها القادرة على عكس الأوزان النسبية للسياسيين في الشارع وجذب الشارين. لكن هؤلاء أيضاً أحوالهم تبدلت تحت وطأة ارتفاع الأسعار وتراجع قدرتهم الشرائية
عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 11 / 8 / 2012

http://www.al-akhbar.com/node/99869

يقف تجار الياميش هذا العام في أسواق مصر أمام بضاعتهم المتنوعة، معلنين أنه لا صوت يعلو فوق صوت السياسة. فعلى عكس السنوات الماضية التي طغت فيها أسماء الفنانين والمسلسلات على أنواع البلح، الذي أصبحت تسميته بأسماء الأحداث والمشاهير عادة مصرية، احتلت الثورة ومفرداتها وأشخاصها منصة البيع. فـ«الريس مرسي»، و«المشير»، وشفيق، والثورة مستمرة، والشهداء، هي بعض من أسماء تمور وبلح هذا العام في الأسواق المصرية. وبالفعل عكست أسعار البلح الأوزان النسبية للسياسيين ونتائجهم على أرض الواقع. فـ«الريس مرسي» يعد أغلى أنوع البلح وأجودها بجانب بلح الشهداء والثورة مستمرة، والتي تجاوزت أسعارها 18 جنيهاً، وتراوحت في بعض المناطق ما بين 20 إلى 28 جنيهاً، فيما حل المشير وشفيق وعمر سليمان في المؤخرة بأسعار تتراوح ما بين 10 إلى 16 جنيه وأقل من ذلك في بعض الأحياء الفقيرة، ولم يزاحم السياسيين هذا العام في الأسماء سوى لاعب كرة القدم المعروف محمد أبو تريكة، الذي جاء سعر نوعه منخفضاً.
ورغم جاذبية الأسماء، وارتباطها بأحداث جارية تدفع الناس للحديث عنها، إلا أن التجار اشتكوا هذا العام من انخفاض الإقبال على الشراء، واشتكى المواطنون من الأسعار الغالية الثمن بالنسبة للوضع الاقتصادي الحالي. الباحث في علم الاجتماع السياسي، إسماعيل الإسكندراني، أوضح لـ«الأخبار» أن ظاهرة استهلاك الأسماء من قبل التجار ممتدة من «الحشيش إلى الياميش»، سواء في صورة أسماء فنانين أو رياضيين أو سياسيين، فلا يقتصر الأمر على تجارة أو بضاعة بعينها، إلا أنها تكون لافتة في رمضان بشكل أخص في البلح والياميش.
ويشير الإسكندراني إلى أن من نتائج الثورة، انشغال الناس بالسياسة، الأمر الذي منح الرموز السياسية نفس الثقل والأهمية الموجودة لدى الرياضيين والفنانين، لافتاً إلى أن الناس كانوا ينظرون للسياسيين في السابق على أنهم لا يمتون للشعب بصلة، ويُفرضون عليهم فرضاً، أما الآن فكثير منهم أصبح حديث الناس، ويتمتع بروح عفوية تجعله قريباً من الناس.
الخبير النفسي الدكتور أحمد عبد الله، رأى في حديث مع «الأخبار» أن «تسمية البضائع بأسماء محددة، هي نوع من أنسنة الأشياء، وهو في احدى دلالته دليل تحضر». أما اختيار أسماء الأحداث لوصف البلح بها، فيشير إلى أنها «إحدى البصمات المصرية اللافتة» والتي تميز التاجر المصري. واعتبر أن وضع أسماء أشخاص بعينهم على نوع رديء وأشخاص آخرين على نوع جيد «هو انعكاس لتقييم الشارع للسياسيين والأحداث»، مستشهداً بصدام حسين الذي اختلف اسمه من نوع لآخر قبل إعدامه وبعد إعدامه، وحتى أثناء حرب الخليج في التسعينيات.
بدورها، أرجعت رئيسة جمعية رواد البيئية وحقوق الإنسان، وفاء المنيسي، هذه الظاهرة إلى أن «حياتنا بقت كلها سياسة»، ومن ثم أصبح بعض التجار يقولون ما بداخلهم من خلال بضاعة السوق. فإذا أرادوا مدح أحد أو بيان أن شأنه مرتفع بين الناس، أطلقوا اسمه على الأصناف الأجود والأفضل، إلا أنها أكدت على عدم تأثر الطبقات المثقفة بهذه الأسماء. فهي على سبيل المثال تذهب لشراء نوع محدد هو «الساكوتي» بغض النظر عمن يحمل اسمه التجاري هذا العام، بعكس بعض البسطاء ممن يتأثرون عاطفياً أحياناً باسم الصنف حتى لو كانت المفاضلة بين نوعين غير مرتفعي الثمن. وقد شهد رمضان هذا العام في مصر انخفاض مظاهر عديدة كانت تميزه واختفاءها، سواء في القاهرة أو الإسكندرية، أو غيرهما من المحافظات، مثل انخفاض بيع الكنافة والقطايف اللذين يشكلان ضيفاً رئيسياً على مائدة الأسرة المصرية. كذلك ضعف حجم الزينة المعلقة بصورة شديدة، لدرجة اختفاء ورق الزينة والفوانيس من شوارع القاهرة الفاطمية بما تمثله من بُعد تاريخي، وفلكلوري، فضلاً عن المناطق الشعبية التي كانت تتزين فقط برمضان، بما عكس حالة من الخمول والجمود على الشارع المصري صباحاً بسبب حر الصيف ومساءً بسبب قلة مظاهر البهجة فيه.
أحمد محسن، عضو شعبة الحلويات في الغرفة التجارية بالإسكندرية، أرجع غياب الكنافة والقطايف، إلى ارتفاع أسعار تأجير المعدات وزيادة أسعار الدقيق، الذي يعد المكون الرئيس لتصنيعهما، من 2150 جنيهاً إلى 2450 وأنواع أخرى من 3050 جنيهاً إلى 3130 جنيهاً للطن. كذلك ارتفع سعر العمالة في حر الصيف، بما أدى إلى تراجع 60 في المئة من تلك الصناعة ورفع الأسعار ليصل كيلو الكنافة إلى 8 و 10 جنيهات بعدما كان 5 و6 جنيهات. كذلك، لفت إلى أن الأزمة السورية أثرت في أنواع وأسعار قمر الدين، المشروب الرمضاني الشهير، ليرتفع سعره وتظهر أنواع أقل جودة منه في السوق المصرية، حيث كانت سوريا من أهم مصدري قمر الدين لمصر.
وعن اختفاء مظاهر رمضان هذا العام، أبدى الإسكندراني دهشته من هذه الظاهرة، مطالباً بإجراء دراسة على هذا الأمر للخروج بنتيجة غير تعسفية من قبيل أن وجود سلفيين وإخوان كثر في الحكم واختلاطهم بالعمل العام، مع عدم إقبالهم أو ترحيبهم بهذه المظاهر الفلكورية، هو السبب. ورجح «بشكل مبدئي» أن الخروج من الانتخابات الرئاسية وطغيان العامل السياسي، ربما يكونان أحد المداخل التفسيرية للأمر.
من جهتها، رأت المنيسي أن المظاهر الإيمانية والروح الرمضانية، تركزت في التجمعات الكبرى، مثل مسجد القائد إبراهيم وغيره، بما جعلها تنسحب من أماكن أخرى، مرجعةً ارتفاع أسعار المعيشة إلى انصراف الناس عن أمور ثانوية كانت تعد أساسية في إدخال البهجة على المجتمع.
________________________________________
حر ولا كهرباء
عزا الدكتور أحمد عبد الله، حالة الخمول والجمود التي يشهدها الشارع المصري إلى الحالة السياسية الضبابية والراكدة التي كانت تشغل الناس الأيام الماضية، «فلا جديد يفعلونه في هذا الحر سوى محاولة تمرير الوقت والأيام، لعدم القدرة على العمل في الحر، وتقليدية الأنشطة مساء من صلاة تراويح ونوم وسحور». كذلك ارجع انخفاض مظاهر رمضان إلى الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر والتي تجعل المواطن في حالة قلق وترقب دائم لها، وانقطاع الكهرباء الدائم الذي يجعل «إنارة فانوس في شارع مظلم نصف يومه أمر عبثي».
وتعاني مصر في الآونة الأخيرة من انقطاع غير مسبوق للتيار الكهربائي، ضاعفه الحر الشديد الذي أدى إلى زيادة الأحمال على الشبكة الكهربائية وجعلها عاجزة عن تلبية احتياجات المواطنين من الكهرباء. وهو ما أثار حفيظة المواطنين ودفعهم لمطالبة الحكومة الجديدة بضرورة ايجاد حل عاجل للمشكلة.

مرسي بين مواجهة الإسلاميّين والعسكر!



مرسي بين مواجهة الإسلاميّين والعسكر!

خيارات محدودة قد تكون أمام الرئيس المصري، محمد مرسي، للتعاطي مع هجوم سيناء، وسط ترجيحات بأن تؤدي إلى إحراقه سياسياً ووضعه إما في مواجهة الإسلاميين أو جنرالات الجيش وإسرائيل

عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 7 / 8 / 2012

http://www.al-akhbar.com/node/99551

جاءت تفجيرات سيناء لتفجّر معها نقاطاً ساخنة في وجه الرئيس محمد مرسي، صاحب الخلفية الإسلامية، والمنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. فتبنّيه لرؤية محددة في كشف أسباب التفجير ومنفذيه والوقوف والدفاع ضد رؤية أخرى، يضعه في حرج أمام الإسلاميين وبعض القوى الثورية، بما يؤدي إلى حرق التيار الإسلامي كله، إما بإظهار عجز مرسي في التصرف، أو شيطنة التيار وتحميله مسؤولية ما يحدث من اضطرابات بما فيها الاضطرابات الأمنية.
التكهنات التي خرجت من جميع الأطراف للبحث عن منفذي العملية تصب في اتجاهين اثنين. الأول يتعلق بأن منفذي العملية هم من جهاديي القاعدة بمساندة فلسطينية وتغافل إسرائيلي. والاتجاه الثاني يذهب إلى أن جهات استخبارية بتنفيذ ومساندة إسرائيلية هي التي قامت بالعملية باستعانة من داخل مصر. وهما احتمالان يضعان مرسي في حرج أمام التيارات الإسلامية وأمام الرأي العام إذا ما تبنى رد فعل قوي تجاه أحد الاحتمالين، ولا سيما أن مرسي غير قادر على اتخاذ تدابير بمفرده في ظل وضع قوي للمجلس العسكري في ما يتعلق بتأمين البلاد.
ففي حال تبني الرؤية الرسمية بأن هؤلاء جهاديون حصلوا على مساعدة فلسطينية، فإن هذا يضع مرسي في مواجهة مع قطاع غزة، الذي يلاصق الحدود المصرية. أبواق الإعلام التابع للفلول لن تكف عن اتهام «حماس» الإخوانية، التي تدير قطاع غزة بأنها السبب الرئيسي وراء هذا الأمر، هذا فضلاً عن وضع مرسي في موضع الاتهام بسوء التقدير لقراره السابق بفتح معبر رفح بشكل دائم أمام الفلسطينيين وإلغاء التأشيرات. وهذا يعني خروج نفس الدعوات التي طالبت بإغلاق المعبر وتدمير كل الأنفاق المؤدية إلى غزة، سواء المستخدمة في إمرار الاحتياجات الرئيسية لأهالي القطاع أو الأسلحة للمقاومة الفلسطينية، مع شيطنة المقاومة واعتبارها ترغب في جر مصر إلى حرب مع إسرائيل، تمثل غطاءً لها في التحرك نحو مقاومة المحتل الإسرائيلي.
وسيجد مرسي نفسه في حرج بالغ أمام الإسلاميين، إذا ما أقدم أو وافق على تبني هذه الرؤية واستجاب للضغوط التي تلقي باللوم أو الاتهام لأي عناصر فلسطينية، لأنها ستضعه هو وجماعته أمام محك اختبار طالما تصدت له الجماعة وهو شيطنة الفلسطينيين ومحاصرة قطاع غزة وإغلاق معبر رفح وتدمير كل الأنفاق.
ومن المتوقع أن يتزامن مثل هذا التصعيد مع تعثر في ملف المصالحة الفلسطينية، وعدم الترحيب بقادة الفصائل في مصر من قبل الرأي العام والشارع المصري، إضافةً إلى اتهام مرسي في بلاغات رسمية بزعزعة الأمن العام بقرارات الإفراج عن جهاديين وإسلاميين سابقين في الآونة الأخيرة. ومن ثم تكون المحاولة الأولى في وضع مرسي في مواجهة مع التيار الإسلامي لحرقه، وإظهاره بمظهر المتناقض في مواقفه أو المتخاذل في دعم الأشقاء والاستكانة في مواجهة من يتشيطنون المقاومة وأشقاء عرب ومسلمين، والمتخبط في اتخاذ القرارات بشأن وضعهم في غزة.
أما في حال تبني الرؤية الأخرى الخاصة بالضلوع الإسرائيلي في الهجوم مع جهات استخبارية أو تسهيل مهمة جهاديي تنظيم القاعدة، فإنها ستضع مرسي في موقف حرج آخر، وهو حتمية الرد على الجانب الإسرائيلي والمتورطين معه والقصاص للشهداء. وهو ما أمر ليس بالسهل لإعلانه سابقاً احترامه معاهدات مصر الدولية، والتي من بينها اتفاقية كامب ديفيد التي تكبل الجانب المصري في سيناء، ولا سيما المنطقة الحدودية الملاصقة لإسرائيل والمعروفة بالمنطقة «ج».
كذلك، فإن محاولة الرد المباشر أو التصعيد الدبلوماسي من شأنه إدخال البلدين في توتر ينسحب على العلاقات الخارجية المصرية، والتي تؤجل مصر التعامل معها إلى حين إصلاح الأوضاع الداخلية، بما قد يعظم من دور المجلس العسكري ويزيد من خشية الدخول في أي مواجهة من أي نوع في هذا التوقيت الحساس لمصر، أو الانزلاق في سيناريوهات غير مرغوب فيها الآن بالنسبة إلى الجانب المصري ويفكر فيها «رجل الدولة المسؤول» قبل الإقدام عليها. ومن ثم تؤول المسؤولية في هذا الملف إلى الجانب العسكري بوصفه المتحمل الأكبر للكلفة في حال حدوث أي مواجهة تكتيكية أو استراتيجية. وهو ما قد يزيد من سخط العديد من القطاعات الثورية والإسلامية التي سترى في هذا تهاوناً في حق الدماء المصرية لا يمكن السكوت عنه، بعدما كان يُغضّ الطرف حياله إبان عهد حسني مبارك. ويُظهر هذا الخيار مرسي في وضع المستكين غير القادر على حماية أرواح المصريين والمسلمين، من مؤامرات الإسرائيليين، والعاجز عن إقالة العسكريين المتسببين بضعف تدريب الجنود والضباط، والغارقين في بحور السياسة ومزاحمة المدنيين في إدارة البلاد. وهو ما من شأنه أن يُظهر مرسي أيضاً عاجزاً أمام رئيس المجلس العسكري محمد حسين طنطاوي وقادة الاستخبارات والجيش، بما يؤدي إلى إحراقه سياسياً في المستقبل القريب، بما يدفع في إحراقه وإحراق التيار الإسلامي «سياسياً _ أمنياً في المستقبل».

وفاة عمر سليمان.... كام أسرار مبارك



وفاة عمر سليمان

جنازة عسكريّة لكاتم أسرار مبارك


غلق صندوق أسرار حسني مبارك، أمس، بوفاة نائب الرئيس المصري، رئيس الاستخبارات السابق، عمر سليمان، عن عمر يناهز 76 عاماً. ولطالما لفّ الغموض تفاصيل حياة سليمان، بالرغم من إمساكه بأسرار أكثر الملفات المصرية والإقليمية حساسيةً

عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 20 / 7 / 2012

http://www.al-akhbar.com/node/98215

«رحل الرجل الغامض». «أغلق الصندوق الأسود». «عقل مبارك توقف». عبارات عديدة تداولها مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» لوصف وفاة عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق، ورئيس الاستخبارات السابق عن عمر يناهز 76 عاماً، بمستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة، أثناء خضوعه للعلاج، لتستعد السفارة المصرية هناك لنقل جثمانه إلى مصر لإقامة جنازة عسكرية له قبل دفنه. وعلى الرغم من إعلان حسين كمال، مساعده الأبرز والملقب إعلامياً «بالراجل اللي واقف وراء عمر سليمان»، أنه توفي «أثناء خضوعه لفحوصات طبية، وأن الموت حدث فجأة»، إلا أن مصادر أخرى قريبة من دائرة سليمان أكدت أنه كان يخضع لعلاج القلب وأنه كان مريضاً منذ فترة، وأنه جاء من أبو ظبي سراً للخضوع للعلاج، قبل أن يتوفى فجر أمس الخميس.
ولعل العبارات التي استخدمت لوصف رحيل سليمان، والتضارب في المعلومات عن سبب وفاته، تلخص شخصية هذا الرجل الذي قبع على رأس جهاز الاستخبارات العامة نحو 18 سنة منذ أن تولاه في كانون الثاني عام 1993.
هذا الغموض الذي لف سليمان وأحواله الفترة الأكبر من حياته، كان طبيعياً بالنسبة إلى شخص يحمل أسراراً تمس كل أرجاء الدولة المصرية وعدداً من الملفات الإقليمية. فهو جلس على رأس جهاز الاستخبارات في تاريخ مصر الحديث أطول فترة، وهو رجل مبارك الأمين الذي صعد نجمه أمنياً بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، في أديس أبابا بإثيوبيا عام 1995، إذ أصر على وجود سيارات مصفحة في وفد الرئيس ومرافقته بالرحلة إلى هناك. هذا الأمر جعل مبارك يثق به إلى درجة منحه سلطة إدارة ملفات حساسة كتصدير الغاز المصري لإسرائيل بثمن بخس، وملف المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، وإدارة جزء من ملفات الصراع مع الحركات المسلحة في مصر في التسعينيات. كما اختاره مبارك لمنحه ثقة تولي منصب نائب رئيس الجمهورية في 29 كانون الثاني عقب اندلاع جمعة الغضب في مصر وخروج الأحداث عن سيطرة مبارك، وهو ما يكشف حجم هذه الثقة، إذ امتنع مبارك عن تعيين أحد في هذا المنصب طوال 30 عاماً.
وكان سليمان يلقب برجل الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، نظراً الى دوره في برنامج عمليات التعذيب بالوكالة الذي نفذته واشنطن بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لبعض البلدان العربية وأوروبا الشرقية. ورافق الغموض سليمان منذ أن التحق بالقوات المسلحة في التاسعة عشرة من عمره، عندما شارك في حروب اليمن عام 62 وحربي 67 و73، دون أن تُعرف طبيعة مهماته بها، إلى أن ترقى وتدرج في وظائف بالقوات المسلحة المصرية، مروراً بتوليه منصب رئيس فرع التخطيط العام بالهيئة العامة للقوات المسلحة، ثم مديراً للاستخبارات العسكرية عام 1992 قبل تولي منصبه رئيساً للاستخبارات العامة.
لم تنصبّ دراسة سليمان على العلوم العسكرية فقط، حيث درس في أكاديمية فرونزي بالاتحاد السوفياتي، وحصل بعد ذلك على ماجستير في العلوم العسكرية، لكنه درس أيضاً العلوم السياسية في جامعتي عين شمس والقاهرة ليحصل بعد ذلك على ماجستير في العلوم السياسية في الثمانينيات.
ومنذ أن أغلق ملف المراجعات للحركات الإسلامية الذي تأخر توقيع سليمان للموافقة عليه 6 أشهر، بعدما وقّع صاحب المبادرة مصطفى رفعت رئيس جهاز أمن الدولة في نهاية التسعينيات عليه، بدأ سليمان يتردد اسمه همساً في أروقة السياسة، قبل أن يعلو هذا الصوت رويداً ويخرج سليمان، ليكون ضمن الكادر الذي يظهر فيه الرئيس في مؤتمرات سياسية بحتة، سواء في جامعة الدول العربية أو غيرها، ويكون طرفاً ظاهراً في مفاوضات وأمور سياسية بحتة، ولا سيما في الفترة التي أعقبت الحراك السياسي الذي بدأ في مصر عام 2004 والذي تفجر معه جدل التوريث بشدة. وكان سليمان إحدى الأوراق البديلة لمبارك في حال فشل مشروع تولي الابن رئاسة البلاد، أو في حال رفض الجناح العسكري في النظام لجمال مبارك.
وهو الأمر الذي وصل إلى ذروته عام 2010 عندما أطلق مجهولون حملة بوسترات له في شوارع القاهرة مرشحاً للرئاسة عام 2011، وهو ما رفضه سليمان، مؤكداً احترامه وولاءه لمبارك.
وكان من بين الخطوات الغامضة، التي اتخذها سليمان، الترشح لرئاسة الجمهورية عقب الثورة في خطوة فجرت جدلاً كبيراً، نظراً إلى اتهامه الشعب المصري بأنه غير جاهز للديموقراطية، ولكونه رجلاً عاش طوال عمره في الظل. هذه الخطوة جرّت عليه انتقادات من معارضيه، فما كان منه إلا الرد بالقول إنه «يملك الصندوق الأسود الذي يحتوي على أسرارهم فيه»، ليردوا عليه بالقول نفسه، ولا سيما جماعة الإخوان والإسلاميين. وكان سليمان قد ادعى أنه تعرض لمحاولة اغتيال أثناء الثورة، نفاها العسكريون آنذاك وهو لم يثبتها.
والغموض لم يكن من نصيب الحياة السياسية لسليمان فقط. ووفقاً لمصادر مقربة من عائلته، فإن سليمان لم يولد في محافظة قنا بصعيد مصر، لكنه ولد في أحد الأحياء الشعبية بمحافظة القاهرة. وقالت المصادر إنه كان حسن العلاقة مع عائلته، حيث كان يفضل أن يقضي إجازته وسط أحفاده، إذ إنه أب لثلاث بنات، وكانت هداياه تصل إلى درجة أن أهدى أحد أشقائه سيارة جديدة.
ورغم غموض حياة سليمان، إلا أن الجدل الأكبر انصبّ فور وفاته على جواز أو عدم جواز الترحم عليه أو الدعاء له بالرحمة، إذ اعتبره كثير من النشطاء والإسلاميين بأنه عاث في الأرض فساداً وكان كنزاً استراتيجياً لإسرائيل مثل مبارك، وعدواً لحركات المقاومة ضد إسرائيل وأميركا. في المقابل، رأى آخرون أن «محاكمته العادلة في السماء، حيث لن تضيع الأدلة أو تطمس ولن يتأخر الشهود أو يكذبوا».

الإسكندرية: بلد الـ "75 ضريح والـ 27 مولد"



الإسكندرية: بلد الـ "75 ضريح والـ 27 مولد"
أقدمها لـ«الطرطوشى» وأحدثها لـ«مصطفى جاد».. و5 لـ«الصحابة».. واثنان فى جزيرة
كتب : عبدالرحمن يوسف تصوير : ناجى درازالثلاثاء 31-07-2012 11:50
http://www.elwatannews.com/news/details/32668
هى مدينة الأضرحة بلا منازع، ولكل ضريح حكاية، أغلبها لشخصيات لم تحظَ بالشهرة.. ولا تقام لها موالد ولا تُشد إليها الرحال، ورغم ذلك يظل أصحابها «بركة» والسكنى إلى جوارهم «قربى» من الله وأوليائه.
وخلال شهر رمضان، تشهد الإسكندرية ما يزيد على 27 مولداً واحتفالية دينية، والتى تعتبر موسماً دسماً خاصة لمريدى الطرق الصوفية، يرجع الشيخ جابر قاسم، وكيل مشيخة الطرق الصوفية بالإسكندرية، تلك الظاهرة إلى كونها مدينة ساحلية بها أهم موانئ مصر منذ القدم، وظلت العاصمة إبان الفتح الإسلامى، وهو ما جعل لها وضعاً متميزاً، خاصة بسبب النوات الشتوية التى تهب عليها، وتركز العمل قديماً على الميناء وما يرتبط بها، مما أدى إلى أن تكون أغلب الموالد فى فصل الصيف، خاصة أكبرها، وهو مولد أبوالعباس المرسى، الذى انتهى قبل بداية رمصان بأيام قليلة.
ولعل كثرة الموالد والاحتفالات الدينية التى تُعقد هذا العام، تدفع الكثيرين إلى التساؤل عن العدد الفعلى للأضرحة فى الإسكندرية، لا سيما أن الكثير من الناس لا يعرفون عن أضرحة الإسكندرية أو أوليائها إلا ما ارتبط بمناطق بعينها، كسيدى بشر وسيدى جابر وأبوالعباس وأبوالدرداء، أو كما ينطقه السكندريون «أبو الدردار»، الذى اختلفت حوله الروايات، هل دخل مع الفتح الإسلامى؟ أم أن هذا ولى ويتشابه اسمه مع الصحابى الجليل؟
ويجيب عن هذا التساؤل الشيخ جابر قاسم، قائلاً: «عدد الأضرحة فى الإسكندرية يبلغ قرابة 75 ضريحاً»، مبيناً أن أغلبها لـ«مغاربة أو أندلسيين مروا بالإسكندرية أثناء رحلاتهم للحج أو جاءوا إلى مصر، مع الفتح الإسلامى أو بعده متأثرين به».
ومن بين هذه الأضرحة الكثيرة، أضرحة تعد مجهولة، إلى غير المختصين على الرغم من أهميتها، فى تاريخ الصوفية الإسلامية بمصر عامة والإسكندرية خاصة، فربما يندهش الكثير عندما يعلم أن أقدم ضريح فى الإسكندرية ليس أحد الأضرحة المشهورة للعامة، ولكنه ضريح «سيدى أبوبكر الطرطوشى»، الموجود بها منذ القرن الخامس الهجرى وموجود بمنطقة السكة الجديدة، أو الباب الأخضر، كما يطلق عليها أحياناً، والطرطوشى هو أحد الفقهاء الذين قدموا من الأندلس من مدينة طرطوش، لكنه طاف عدداً من المدن كمكة والشام قبل أن يستقر به الحال فى الإسكندرية، وله 22 مؤلفاً، أبرزها «سراج الملوك»، الذى يتحدث عن فنون الحكم والسياسة وكيف تكون العلاقة بين الراعى والرعية، وقد دفن بجانب ضريح الطرطوشى تلميذه محمد الأسعد، ويتم الاحتفال به يوم 18 رمضان.
ومن بين الأضرحة ذات الوقائع اللافتة فى سيرة الأولياء بالإسكندرية، ضريح سيدى أحمد المتيم، المدفون بشارع السلطان حسين أمام حدائق الشلالات، فبحسب الشيخ جابر قاسم، فقد كان مدفوناً فى الحدائق نفسها مع ثلاثة من إخوته الذين يتحدرون جميعاً من نسل على زين العابدين بن الحسين، رضى الله عنه، فحين أرادت الدولة توسيع الحدائق، ومن ثم نقل رفات هؤلاء الأولياء الأربعة، توقف رفات أحمد المتيم فى المكان الموجود به مسجده ومقامه الآن، ورفض السير مع الباقين الذين وضع رفاتهم فى منطقة مسجد الـ14 ضريحاً القريبة فى منطقة ميدان المساجد بمنطقة بحرى.
ولأن الإسكندرية مدينة ساحلية فإن وجود ضريحين داخل جزيرة صغيرة بالبحر غير مستغرب، كضريح سيدى محمد العجمى والموجود داخل بحر ميناء الدخيلة، ويسرى عليه ما يسرى على الضريح السابق، لكن مريدى الشيخ يحتفلون به فى ساحته منذ قرابة 52 عاماً بعيداً عن شاطئ البيطاش، المكتظ بالمصيفين.
ويعود سبب وجود ضريح الشيخ فى عرض البحر إلى وفاته، وهو قادماً من المغرب إلى الإسكندرية على جزيرة بالبحر قرب الشاطئ وقف للاستراحة عليها وسميت منطقة العجمى على اسمه، ومما يعرف من كرامات الشيخ أنه لم يكن يحب النساء، لذا كانت مراكب السيدات التى تذهب إلى ضريحه تغرق وسط الطريق، فمنعت النساء من الذهاب إلى المسجد.
وهناك ضريح آخر بالبحر لسيدى محمد رحال والموجود ببحر المعمورة، ولا يذهب إليه إلا وكيل المشيخة وذوو الشيخ، وذلك لوضع الكسوة السنوية له وتلاوة الأذكار الإسلامية، بإذن من القوات المسلحة لقربه من القاعدة البحرية هناك.
وهناك بعض الأضرحة التى تثير جدلاً فى الإسكندرية، كالضريح الموجود بمسجد النبى دانيال أشهر شوارع وسط الإسكندرية، إذ تتضارب الروايات حول ماهية المسجد، فهناك روايات تؤكد أنه كان معبداً أو مكاناً يخص نبى الله دانيال، أحد أنبياء اليهود، وتغير المكان ليصبح مسجداً يحمل نفس الاسم، بينما توجد رواية أخرى تقول بأنه لأحد العارفين بالله، وهو محمد دانيال الموصلى، الذى جاء إلى الإسكندرية فى نهاية القرن الثامن الهجرى واتخذ من مدينة الإسكندرية مكاناً لتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على نهج الشافعية، وظل بمدينة الإسكندرية حتى وفاته سنة 810 هـ فدفن بالمسجد، وأصبح ضريحه مزاراً للناس، وله احتفالية تقام سنوياً بعد عيد الأضحى، حيث يأتى مريدون من الدول الآسيوية، خاصة دولة الهند من مشايخ البهرة وأتباعهم، ويتم الهبوط لهذا الضريح بسلم فى عمق يصل إلى 5 أمتار.
ومن بين أصحاب الأضرحة التى يشتهر أصحابها وسط الصوفية بالكرامات، سيدى محمد سابق بن شيحة الذى عرفت عنه خلوته العامرة بالوافدين عن طريق البحر، حيث كان يوقد قنديلاً ينير الطريق للمسافرين، وذكره المقريزى: «أن من كان يقف بكوم الناضورة يرى قنديل الشيخ «سابق» وخلوته الموجودة على ربوة مرتفعة عن الأرض أمام البحر، التى يقع موضعها الآن أمام 18 للميناء بمنطقة سوق الجمعة، ودفن بخلوته ومسجده وساحته أسفل الخلوة، ومما يعرف عنه من كرامات وجود نبع بئر لا ينضب من الماء فيه شفاء للمرضى».
ومن الأضرحة غير المعروفة رغم وجودها أمام المارة بكثرة فى شارع النبى دانيال، ضريح سيدى عبدالرازق الوفائى، بشارع النبى دانيال والموجود فوق أثر، ويعتقد أن المنطقة الموجودة أسفله تحتوى على قبر الإسكندر الأكبر، نظراً لما تحتويه من آثار رومانية ويونانية قديمة.
ويعد من أكثر الأدلة بروزاً على حضور الإسكندرية على الساحة الثقافية الإسلامية، إدراج ضريحى الحافظ السلفى أحد أصحاب مدارس الحديث، والفقيه القاضى سند بن عنان، بكتاب «الإسكندرية عاصمة الثقافة الإسلامية» الذى أشرفت على إصداره منظمة اليونسكو عام 2010.
أما أحدث الأضرحة الموجودة بالإسكندرية فيعود عمره إلى قرابة 30 عاماً، وهو للشيخ محمد مصطفى جاد، أحد علماء الأزهر الشريف، الذى أطلق اسمه على المعهد الأزهرى بمنطقة الورديان ويتبع طريقة المرازقة الأحمدية، والذى تعرض رفاته للإبعاد ومحاولة الإتلاف بعد الثورة، وفقا لقاسم، إلا أن من كرامات الشيخ أنه بعد نقله إلى المقابر أعادوه كما هو، على حد قوله.
وقال قاسم لـ«الوطن»: إن الأضرحة فى الإسكندرية تتعرض لمحاولات إتلاف أو سرقة للمساجد الموجودة بها، من قِبل بعض التيارات المتشددة، التى لم يسمها، كاشفاً عن أن هناك حالات تعدّ منظورة بلاغات بشأنها أمام عدد من النيابات بالإسكندرية، تخص الأضرحة أو بعض الأوقاف التابعة لأصحاب هذه الأضرحة، كأرض الوقف التابعة لسيدى عبدالقادر الجيلانى التى كشف عن أنه كان مبنياً عليها عقار حارة «البطرقية» التى انهارت مؤخراً، معتبراً أن ما حدث للعقار «علامة من الله لمن يتعدى على مقابر أولياء الله».
جدير بالذكر أن الإسكندرية توفى ودفن بها 5 من الصحابة، إلا أن قبورهم قد محا الزمان أثرها واختفت معالمها، والصحابة هم «برتا بن الأسود بن عبدشمس القضاعى»، الذى شهد فتح مصر وقتل يوم فتح الإسكندرية، و«بتيع بن عامر الحميرى»، وكان دليلاً للنبى صلى الله عليه وسلم مع أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وتوفى بالإسكندرية سنة 101 هجرية، و«سفيان بن هانى جير أبوالجيشانى المصرى»، شهد فتح مصر ومات بالإسكندرية، و«سُرّق بن أسيد»، و«المستور بن شداد بن عمرو الفهرى القرشى المكى»، الذى شهد فتح مصر.
ودفن بالإسكندرية 2 من كبار التابعين، هما عبدالرحمن بن هرمز، الذى يحمل اسمه مسجد بمنطقة رأس التين، والتابعى المحدث يعقوب بن عبدالرحمن، وله ضريح يحمل اسمه بجوار مبنى المحافظة القديم بالإسكندرية.



ملف كارثة انهيار العقارات بالإسكندرية "حارة البطرقية نموذجا".



حارة «البطرقية».. مائة عام من العزلة وسط الإسكندرية
المقاولون الفاسدون استعانوا ببعض من رجال الحى الفاسدين حتى وقعت فاجعة انهيارات المنازل
كتب : عبدالرحمن يوسفالإثنين 16-07-2012 13:35

http://www.elwatannews.com/news/details/27481
تقف عزة حمدى السيدة الأربعينية، أمام مقتنيات منزل أختها وهى فى حالة ذهول مما يحدث، فابن شقيقتها يقف مع مقتنيات منزلهم وبجواره جيرانه ممن أجبروا على النزول من منازلهم المتصدعة والقديمة المجاورة للعقار المنهار، بينما يواصل آخرون من بيت مجاور له إنزال باقى المقتنيات السليمة الناجية، علها تسترهم فى الأيام القادمة من عراء الشارع، فبحسب عزة «مش ممكن حنعيش فى الرعب ده تانى ونستنى باقى البيت يتهد فوق دماغنا»، لكن ابن شقيقتها يقول إن «حقنا عند الحكومة ولو هى مش جبته إحنا حنعرف نجيبه منها».

هذا المشهد ومعه هؤلاء الواقفون فى شرفات منازلهم، خوفاً ورعباً من انهيار عقار آخر، من العقارات المبنية فى تلك الحارة الضيقة، التى يبلغ عرض أوسع ممراتها 4 أمتار على قلتها، يلخص حالة حارة «البطرقية» التى تتوسط ثلاث مناطق تمثل أصل وأساس الإسكندرية، فهى تبدأ من باب 10 للميناء فى حى الجمرك وتمتد طوال شارع «السكة الجديدة»، وحتى كوم الناضورة فى المنشية، إلا أنها رغم ذلك، تعيش ما يقرب من مائة عام فى «عزلة».
عند دخولك للحارة من أى من الشوارع الرئيسية الواسعة المحيطة بالحارة التى تكتظ بالتجار وشركات الاستيراد والتصدير والمبانى التاريخية التى بناها الإنجليز قديماً، لن يكون بمقدورك أن تتخيل هذا الضيق الموجود بالحارة وتلك الممرات التى لا تكفى إلا لعبور شخص بمفرده، أو تلك البيوت المتهالكة وتلك العشش من الصفيح الموجودة بمنتصف شوارع تكسوها القمامة وأخرى تغطيها مياه الصرف.
حارة «البطرقية» كما يروى الريس محمود عبدالعال (53 سنة - بحار) تعود تسميتها إلى ما يعرف بسيدى «البقطرى» أحد الشيوخ الذين قدموا إلى هذا المكان منذ أكثر من مائة عام، الريس محمود الذى يسكن فى عقار مقابل للشارع المنكوب، شرح لـ«الوطن» كيف يعيش الناس فى هذه الحارة ما بين أثرياء وفقراء، فالأثرياء هم تجار المخدرات المنتشرون فى أزقة الحارة والفقراء هم من يعيشون «على باب الله» ولا تؤويهم سوى غرفة أو كشك بسيط فوق أحد المنازل القديمة التى يعود عمرها إلى 60 عاماً، على جانبى الطريق.
وعن طبيعة عمل ومصدر رزق أهالى الحارة، أوضح الريس محمود أن شباب الحارة أغلبهم من «الصنايعية» و«حرفيين» الذين يعملون فى مهن مختلفة كالنجارة والمحارة والدهانات وفى البحر، بينما يعيش ذوو الأعمار الكبيرة إما على معاش الضمان الاجتماعى أو على الإعانات التى تأتى من أهل الخير.
أما كيف نشأت هذه الحارة وما الذى جعل البيوت على الوضع العشوائى المتهالك والموجودة به حالياً، فقد أجاب «حامد منصور، 30 سنة، كهربائى) قائلاً إن غالبية سكان الحارة قدموا منذ أكثر من 80 عاماً إلى الإسكندرية من مناطق متفرقة من صعيد مصر، خاصة أسيوط وسوهاج التى تشكل عائلتا البنوبية والعسوية القوام الأكبر منها، وذلك للعمل كحمالين فى ميناء الإسكندرية، بما اضطر الحكومة آنذاك لبناء أكشاك للبيات فيها شكلت النواة الأولى لحارة «البطرقية»، فيما بنى الإنجليز مساكن لهم فى الشوارع المحيطة، أخذها فيما بعد هؤلاء الحمالون بعد الرحيل الإنجليز، منبهاً إلى أن معيشة هؤلاء الحمالين كانت مقننة بعد بناء الحكومة لهم مستوصفاً ومدرسة سميا باسم مستوصف ومدرسة الحمالين وهى قائمة حتى الآن.
ويتابع منصور، الذى عمل فى إدخال الكهرباء لبعض عمارات الحارة قائلاً «مع مرور الوقت أصبح البناء فى هذه الحارة يتم بشكل عشوائى كنشأتها حتى أصبحت مهنة المعمار فى الحارة «مهنة من لا مهنة له»، فالبيوت القديمة لم تكن تبنى على أيدى مهندسين بل على يد الأهالى»، وهو ما يفسر الضيق الشديد للممرات، ووجود عروق خشبية تسند بعض الحوائط، والمداخل المتهالكة.
وحديثاً أقنع عدد ممن يمتلكون المال، السكان بالخروج منها وهدمها مقابل شقق جديدة، فى العمارة التى سيبنيها المقاول، ولأن البيوت قديمة فقد لجأ هؤلاء المقاولون إلى شراء 3 منازل مجاورة دفعة واحدة ليتمكنوا من بناء أكبر قدر من المساحة.
وكشف حامد منصور لـ«الوطن» أن هناك قرابة 13 أو 14 عمارة بنيت بعد الثورة، ومازال البناء مستمراً وبارتفاعات شاهقة، مبيناً أنه رغم خطورة الوضع فإن أسعار الشقق تبلغ من 100 إلى 150 ألف جنيه - على حد قوله.
وعلى مقهى صغير التقت «الوطن» بإبراهيم رمضان (32 سنة) وهو صاحب المخبز الذى انهار فوقه العقار ليكشف أن العمارة التى انهارت كانت مبنية فوق مساحة قدرها 28 متراً مربعاً فقط، مبيناً أن العمال الموجودين لديه فى الفرن كانوا 4 منهم 2 ماتوا و2 أحياء، كاشفاً عن أن الأهالى حذروا من بناء هذه العمارة، إلا أن صاحبها «أحمد السيد أجبر - رجل أربعينى» لم يلق لهم بالاً، وكان يستعين ببعض من رجال الشرطة الفاسدين، ويرشى إحدى مهندسات حى الجمرك شهرياً، لعدم وقف البناء، حتى أنه اضطر للتشاجر معه فى إحدى المرات.
وأوضح إبراهيم أن هذا الفرن عمره قرابة 90 عاماً، وما زال يعمل فى إنتاج الخبز حتى الآن، مبيناً أن صاحب العقار كان يعمل فى الحلويات، مختتماً حديثه بالقول «لو الحكومة ماجابتوش إحنا حنجيبه».

بطولات الأهالى صفحات منسية وسط فاجعة الانهيار

http://news.elwatannews.com/news/details/27487

فى خضم الفاجعة، وبينما الجميع مشغولون، بعدد الضحايا والاتصال بقوات الدفاع المدنى، كان هناك شباب صغير السن كبير الهمة، يتحرك بمفرده وسط الأنقاض، مستخدماً يده كرافعة للبحث عن أحياء تحت الأنقاض، دون أن ينتظر أمراً من أحد، أو تعليمات من مسئول، فقط تحركه نخوة ابن البلد وضمير الإنسان.

محمد عاطف، شاب عشرينى، خلع قميصه فور انهيار العقار، بادئاً بتحرك فورى، ليتمكن من إنقاذ رجل وطفل، من تحت الأنقاض، دون أن يشعر به أحد، أو يهلل له جمهور.

عاطف ومعه إسلام عيسى 18 عاماً، حملت نظراتهما ألماً وأملاً طوال 6 ساعات من رفع الأنقاض، إلا أن المميز فيهما هى تلك النظرة الثابتة، والمتوقدة، التى لم تغير وجهتها، صوب كاميرا، أو تسجيل، فقط ثبتت فوق هذا الركام، لتنتقل منه إلى المعدات القادمة، وتشرح لها خارطة الطريق للتعامل مع هذه الحارة الغريبة فى تكوينها.

ورغم حر الصيف وارتفاع الرطوبة الشديد، كانت شرفات الأهالى فى المبانى المجاورة تلقى بزجاجات المياه المثلجة لهؤلاء الشبان فى مشهد يوضح كيف يعيش أهالى الأحياء الشعبية فى تضامن، يحرج أجهزة الدولة التى تتأخر فى «تضامنها الرسمى معهم».

مساعدات عاطف وإسلام كشفت مدى احتياج قوات الدفاع المدنى وأجهزة الدولة للموارد البشرية والجهود الشعبية التى فقط تحتاج إلى تدريب على أساليب الإسعافات الأولية، لتكمل بطولاتها بطريقة كاملة.

أسامة الفولى.. العاجز دائماً

http://www.elwatannews.com/news/details/27413


لن يكون هناك شخص متحسراً على عدم قدرته على امتلاك شخصية قوية أمام من يدير مصر كأسامة الفولى محافظ الإسكندرية الحالى، الذى قال مؤخراً إنه تقدم باستقالته عدة مرات لعدم تعاون الأجهزة التنفيذية والأمنية معه، لكن هذه الاستقالة دائماً ما كانت ترفض من قبل المسئولين.

تولى أسامة الفولى منصب محافظ الإسكندرية خلفاً للدكتور عصام سالم، بقرار من رئيس الوزراء السابق عصام شرف فى الرابع من أغسطس من العام الماضى، وذلك بعد احتجاجات طالت سالم، وصلت لحد التظاهر ضده فى أرجاء المحافظة، ورغم أن الفولى لم يكن أحسن حالاً من سلفه، إذ قوبل برفض من قطاعات عريضة بوصفه أحد فلول الحزب الوطنى السابق، حيث تولى عمادة كلية الحقوق فى أغسطس عام 2006 -2011 بعد أن تدرج فى عدد من المناصب التى لا يصل إليها إلا بالتعيين كوكالة كلية الحقوق بين عامى 1997 و2001، ووكالة وزارة التعاون الدولى عام 2000.

لكن هذا سرعان ما تراجع إذ شفع له عدد من العوامل من بينها تاريخه العلمى وصغر سنه مقارنة بسلفه، حيث بلغ سالم 70 عاماً بينما كان الفولى المولود بالإسكندرية فى الـ58 من عمره وقت أن تولى المنصب، بالإضافة إلى رغبة قطاعات واسعة من الجماهير فى الاستقرار النسبى، وإعطائه فرصة خاصة مع الوعود التى أطلقها بأن مكتبه سيكون مفتوحاً للجميع، وأنه ذو خلفية اقتصادية إذ أن خلفيته العلمية والمهنية تمر عبر مجالات الاقتصاد.

وفى بداية مجىء الفولى نظر له العديد من الشباب نظرة مزدوجة، فشباب القوى السياسية، ولا سيما شباب الإخوان المسلمين نظروا إليه كونه أحد كوادر الحزب الوطنى السابقين وأحد العمداء المتعسفين مع الطلاب ذوى النشاط السياسى، خاصة أنه قام بفصل 7 طلاب عام 2007 من شباب الإخوان وحول آخرين إلى مجلس تأديب على خلفية نشاطهم فى الكلية، بينما كان الشباب العاديون ينظرون إليه كأستاذ محبوب داخل مدرجات الكلية يمزح ويتبسط نسبياً معهم، وهو ما أثار جدلاً حينئذ على مواقع التواصل الاجتماعى عن المقارنة بين خلفيته العلمية والشخصية، وبين خلفيته السياسية والإدارية.

وقد ورث الفولى تركة ثقيلة من الأعباء فى محافظة تعد العاصمة الثانية ويمر منها 60% من تجارة مصر، وبها مشكلة أرقت محافظها الأسبق عادل لبيب وهى البنايات الشاهقة، وما تخبئه خلفها من مافيا فساد كبيرة فى الأحياء.

ورغم استقبال الفولى للعديد من أصحاب المشكلات بصدر رحب فى بداية توليه منصبه، كأهالى الشهداء الذين التقاهم فى سبتمبر الماضى بالغرفة التجارية أو نواب مجلس الشعب والشورى ممن يحملون له مشكلات وحلول لما تعانيه المحليات بالمحافظة، إلا أنه لم ينجح حتى الآن فى تنفيذ وعوده أو تغيير شىء حقيقى على أرض الواقع، ما جعله «العاجز دائماً».




عقارات عروس البحر المتوسط مهددة بالانهيار

عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 18 - 7 - 2012

http://www.al-akhbar.com/node/98003

الإسكندرية | جاءت كارثة انهيار عقار في الإسكندرية بحي الجمرك فوق ثلاثة منازل أخرى مجاورة عصر السبت الماضي، والتي أدت إلى سقوط 19 قتيلاً و7 مصابين، فضلاً عن تشريد عشرات الأسر، لتعيد تسليط الضوء على ملف البناء المخالف والمباني المهددة بالانهيار في مصر، وتحديداً في الإسكندرية.
مسلسل انهيار العقارات المتوالي في الإسكندرية ليس بجديد. بدأ في السابع من حزيران عام 2005، حينما انهار عقار بمنطقة فلمنج التابع لحي شرق بالإسكندرية وأدى إلى مصرع 21 شخصاً، أعقبته انهيارات متتالية للعقارات في مناطق متفرقة على مدى السنوات الماضية، خلفت وراءها ضحايا كثر، من بينها انهيار مصنع بمنطقة محرم بك أدى إلى وفاة 26 شخصاً. والمتتبع لكل هذه الانهيارات، يلحظ أنها طالت جميع أرجاء المحافظة. وربما كان أبرز أسباب تفشي هذه الظاهرة، يعود إلى عهد المحافظ السابق عبد السلام المحجوب، الذي كان يعطي رجال الأعمال اعفاءات وتسهيلات في البناء، مقابل أن يجمّل كل واحد منهم ميداناً بصورة شكلية أو يقوم بطلاء واجهة بناية مطلة على شارع رئيسي، وهو أدى إلى تفشي حالة من البناء العشوائي، ضغط على مستوى كفاءة البنية التحتية وأسس لمافيا من الفساد في المحليات والأحياء، بذريعة تجميل المدينة. أما السبب الثاني، فيعود إلى أن كثيراً من هذه العقارات تحتاج إلى ترميم أو إزالة، إلا أن انسحاب الدولة عن تحمل مسؤولياتها جعل الأهالي يسألون «أين نذهب إذا لم يكن هناك بديل».
وسؤال الأهالي يبدو منطقياً، وخصوصاً بعد ما أعلنت لجنة الإسكان في الغرفة التجارية بالإسكندرية أن 95 في المئة من عقارات المدينة مخالفة لشروط البناء، بما جعلها تقرر رفع مذكرة إلى الرئيس محمد مرسي للمطالبة بتعديل عقوبات البناء المخالف، التي تخير بين الغرامة العقارية الضعيفة التي تبدأ من 100 جنيه إلى 500 جنيه على المتر أو الحبس، لتجعل الحبس وجوبياً ولسنوات طويلة على المخالف، ولا سيما أن الخطة التي يتبعها المقاولون الفاسدون تجعل مكاسبهم خيالية.
ويتغلب المقاولون على العوائق القانونية، بطريقة سهلة. فعندما يقوم البناء بدون ترخيص، وبمجرد بناء أول دور أو اثنين من الأدوار، لا تقوم فرق الإزالة بهدم فوري للمنزل الذي يبنى بدون تراخيص، وخصوصاً في حال وجود نور ومياه وأسرة تسكن المكان. أما أثناء البناء فالرشوة وفساد الذمم في الأقسام والأحياء كفيلة بتمرير المخالفات، على أن تكتب أوراق العقود باسم شخص آخر يطلق عليه «الكاحول» مقابل مبلغ من المال، يدفعه لتسديد الغرامة، أو يستخدمه أثناء تقضية مدة الحبس الهزلية.
ويرى مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، هيثم أبو خليل، أن هذا العقار أسقط معه ورقة التوت المتبقية للجمعيات ورجال الأعمال ممن يدعون فعل الخير في رمضان أو غيره، لافتاً إلى أن دورهم لم يكن يجب أن ينحصر في تجميل بعض الأبنية بل تجديد ورفع المستوى السكني لسكان مناطق الإسكندرية، كاشفاً أن هناك قرابة ألف عقار بالإسكندرية مهددة بالانهيار.
واعتبر أنه بانهيار تلك العقارات، فقد سقط المجتمع كله ولا سيما المجتمع المدني الذي لم يحرك فيه أحد من النشطاء، سواء السياسيين أو الاجتماعيين ساكناً حتى تعفنت الجثث تحت الأنقاض.
فبالرغم من تعدد كوارث سقوط العقارات، فإن معدات الإنقاذ ورفع الأنقاض لا أثر لها، ليكون استخدام الأيدي والأدوات التقليدية هو السائد، ما أدى إلى تأخر انقاذ الأحياء في الكارثة الأخيرة حتى تعفنت بعض الجثث، وإلى وفاة اثنين من عمال المخبز في العقار المهدوم، بعدما حاول هذان العاملان الاتصال بالتلفون المحمول ليخبرا المنقذين أنهما ما يزالان على قيد الحياة، قبل أن يلقيا حتفهما لاحقاً.