الاثنين، 4 مارس 2013

قضية إقالة طنطاوي وعنان



قضية إقالة طنطاوي وعنان على موضوعين

الرئيس لم يتجاوز الخطوط الحمراء الأميركية!
لم تكد قرارات لإقالة تخرج إلى العلن، حتى ثارت تساؤلات عن الدور الأميركي في هذه الخطوة المفاجئة، وسط ترجيحات بأن الرئيس المصري لم يقدم على هذا الأمر إلا بعد تجاوزه مرحلة التطمينات التي تهم الولايات المتحدة
عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 13 / 8 / 2012
على الرغم من أن قرارات الرئيس المصري محمد مرسي، بإقالة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي، وقائد الأركان الفريق سامي عنان (الصورة)، لاقت قبولاً شعبياً واسعاً، إلا أن الكثير من النشطاء والمراقبين، أطلقوا عدداً من التساؤلات عن الدوافع خلفها. وتساءلوا عن حقيقة وجود توافق بين أطراف فاعلة في المطبخ السياسي، فكما قال الناشط السياسي عبد الرحمن زيدان، على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، «المشكلة في مصر أننا دائماً لا ندري ماذا يحدث في المطابخ، ودائماً تقدم لنا الطبخة جاهزة وبلا مقدمات أو مبررات أو تفاصيل».
وكانت هذه حال كثيرين ممن تساءلوا عن الدور الأميركي المحتمل في قرارات أمس، وما إذا كان جزء من التوافق الذي تحدث عنه اللواء محمد العصار، عضو المجلس العسكري، مسؤول العلاقات الأميركية، الذي نسب إليه القول في قناة «سكاي نيوز» بأن حركة تغييرات الجيش تمت بالتراضي مع المجلس العسكري، أم أنه ليس للولايات المتحدة أي دخل، وأن القرارات كانت مفاجأة لها مثل الثورة المصرية التي اندلعت في كانون الثاني 2011.
الباحث المتخصص في العلاقات المصرية _ الأميركية، عمرو عبد العاطي، استبعد التدخل الأميركي في التعيينات الجديدة، أو أن يكون لها دور فاعل. وقال لـ«الأخبار»، أميركا لا تهتم في مصر إلا بالأمور التي تتعلق بالمصالح الأميركية، وموقف السياسة الخارجية المصرية وتحديداً في بعض القضايا كالسلام مع إسرائيل. وأضاف «ما يهم أميركا في البعد العسكري هو استمرار التعاون العسكري والاستخباري، ومصر لن يمكنها التخلي عن هذه الأمور، سواء كانت القيادات الحالية أو السابقة للجيش في ظل اعتماد الجيش المصري على معونة أميركية ومعدات أميركية».
أما في ما يتعلق بعلاقات مرسي مع أميركا ودورها في تلك القرارات، فأشار عبد العاطي إلى أن الرئيس المصري لم يخضع للولايات المتحدة، لكنه أكد أن جماعة الإخوان والولايات المتحدة لديهما قدر عالي من البراغماتية، تجعلهما يعرفان الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها. ونبه إلى أن مرسي تجاوز مرحلة التطمينات التي تهم الولايات المتحدة مثل السلام مع إسرائيل، والتعاون العسكري، وهو ما تم في الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومن ثم لن يكون هناك فارق في اختيار الأشخاص، ولا سيما مع معرفة القيادات الأميركية لكل القيادات العسكرية المصرية».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، محمد عبد الله، فرأى أن خلفية القرار لن تخرج عن ثلاثة احتمالات. الأول أن يكون القرار تم بالتوافق مع قوى خارجية تسعى إلى تسوية النزاع بين مؤسسة الرئاسة والعسكر، بحيث يخرج العسكر من السلطة بما يجنب مصر الدخول في توترات أو تجاذبات، تؤثر على مصالح هذه القوى، كالولايات المتحدة الأميركية.
الاحتمال الثاني، هو أن يكون فريق مرسي قد استقر على أن إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما تختلف عن كثير من الإدارات الأميركية التي كانت تفضل حكم الجنرالات في الدول المتحالفة معها، ومن ثم فالقرار لا يتعارض مع المصالح الأميركية ولا مع رؤية الإدارة الحالية لها. أما الاحتمال الأخير، فهو أن يكون مرسي قد استغل فرصة وجود قرابة ربع قوة الجيش المصري في سيناء، مع وضع هش للمجلس العسكري في الداخل، وعدم وضوح لحجم تأييد المجلس العسكري داخل فروع الجيش، فأخرج العسكر من السلطة وأجرى التعديلات التي يراها، من دون الرجوع إلى أي أطراف خارجية، مستثمراً فقط الأوضاع الداخلية.
من جهتها، استبعدت الباحثة في الشؤون الخليجية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إيمان رجب، أن تكون لزيارة أمير قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، على أهميتها بوصفه أول أمير عربي يزور مصر عقب تولي مرسي الرئاسة، دور في القرارات. ووفقاً لرجب، فإن قطر تعد مخلب قط للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة. وهو ما يعني أنها ترغب في الاستقرار داخل مصر وأن تؤول السلطة إلى المدنيين كاملة، كما تلح الإدارة الأميركية، وهو ما لم يحدث، إذ جاءت القرارات لتغير شخصيات محددة دون إعادة تشكيل جوهري في بنية العلاقات المدنية العسكرية. وأوضحت أن المسألة أبعد من ذلك بكثير، فالصراع الممتد بين الإخوان والعسكر كفيل بأن يفسر هذه القرارات طبقاً للمعلومات المعلنة. وخلصت إلى القول «قد يكون القرار مبنياً على طلب من عنان والمشير، أو يكون هناك توافق بين مؤسسة الرئاسة والعسكر حول القرار، ولا سيما مع وجود جدل في الفترة الماضية بشأن صلاحيات الرئيس».

خطوة الألف ميل لتحييد العسكر
الرئيس المصري أطلق عجلة الاستبعاد بانتظار تفكيك التدخل الخفي
يجمع المراقبون على اعتبار أن قرارات إحالة المجلس العسكري وقيادته إلى التقاعد لا تشكل سوى نقطة البداية في مشوار طويل لإنهاء تغلغل العسكر في الحياة السياسية والاقتصادية
عبد الرحمن يوسف – الأخبار اللبنانية 14 / 8 / 2012

http://www.al-akhbar.com/node/105705
«يسقط يسقط حكم العسكر»، عبارة طالما رددها الآلاف من المصريين طوال المرحلة الانتقالية، ولا سيما مع بسط المجلس العسكري نفوذه على إدارة المرحلة الانتقالية، إلى أن جاءت قرارات محمد مرسي الأخيرة بشأن قيادات الجيش وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، لتطرح سؤالاً ملحاً، هل انتهى دور العسكريين في السياسة المصرية، وبات لا يوجد حاجة إلى هتاف «يسقط يسقط حكم العسكر».
محمد صفار، مدير مركز حوار الثقافات والدراسات الحضارية في جامعة القاهرة، يرى أن قرار مرسي خطوة مهمة على طريق إنهاء الحكم العسكري، الذي بدأ في مصر عام 1952، لكنه يؤكد أن هذا لن يحول دون أن يمارس العسكر ضغوطاً في ما يتعلق بمصالحهم المنطقية كميزانية التسليح والمشاركة في اتخاذ قرارات الحرب، مثلما يحدث في كل الأنظمة الديموقراطية في العالم. إلا أنه في الحالة المصرية، لا يزال العسكر يطمح إلى تأمين المصالح والمؤسسات الاقتصادية التابعة لهم، مع السعي إلى عدم الملاحقة القضائية للضباط المتورطين في أعمال تعذيب وقتل.
ولفت صفار إلى أن المؤسسة العسكرية المصرية ليست من المؤسسات الطامعة في تولي الحكم، لأن هذا يضع أعباءً شديدة جداً على ضباطها غير المؤهلين لهذا الأمر، نتيجة فصل الجيش وضباطه في عصري أنور السادات وحسني مبارك عن الحياة السياسية وجعل مشروعات خاصة لهم. وهو ما ظهر بوضوح في تخبط المؤسسة العسكرية أثناء المرحلة الانتقالية، مختتماً حديثه لـ«الأخبار» بالتأكيد أن قرار مرسي ألغى فكرة ازدواجية السلطة وجعلها ممثلة في السلطة المدنية المنتخبة، كرئيس الدولة والجمعية التأسيسية، بشكل مؤقت حتى تؤول إلى السلطة المدنية المنتخبة، التي لا تزال في طور التشكل. وخلص إلى أنه على المستوى الحكم فقد انتهى دور المجلس العسكري، لكن على مستوى الدفاع عن المصالح ما يزال هناك مساومات ستحدث.
أما أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، فرأى أن قرارات مرسي خطوة هامة، لكنها ليست كافية، «فهي إن أخرجت المجلس العسكري خارج المعادلة السياسية الكبرى أو وضعت حداً لتدخله في السياسات الكلية واتخاذ القرار السياسي ونالت من بعض القادة، فإنها لم تنل من المستويات الأقل والأجهزة التنفيذية، سواء على مستوى المحافظين أو الإدارات المحلية، ومن ثم فإن القول إن المؤسسة العسكرية والعسكريين لم يعد لهم تدخل في الحياة السياسية بالمعنى الشامل لا يزال منقوصاً». وأضاف «عندما يتركز دور الجيش في الدفاع عن الدولة، ويتم استبعاد العسكريين من المحافظين والموجودين بالمحليات والاتحادات الرياضية، وتتم مراجعة النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية داخل منظومة الدولة وليس بمعزل عنها، عندئذٍ يمكن القول إن العسكريين ابتعدوا تماماً عن الحياة السياسية بكلياتها وجزئياتها. وهو أمر سيتحدد بشكل كبير من خلال وضع المؤسسة في الدستور المقبل، وتشكيل مجلس الدفاع الوطني، واختصاصاته، ومن ثم يصبح القول بسقوط حكم العسكر سابقاً لأوانه».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية، الدكتور عبد الفتاح ماضي، فيرى أن الطريق لا يزال طويلاً. وإن كانت قرارات مرسي أنهت دور المؤسسة العسكرية تاريخياً، فإن قضايا التعيينات والترقيات والأنشطة الاقتصادية للجيش تحتاج إلى معالجة. هذه الأمور تجعل للجيش سلطة شبه مستقلة بعيدة عن المؤسسات المنتخبة كالبرلمان والرئاسة، تمكنها من المساومة والتدخل في الحياة السياسية من طرف خفي، ومن ثم فإن هذه أمور يجب معالجتها بحلول وسط متدرجة وغير صدامية. وشدد على أهمية المحافظة على الجيش وتماسكه خلال هذه المراحل، دون إخلال بمدنية الدولة، معتبراً أن خطوات تحويل الجيش إلى مؤسسة تحافظ على الأمن القومي وتحترم الإرادة المنتخبة هي أبرز تحديات التحول الديموقراطي المنشود في مصر.
قانونياً، رأى المستشار فكري خروب، رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق، أن الإعلان الدستوري المكمل بحكم القانون كان منعدماً، لأنه كان توسعاً في الاستثناء الذي هو الإعلان الدستوري الأصلي الذي صدر عقب الثورة، كأمر حتمي بعد الثورات. ونبّه إلى أنه «لا يجوز التوسع في الاستثناء ليصبح قاعدة»، والإعلان الدستوري الأصلي كان لمدة محددة، فضلاً عن أنه بعد انتخابات مجلس الشعب، أصبح البرلمان صاحب السلطة الدستورية في التشريع، لذا فإن مرسي أعاد المجلس العسكري لينحصر دوره في وضعه الطبيعي وهو حماية حدود الوطن.
من جهته، يرى الباحث في وحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية، محمد العربي، أن العبرة ليست فقط بنصوص القانون، «فالمؤسسة العسكرية لم يكن لها وضع استثنائي في دستور 71، آخر الدساتير قبل الثورة، إلا أنها كانت تتميز بوضعية خاصة غير مكتوبة، ممثلة في مكافآت ما بعد الخدمة من التعيينات في مفاصل الدولة، فضلاً عن ميزانيات غير محددة، وأنشطة مستقلة وإعفاءات ضريبية، بما جعلها قوة شبه مستقلة». ويرى أن العديد من النشطاء، إن رحبوا بقرارات مرسي، إلا أنهم لن يتوقفوا عن الهتاف «بسقوط العسكر».

ليست هناك تعليقات: