الثلاثاء، 26 يونيو 2012

خطاب مرسي: مصالحة بلا وعود

الرئاسة المصرية تنفي مقابلة «فارس»
خطاب مرسي: مصالحة بلا وعود


تجنب الرئيس المصري الجديد، محمد مرسي، في خطابه الرئاسي الأول الموجه إلى الشعب تقديم وعود محددة، لكنه نال رضى فئات واسعة نتيجة اتسامه بلهجة تصالحية وتطرقه إلى الفئات الأكثر تهميشاً في المجتمع


عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 26 - 6 - 2012
قراءة في خطاب مرسي في الأخبار اللبنانية
ما إن أنهت الجموع المحتشدة احتفالاتها في ميادين مصر ابتهاجاً بفوز محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية، حتى توجهت أنظارها إلى شاشة التلفزيون المصري لمتابعة أول خطاب رسمي «مسجَّل» يلقيه مرسي للشعب، عقب إعلان فوزه بهذا المنصب. التسجيل الذي استغرق إلقاؤه قرابة 26 دقيقة، سجل نسبة مشاهدة عالية على المقاهي الشعبية.


وبالرغم من أن خطاب مرسي لم يذكر تفاصيل كثيرة أو يقدم وعوداً محددة قاطعة، إلا أنه نال قبول العديد من القطاعات التي شاهدته، ولا سيما بعدما ذكر لأول مرة في خطاب رئاسي فئات محددة كسائقي «التوك توك». وبدا خطابه مختلفاً عن خطابات الرئيس المخلوع حسني مبارك، بما أشعر الناس بوجود فارق ما في مرحلتي ما قبل الثورة وما بعدها.


وتركز خطاب مرسي على عموميات اتصلت بتأكيد حقوق الشهداء واستمرار الثورة والتزام مصر تعهداتها الدولية. ومدح رجال القوات المسلحة والقضاء والشرفاء من رجال الشرطة. وذكر فئات المجتمع بأشكالها المختلفة. وشدد كذلك على استقلال القضاء والعدالة الناجزة، مركزاً في خطابه على الاستشهاد بالآيات القرآنية والمأثورات الدينية.


الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، علّق لـ«الأخبار» على شكل الخطاب وطبيعته، قائلاً إن «مرسي يمتلك قدرة لغوية معقولة مقارنةً بمرشح مثل أحمد شفيق، ولديه خلفية ثقافية مقبولة، رغم أنه يمكن وصفها بالتقليدية».


ووصف عبد العزيز قدرات مرسي التواصلية في خطابه بأنها «اتسمت بالطابع الريفي، بما يكشف عدم خضوعه لأي تدريب من أي مستوى، بما أفقده الظهور بشكل كامل النضج سياسياً، فضلاً عن كشف الخطاب أن الطريقة التي يتعاطى بها مرسي مع الاتصال تهيمن عليها نزعات تقليدية».


وعن المحتوى الذي قدمه مرسي في خطابه، أشار عبد العزيز إلى أنه «ينطوي على درجة كبيرة من الصدق والتلقائية، لكنه في الوقت ذاته لا يعكس إدراكاً واضحاً لطبيعة الجمهور المستهدف وتنوعه الثقافي والسياسي».


ومن خلال تحليل الأطر المرجعية لخطاب مرسي، رأى عبد العزيز، أن المجال الثقافي الإسلامي التقليدي هو ما مثّل المرجعية الأساسية لخطاب مرسي السياسي، مؤكداً أن الرئيس الجديد يحتاج إلى «تدريب مكثف على تشخيص الجمهور وبناء رسالة اتصالية تتسق مع مرسل يمثل الدولة المصرية ويحتل أعلى موقع فيها، بما لا يجعله أسيراً لنمط خطابي أحادي وتقليدي».


أما الصحافي وائل جمال، فوصف الخطاب بأنه بروتوكولي وطبيعي في هذا التوقيت، لأنه يحمل درجة من الطمأنة لمؤسسات الدولة الأمنية. ولفت إلى أن محتوى الخطاب لا يترك مجالاً واسعاً لتطبيق منهجيات تحليل المضمون عليه، لعدم اشتماله على خطوات متعلقة بالحكومة أو الإجراءات التي يسعى إلى تطبيقها في المرحلة المقبلة.


وعن الإشارات الاقتصادية الواردة في الخطاب، يرى جمال أنها تركزت في نقطة واحدة هي «النهضة والعدالة الاجتماعية». والأخيرة موجودة في كل خطابات السياسيين المصريين، لافتاً إلى أن القطاعات التي تحدث عنها مرسي في خطابه، مثل الحرفيين وسائقي التوك توك والعمال، تجعل من الواجب عليه إدخال تعديل كبير في البرنامج الاقتصادي الذي ترشح به، لإحداث حالة من التوافق الاجتماعي.


ونبّه جمال إلى أن برنامج مرسي ليس فيه تغيير جوهري عن سياسات النظام السابق في الاقتصاد، مشدداً على أهمية إعطاء الأولوية لتعديل النظام الضريبي وفرض الضرائب التصاعدية.


أما رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، مصطفى اللباد، فرأى أن خطاب مرسي كان «متوازناً أفضل من المتوقع، وإن غابت عنه كلمة أساسية هي المواطنة في مقابل إفراطه في استخدام الآيات القرآنية». وأوضح أنه «غلب على الخطاب الطبيعة التصالحية»، لافتاً إلى أن هذه الطبيعة نابعة من أنّ الذي انتخب مرسي أكثر من نصفهم خارج كتلة الإخوان، ومن ثم فعليه «دين لهم».


لكن اللباد عاب على مرسي استخدام مفردات مقتبسة من المجتمعات الصحراوية «كأهلي وعشيرتي»، وشدد على ضرورة منحه فرصة لبيان مواقفه في الأمور الحيوية، كتطبيق وعوده بتشكيل حكومة ائتلافية موسعة وتعيين نواب له من خارج الإخوان وحزب الحرية والعدالة.


من جهته، رأى رئيس مركز حوار الثقافات والدراسات الحضارية في جامعة القاهرة، محمد صفار، أنه «توجد رغبة لدى مرسي في إرساء قواعد بين الحاكم والمحكوم بعد ثورة أطاحت جزءاً من نظام عسكري». ورأى أن «مرسي أراد في خطابه إرسال تطمينات للعالم الخارجي بأنه لن يعرض التزامات مصر الدولية للخطر».


وأوضح أن خطاب مرسي جاء معبراً عن اللحظة التاريخية الدقيقة التي لسان الحال لمرسي يقول فيها: «نرغب من العالم الخارجي أن يؤيدنا وفي الوقت نفسه لا نريده أن يتدخل في شؤوننا الداخلية».


 لكنه لفت إلى أن حديث مرسي عن المصالحة الوطنية، بالتجاور إلى الحديث عن القانون وحق الشهداء واستمرار الثورة، أعاد إلى المصطلح اعتباره بعدما استخدمه مؤيدو المجلس العسكري والنظام السابق كباب خلفي لعودة الفاسدين.


وأوضح صفار أن قيام مرسي في خطابه ببناء خريطتين للمجتمع، إحداهما جغرافية والأخرى مهنية وطبقية، كان غرضه اعادة التلاحم الاجتماعي بين مكونات المجتمع على المستوى الجغرافي والطبقي.


كذلك، لفت صفار إلى أن العقلية غير التصادمية هي التي سيطرت على الخطاب، ولا سيما في حديثه عن مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية فيها والقضاء، ما يكشف أن مرسي يرغب في إصلاح أجهزة الدولة، لا هدمها، بما يتوافق مع مزاج القطاع العريض للشعب المصري، ولا سيما أن مرسي يخشى من تهديد انقلاب هذه الأجهزة عليه وعلى الثورة.


وفي خضم انشغال المصريين في قراءة خطاب مرسي لاستبيان آفاق المرحلة المقبلة، ساد أمس لغط حول مقابلة قالت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية إنها أجرتها مع مرسي. ونقلت وكالة «أنباء الشرق الاوسط»، نفي مصدر إعلامي برئاسة الجمهورية، «أن يكون الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي قد أجرى أي مقابلات صحافية مع وكالة الأنباء الإيرانية (فارس)».


ووفقاً للمصدر، إن كل ما نشرته الوكالة الإيرانية «ليس له أي أساس من الصحة». إلا أن مصادر من داخل الجماعة أكدت لـ«الأخبار» حصول الحوار قبل إجراء جولة الإعادة وقبل 10 أيام من فوزه.


وكانت الوكالة قد نسبت إلى مرسي قوله إنه «سيسعى إلى إعادة العلاقات الطبيعية مع إيران وفق المصالح المشتركة، لإحداث توازن في المنطقة». ووفقاً للوكالة، أشار مرسي إلى «أن المؤسسات المصرية ستراجع كافة الاتفاقات مع إسرائيل لتتناسب مع مصلحة مصر».

المرشح البديل: نصف ثوري ونصف تنظيمي


عن محمد مرسي رئيس الجمهورية الجديد
المرشح البديل: نصف ثوري ونصف تنظيمي


محمد مرسي، رئيس مصر بعد الثورة، لا يتمتع بكاريزما الرؤساء، ولا يملك المقومات البصرية اللازمة، بل تنظيمه، ومشواره في انتخابات لم يختر بتاتاً أن يكون مرشحاً فيها، حيث كان القدر حليفه في كل محطة


عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 25 - 6 - 2012


بورتريه لرئيس مصر الجديد محمد مرسي
بات محمد مرسي، مرشح حزب «الحرية والعدالة» وجماعة الإخوان المسلمين، حديث الناس، بعدما أصبح سيد القصر ورئيساً للجمهورية. لكن من هو محمد مرسي، ذلك الرجل الذي لم يعرفه الرأي العام المصري بقوة، إلا من خلال خوضه انتخابات الرئاسة، وكسب تعاطف الكثير منهم بوصفه المخلّص من الدولة العميقة.


محمد محمد مرسي عيسى العياط هو اسم خامس رؤساء مصر. رجل ستيني من مواليد قرية العدوة بمحافظة الشرقية إحدى محافظات دلتا مصر، وذلك في 20 آب 1951. تخرج من كلية الهندسة في جامعة القاهرة قبل أن يحصل على منحة دراسية الى كاليفورنيا بالولايات المتحدة، حيث عمل بعدد من المشاريع في وكالة «ناسا»، قبل أن يصبح استاذ ورئيس قسم علم المواد بكلية هندسة الزقازيق.


مرسي هو أكبر أخوته، وله من الأبناء خمسة، حصل بعضهم على الجنسية الأميركية بسبب ولادتهم هناك وقت دراسته وعمله. كذلك خدم في الجيش المصري بين عامي 1975 و1978 . تأثر بالحركة الإسلامية وانضم إليها في سبعينيات القرن المنصرم، فكرياً ثم تنظيمياً. ويُحسب على تيار التنظيم داخل الجماعة، ولديه نوع من الإعجاب العام بسيد قطب.


 يملك وفقاً لمقرّبين منه داخل الجماعة «شخصية نمطية قادرة على نحو كبير على أداء مهمّات تنفيذية معقدة»، إلى جانب مهارات تخطيطية. شارك في أعمال اللجنة السياسية منذ انضمامه إلى الإخوان، وتدرّج داخلها حتى أصبح مسؤولاً عنها خلال السنوات الماضية، ومتحدثاً باسم الجماعة.


تولى الرئيس المصري الجديد منصب عضو مكتب الإرشاد من عام 2000 إلى عام 2011، أي في الوقت الذي تولى فيه رئاسة الحزب. وحصل على جائزة أفضل برلماني في العالم عن فترة 2000 ـ 2005 التي قضاها عضواً ورئيساً للكتلة البرلمانية للإخوان في مجلس الشعب. اعتقل مرتين في العام 2006 و2011، واللافت انه كان معتقلاً لحظة اندلاع الثورة، ولم يطلق سراحه إلا في جمعة الغضب الأولى في 28 كانون الثاني، حين تم فتح السجون لإخراج المعتقلين.


ورغم خفوت شخصيته وضعف كاريزماه خلال تاريخه السياسي، وهو ما جعل منه شخصية مجهولة للرأي العام، كان احدى أهم أذرع الجماعة في التفاوض الدائم مع السلطة، سواء أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك إبان الانتخابات، أو أثناء الثورة مع عمر سليمان في الوفد الذي مثل الإخوان في لقاء القوى السياسية، أو مع المجلس العسكري عقب الثورة.


وقد أثر هذا الأمر في بدايات حملة مرسي، رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذي ترشح كبديل احتياطي للمرشح الأصلي خيرت الشاطر، رجل الجماعة القوي، وصاحب الكاريزما. كما انعكس هذا الوضع على المجهود الخارق الذي بذلته الجماعة في الشارع في بدايات انطلاق حملة مرسي، بعد استبعاد الشاطر لأسباب قانونية.


وكان أبرز ما هدد مرسي في الفوز هو تصويره وكأنه سيكون تابعاً للمرشد محمد بديع ولمكتب الإرشاد، على الرغم من إعلان المرشد حلّه من البيعة التي منحها مرسي له، ما يعني تحلّله من الالتزام بقرار الجماعة. لكن استمرار مرسي في مجلس شورى الجماعة، اضافة الى كونه عضواً مؤسساً في الحزب، جعل الكثيرين يتشككون في صدقية هذا الأمر.


إلا أن تعهدات مرسي الأخيرة بعد اجتماع القوى المدنية والثورية معه، والتي وعد فيها بأن يكون نوابه من خارج حزب «الحرية والعدالة»، وأن تكون حكومته ائتلافية موسعة، وأن يكون رئيسها شخصية وطنية مستقلة، هدأ الخواطر والمخاوف، ودفعهم الى الاصطفاف معه لمواجهة أحمد شفيق.


هذا فضلاً عن حاجة الحركة الوطنية المصرية إلى اصطفاف آخر يتجاوز مسألة الرئاسة ويتموضع حول رفض قانون قرار الضابطية القضائية والإعلان الدستوري المكمل وحلّ مجلس الشعب.


ويراهن مرسي في نجاحه الفترة المقبلة على عدد من العوامل الى جانب الاصطفاف الوطني، كالتنظيم والبرنامج القوي، الذي أثنى عليه العديد من المراقبين، إضافة الى القواعد الشعبية التي تكفل له تنفيذ هذا البرنامج وفق رؤية الحزب والجماعة.


ومن اللافت جداً في الشخصيات الداعمة لمرسي أنها تتركز في أغلبها على رجال الدين، أو من يرتبطون بالدين؛ فمن واقع المنشورات التي كان يوزعها أنصار مرسي أثناء فترة الدعاية الانتخابية في المرحلة الأولى يمكن العثور على صور الشيخ المحلاوي والداعية راغب السرجاني، وصفوت حجازي ومحمد عبد المقصود وغيرهم، مع بعض لاعبي الكرة ممن عرف عنهم التدين أو حسن الخلق، كهادي خشبة ومحمد أبو تريكة، أو بعض الفنانين أصحاب الأدوار الدينية كوجدي العربي، أو علماء كزغلول النجار.


وزاد عدد هؤلاء أثناء فترة الدعاية بمرحلة الإعادة لينضم إليهم رموز وطنية كحمدي قنديل ووائل غنيم وحسن نافعة وغيرهم من كافة التوجهات ممن وجدوا فيه منقذاً من اختيار «الدولة العميقة ممثلة في شفيق».


واللافت في مشوار مرسي الى الرئاسة أنه لم يترشح لكونه راغباً في الأمر، أو لأنه يرى نفسه كفوءاً للصراع حول ساكني قصر الرئاسة المصرية، أو إدارة البلاد، بل ترشح لأنّه قرار الجماعة، كما لعب القدر دوراً مساعداً في مختلف محطات الحملة الانتخابية.


ويعدد رئيس قسم الطب النفسي في جامعة الأزهر، محمد المهدي، المقومات الشخصية لمحمد مرسي في مجال الرئاسة، ويرى أن «ملامح وجه مرسي تكشف أنه نادراً ما تراه مبتسماً، ويبدو أنهم حاولوا أن يجعلوا الصورة مبتسمة، فخرجت بابتسامة مجهضة، على اعتبار أن الوجه لم يتدرب على الابتسامة».


ويضيف أن «ملامح الوجه تغلب عليها المرارة، الحزن، الغضب، كما أن التواصل البصري غير موجود بصورة عالية، وهو رجل تنظيمي وحركي من الطراز الأول، وربما تكون له نجاحات كثيرة في الإخوان كتنظيم وكحركة، لكن على مستوى منصب الرئيس يحتاج إلى أن يكون فيه تواصل بصري، ونوع من الكاريزما التي تحمس الناس، وتعطيهم الإحساس بالكرامة والعزة وتدفعهم إلى العمل. وهو لديه نقص في هذه المقومات».



إسدال الستار على قضية سيد بلال ..وكلمة السر "جعفر"



إسدال الستار على قضية سيد بلال ..وكلمة السر "جعفر"


كتب - عبد الرحمن يوسف - الوطن المصرية "الموقع الإلكتروني" 21 - 6 - 2012


سيد بلال وابنه،أسدل الستار على القضية وما زال 4 من الجناة هاربين
أُسدل الستار عن قضية سيد بلال بعد عام ونصف، من وفاته وتعذيبه مع زملائه، في مقر أمن الدولة التابع لقسم شرطة الترحيلات، أثناء استجوابهم على خلفية التفجير الذي وقع أمام كنيسة القديسين، عشية رأس السنة 2011، وأدين إثر ذلك ضباط من جهاز مباحث أمن الدولة "المنحل"،


 لكن ما الذي جعل هذه القضية ترى النور، رغم عدم اتهام إبراهيم شقيق بلال لأحد، حتى بعد اندلاع الثورة بأشهر، وما هي الأمور التي تعد حاصلة للمرة الأولى، وما تعليق محامي ضحايا القديسين والمسيحيين على هذه القضية.


فيما يتعلق بالسر وراء ظهور القضية للنور بهذه القوة، كشف خلف بيومي أنه لولا شهادة ضابط أمن الدولة السابق المقدم جعفر حسن محمد والذي خرج على المعاش، وكان يتولى شئون الأزهر، ما كانت لتسير في هذا المسار.


ويوضح بيومي، أن جعفر هو من كشف للنيابة عن اجتماع جمع بين ضباط جهاز أمن الدولة في القاهرة، والإسكندرية بالقاهرة والذي أرادوا فيه أن يذهب هو للإدلاء بشهادته، وكأنه مشترك معهم ليضلل الشهود، وتفسد القضية، استنادا إلى أن المجني عليهم ذكروا في شهادتهم أنهم سمعوا شخصًا ينادى باسمه أثناء تعذيبهم،


والذي ثبت بعد ذلك أن هذا الاسم، هو حركي، أو شهرة، لضابط آخر يدعى هاني طلعت، كان من بين مجموعة القاهرة التي كلفت بالتحقيق في واقعة تفجير كنيسة القديسين، ومن ثم يظهر تضارب، في أقوال الشهود، ولكن يقظة ضميره، وخشيته من توريطهم له، جعلته يعترف أمام النيابة، وتزامن ذلك مع بدء إبراهيم بلال شقيق سيد بلال بالإدلاء بشهادته، وتوجيه اتهام لأشخاص بعينهم بعدما كان ممتنعا لضغوط عدة مورست عليه.


أما الأمور التي تميزت بها القضية وتعد حادثة لأول مرة في تاريخ القضاء المصري الحديث، وإحدى ثمار ثورة 25 يناير، بحسب بيومي،


فكان أولها هو حضور رئيس جهاز مباحث أمن الدولة شخصيا للإدلاء بشهادته، وهو ما حدث في جلسة استماع الشهود، حينما حضر عماد عبد الغفار رئيس الجهاز، ومعه عدد آخر من ضباط الجهاز ليدلوا بشهادتهم.


الأمر الثاني هو صدور حكم على ضباط من جهاز مباحث أمن الدولة،بعد التحقيق منهم حيث أن قضية التعذيب المنبثقة عن قضية الجهاد الكبرى عام 81 اتهم فيها 44 ضابطا من الجهاز إلا أنهم جميعا أخذوا براءة وقامت الوزارة بتسفيرهم رحلة عمرة آنذاك.


الأمر الثالث، هو معاينة النيابة لأحد مقرات مباحث أمن الدولة، وكان في هذه القضية هو مقر شرطة الترحيلات بالعطارين، والذي استجوب فيه بلال، وزملاؤه حتى فاضت روحه.


أما عن رد فعل جوزيف ملاك، محامي أسر ضحايا وشهداء القديسين، ورئيس المركز المصري للدراسات الإنمائية وحقوق الإنسان، فقال عن تأثير قضية بلال على قضية القديسين:"ليس لها علاقة بشهداء القديسين، فالمحكوم عليهم، أدينوا لتعذيبهم مواطنين بما أدى إلى وفاة أحدهم،


وإن كان فتح هذه القضية وإدانة المتورطين فيها وهم من قتلوا شخصاً واحداً، يطرح تساؤلاً لماذا لم يحدث هذا في قضية القديسين وهي من قتل فيها أكثر 20 مواطناً، لاسيما أن القضيتين بدأتا في توقت زمني واحد تقريبا".


وأوضح ملاك أن القضية ما زالت قيد التحقيق، ولا يوجد لها تحريات أمام نيابة أمن الدولة العليا، ولا تلقى أي اهتمام من النيابة، أو الداخلية، مبينا أن هناك قضايا أخرى منظورة أمام القضاء الإداري يحمل فيها الداخلية والنيابة مسئولية إساءة استخدام السلطة في عدم تقديم تحريات، أو القيام بالتحقيقات، بما أدى إلي وضع القضية "في الثلاجة".


أما كميل صديق سكرتير المجلس الملي للكنيسة الأرثوذكسية المصرية، فقال:"إن حكم اليوم يطرح سؤالا مازال معلقا، وهو"ماذا عن قتلى شهداء القديسين؟"، متابعا "أحمل الدولة بكامل أجهزتها التجاهل المتعمد لهذه القضية بعد مرور 18 شهرا منها، وعدم بذل أي مجهود يذكر للكشف عن الجناة"، مرجحا أن يكون وراء قضية القديسين "جبل جليد كبير يخشى المسئولون الكشف عنه ويجعلهم متجاهلين القضية متعمدين".


قضيّة سيّد بلال: إدانة ضبّاط أمن الدولة


قضيّة سيّد بلال:إدانة ضبّاط أمن الدولة

عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية - 22 - 6 - 2012


الموضوع في الجريدة،القضية فتحت تساؤل حول مصير قضية تفجيرات القديسين
بعد عام ونصف عام، قضت محكمة جنايات الإسكندرية برئاسة القاضي محمد مصطفى تيرانه، أمس، بالحكم المؤبد غيابياً على أربعة من ضباط جهاز مباحث أمن الدولة «المنحل»، هم: حسام الشناوي وأسامة الكنيسي وأحمد مصطفى كامل ومحمود عبد العليم، لهروبهم، وبالحكم حضورياً بالسجن المشدد 15 عاماً على محمد عبد الرحمن الشيمي الضابط بالجهاز أيضاً.


وجاءت هذه الأحكام بعد توجيه تهمة القتل العمد والتعذيب بحق المعتقل سيد بلال، على خلفية اعتقاله واستجوابه في قضية التفجير الذي وقع أمام كنسية القديسين في الدقائق الأولى من عام 2011.


وهلل ذوو سيد بلال من الحاضرين فرحاً بالحكم، مرددين «الله أكبر ولله الحمد». وطالب شقيقه، إبراهيم بلال، في حديث مع «الأخبار» من جوار قبر شقيقه، الداخلية بالقبض على المتهمين الهاربين لأن صدور حكم دون تنفيذه يعني «كأن شيئاً لم يكن». وشدد على أن هذا الحكم أثبت «عدم ضلوع أخي في أعمال عنف أو إرهاب». بدورهم، رحّب محامو بلال بالحكم، واصفين إياه «بالجيد والمُرضي».


وعلى الرغم من تميز قضية بلال، الشاب السلفي، عن العديد من القضايا الأخرى ذات الطابع الحقوقي، مثل حضور رئيس جهاز مباحث أمن الدولة عماد عبد الغفار للإدلاء بشهادته شخصياً أثناء جلسات المحاكمة، والسماح للنيابة بمعاينة أحد مقارّ أمن الدولة، والحكم على ضباط من الجهاز لأول مرة في تاريخ القضاء الحديث،


إلا أن هذا كله لم يشفع لبلال أو لقضيته لتنال الاهتمام الإعلامي والحقوقي، على غرار ما نالته قضية الشاب خالد سعيد، على الرغم من أن القضيتين كانتا من بين أسباب اندلاع ثورة 25 يناير.فكلاهما ألقي القبض عليه بموجب قانون الطوارئ، وكلاهما مات تحت وطأة التعذيب، أو القسوة، وكلاهما صدر حكم بالإدانة للجناة مع الفارق في عدد السنوات والوزن النسبي للمتهمين في كل قضية.


هذا التجاهل الإعلامي والحقوقي لقضية بلال حللها الباحث في علم الاجتماع السياسي، وأحد أبرز نشطاء قضية خالد سعيد، إسماعيل الاسكندراني، بالقول «قضية سيد بلال تعكس انحيازات المجتمع والنشطاء السلبية ضد الفئات التي همشها نظام مبارك نفسه. فحينما اهتم المجتمع، التفت الإعلام. ودوماً يكون وجود الإعلام مصدر حماسة وتحفيز للنشطاء والحركات السياسية التي يختلط فيها الشخصي بالعام».


وقد جاء هذا الحكم ليسلط الضوء بطريقة غير مباشرة على واقعة تفجيرات القديسين. فحديث إبراهيم عن عدم تورط أخيه في أحداث القديسين، مع عدم تقديم جناة حتى الآن في قضية التفجيرات يفتح الباب واسعاً لتساؤل مفاده «من فجر الكنيسة، ولماذا لم يقدم للمحاكمة، ولماذا لم تجر تحريات في قضية كبرى مثل هذه حتى الآن، على الرغم من تزامن القضيتين في آن واحد؟».


الإجابة تأتي في شقين: الأول على لسان خلف بيومي، محامي أسرة سيد بلال وزملائه، الذي قال إن كشف أحد ضباط أمن الدولة السابقين للنيابة عن اجتماع تم في القاهرة لتضليلها وتضليل الشهود مع اتهام شقيق بلال لأفراد بعينهم، بعد صمت طويل، عجل بفتح القضية ورسم لها جناة محددين، فضلاً عن اعتراف المتهم الأول على أسامة الكنيسي، المتهم الثالث، بأنه قاتل سيد.


أما الشق الثاني فيأتي على لسان جوزف ملاك، محامي شهداء التفجيرات، الذي أوضح أنه على الرغم من عدم ارتباط القضيتين قضائياً ببعضهما، إلا أن هذا لا ينفي أن هناك تخاذلاً من الداخلية والنيابة في القيام بالتحريات والتحقيقات اللازمة لكشف الجناة عن قضية القديسين، الأمر الذي جعله يتقدم بشكوى أمام القضاء الإداري يتهم فيها النيابة والداخلية بإساءة استخدام السلطة. 


وهو ما جعل كذلك كميل صديق، سكرتير المجلس الملي للكنيسة الأرثوذكسية بالإسكندرية، يقول «لا أعفي أجهزة الدولة بأكملها من هذا التجاهل المتعمد للقضية، فإذا حكم على الجناة الذين قتلوا شخصاً واحداً، فأين من قتلوا 21 شخصاً».

about Sayyid Bilal:Egypt officers get life sentences in torture case

  about Sayyid Bilal
Egypt officers get life sentences in torture case

* Sentenced for torturing man to death during bomb probe

* Officers members of feared State Security

* Its reputation for brutality helped fuel uprising

By Abdel Rahman Youssef - Thu Jun 21, 2012 12:13pm GMT 
صورة من موقع جريدة البديل : مظاهرة سابقة تطالب بالقصاص لسيد بلال
ALEXANDRIA, Egypt June 21 (Reuters)


- Four former officers in a now dissolved Egyptian security agency were sentenced in absentia to life in prison on Thursday for torturing to death an Islamist during investigations into the bombing of a church on New Year's Day 2011.

A fifth officer, the only one to attend the trial, was jailed for 15 years for his role in the death of Mohamed Sayyid Bilal, whose body was returned to his family a day after his arrest showing signs of torture and burns.

Bilal, 32 at the time of his death, was a Salafi Muslim, a member of a strict Islamist movement which has spawned a number of political parties since the overthrow of Hosni Mubarak last year.

Many other Salafis were rounded up following the bombing in Alexandria which killed 23 people and has still not been explained. Habib el-Adli, the interior minister at the time, accused the Army of Islam, a Gaza-based militant group, of carrying out the attack, something it quickly denied.

Following the uprising against Mubarak's 30 years in power, conspiracy theories circulated widely in Egypt that Adli himself had ordered the bombing. Both Adli and Mubarak were sentenced to life in prison earlier this month over the deaths of hundreds of protesters killed in the uprising.

"These verdicts are the beginning of the cleansing of the interior ministry of the corrupt people who squandered the dignity of the Egyptian people for 30 years," said Khalaf Bayoumi, the lawyer for Bilal's family.

Those convicted on Thursday were all members of State Security, an agency tantamount to Egypt's Stasi that was a hated symbol of Mubarak's rule. Its reputation for brutality helped fuel the uprising against Mubarak.

Judge Mohamed Mustafa Tirana gave life sentences to Hossam al-Shenawy, Osama al-Kunaysi, Ahmed Mustafa Kamal and Mohamed Abdel Aleem. Mohamed Abdel Rahman al-Shemi, the only one of the accused in court, was sentenced to 15 years in prison.

State Security was dissolved on March 15, weeks after Mubarak's Feb. 11 removal from power, after protesters stormed its headquarters. (Writing by Tom Perry; Editing by Andrew Heavens)

الخميس، 21 يونيو 2012

تسريبات وفاة مبارك تدفع بنظرية المؤامرة

شائعة بإيعاز سياسي!
مصر | تسريبات وفاة مبارك تدفع بنظرية المؤامرة
مات حسني مبارك أم لم يمت؟ تخبّط امتد طوال ساعات أول من أمس، قبل أن يخرج الخبر اليقين ببقائه على قيد الحياة في وضع صحي حرج، ما أفسح في المجال أمام بروز عدة احتمالات تقف وراء تسريب خبر وفاته، احتلت فيها نظرية المؤامرة الصدارة

عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 21 - 6 - 2011


http://www.al-akhbar.com/node/95897
ربما كان آخر ما ينقص المشهد السياسي المصري ليزيده ضبابية وعبثية وتخبّطاً هو خروج نبأ وفاة الرئيس المخلوع حسني مبارك، سواء كان ذلك سريرياً أو نهائياً. إلا أن هذا الأمر قد حدث بالفعل، وبطريقة تعدّ غريبة في التسلسل والنشر والترابط مع أحداث أخرى تحدث في الوقت ذاته، ما جعل نظرية المؤامرة تطل برأسها بقوة، من دون أن يلوم أحد من تبنّاها أو يتهمه بالتهويل أو المبالغة.


فأنباء تدهور صحة مبارك منذ آذار 2010، وقت سفره إلى ألمانيا لتلقّي العلاج، هي مادة خصبة للشائعات. وعقب الثورة، أصبحت متابعة حالته الصحية جزءاً رئيسياً من المواد الصحافية في مصر وخارجها، ولا سيما عقب نقله إلى سجن مزرعة طرة، فور صدور حكم عليه بالمؤبد ومعه وزير داخليته حبيب العادلي. وظل الناس يستيقظون وينامون على سؤال «هل سينقل إلى المستشفى العسكري في المعادي أم سيظل في طرة؟».


وكانت الأمور حتى هذه اللحظة تسير عادية وفق ما اعتاده الناس، إلى أن خرجت عليهم قنوات فضائية ومواقع إلكترونية بنبأ وفاة مبارك سريرياً ونقله إلى مستشفى المعادي على الفور، لتترافق هذه الأنباء مع تساؤلات عن مدى احتمالية وجود جنازة عسكرية له ومصير أسرته وأمواله وغيرها من الأمور.


 ولعل ما دفع هذه القنوات والمواقع والصحف إلى هذا الأمر، أن النبأ قد خرج من وكالة أنباء الشرق الأوسط، التي يعرف عنها أنها الوكالة الرسمية للدولة أو الناطقة باسمها، إلى أن تبيّن خطأ الخبر. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر عسكري قوله إن ما يعاني منه مبارك مجرد غيبوبة، وأن الرجل لم يمت ولكن تدهورت صحته فقط، ما استدعى نقله من سجنه.


هذا النفي جاء بعد فترة غير وجيزة، تُرك فيها التخبّط يسود بين الناس، لتطرح تساؤلات لماذا لم تنف الوكالة الرسمية نفسها الخبر؟


وقد علّق الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز على هذا الأمر لـ«الأخبار»، قائلاً «إن إذاعة خبر منسوب إلى مصدر مجهول في وكالة أنباء، مخاطرة كبيرة تضع سمعة الوكالة على المحك، وتزيد المخاطرة حينما تكون تلك الوكالة محسوبة على الدولة مباشرةً أو ناطقة باسمها».


 وأضاف «أن يكون هذا الخبر مستند إلى مصدر واحد، فإن هذا يعدّ خطأً مهنياً فادحاً، لأنه لم يراع قاعدة التثبّت من مصدرين، بما يرجح أن يكون نشره جرى بإيعاز سياسي، لأن من غير المتصور أن يجري ارتكاب خطأ بهذا الحجم من قبل وكالة رسمية من دون تثبّت».


ورأى عبد العزيز أن طريقة تغطية خبر مبارك تعكس هشاشة الوضع الإعلامي في مصر. فمن ناحية لا يوجد قانون لإتاحة المعلومات أو تداولها، وبالتالي لم يتمكن الصحافيون من الوصول إلى مصدر مسؤول لنفي الخبر أو إثباته بسهولة. كذلك، فإن الطريقة التي عالجت بها وسائل الإعلام الحدث، ركزت على التداعيات أكثر ممّا ركزت على محاولة التثبت من صحة الخبر.


لكن ما هو الإيعاز السياسي الذي تحدث عنه عبد العزيز، والذي يجعل الوكالة الرسمية تخاطر بوضع صدقيتها على «المحك»؟


هنا تأتي بقية أجزاء المشهد السياسي، لترسم لوحة نظرية المؤامرة. فمساء أول من أمس، كان ميدان التحرير وميادين مصر تنتفض بكل القوى السياسية ضد «الإعلان الدستوري المكمل»، بصورة بالغة القوة.وكان أنصار المرشحين الرئاسيين محمد مرسي وأحمد شفيق يتبادلون الاتهامات حول نتيجة الانتخابات، وأيّهما أحق بالفوز.


وكانت جماعة الإخوان تدرس الطريقة التي ستخرج بها من مأزق نزع صلاحيات الرئاسة من مرشحها. وكان أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور يسابقون الزمن حتى يفرضوا وجودهم على المجلس العسكري،


ولا سيما بعد حدوث توافق داخلها يسمح بتجاوز الاستقطاب السابق. وهي أمور جميعها تحدث صداعاً في رأس المجلس العسكري وتؤرقه، وهو على أعتاب رسم ملامح المشهد الختامي في سيطرته وهيمنته على الحكم.


هذه الأمور جميعها أدت إلى بروز مجموعة من الاحتمالات حول أسباب الإعلان عن وفاة مبارك.


الاحتمال الأول، الذي جرى تداوله، تعلق بما يحدث في الميادين والتوحد الموجود في الشارع ولو جزئياً. وذهب البعض إلى أن إعلان وفاة مبارك كان لصرف الانتباه عن القضية الجوهرية، وهي الإعلان الدستوري المكمل، ومحاولة حل الجمعية التأسيسية، إلى درجة دفعت الشاعر عبد الرحمن يوسف إلى القول «لو حدّ قالك مبارك مات، قوله ده مش موضوعنا».


ويبدو أن حجم الضغط والغضب المتصاعد في الشارع كان يحتاج إلى شائعة بهذا الحجم لصرف الانتباه عنه وفق العديد من الآراء المتداولة بين النشطاء.


الاحتمال الثاني، جاء لينصب على فكرة التضخيم من أمر مرضه وسوء تدهور حالته الصحية، حتى يتسنى لأعضاء المجلس العسكري إخراج رئيسهم السابق من سجنه، ووضعه تحت الرعاية الطبية في مكان بعيد عن السجن، للحدّ من تدهور حالته النفسية، مع قبول الرأي العام بالمعاملة المميزة له، قبل الحكم عليه بالحبس وبعده.


الاحتمال الثالث،هو زيادة ضبابية المشهد العام، وإشعار الناس بأن لا شيء مفهوماً على كل المستويات، ما قد يمهد لإعلان شفيق رئيساً للجمهورية، رغم ما يملكه مرسي من محاضر فرز تثبت فوزه. الاحتمال الرابع، يتعلق بفكرة التمهيد لإخراج مبارك خارج مصر، تحت ذريعة إنقاذ روحه، وجس نبض الناس حيال الاهتمام بحال مبارك ووجوده داخل مصر أو لا.


أما الاحتمال الأخير فهو أن يكون مبارك قد مات بالفعل، وجرى التكتّم على الخبر وتسريب شائعة الموت السريري، وجلطة المخ، لقياس ردّ فعل الرأي العام تحسّباً لإذاعته رسمياً وتمهيد إذاعة الخبر للرأي العام، أو القيام بدفنه سراً وتجهيز جنازة شكلية بتابوت فارغ له مستقبلاً.


ورغم تعدد هذه الاحتمالات وتواترها، إلا أن سياسة التكتم هي التي لا تزال مسيطرة. وغياب الشفافية يجعل التضارب والتخبّط سيديّ الموقف، إلى درجة دفعت المصريين إلى إطلاق عدد من النكات قالوا فيها «مصر اليوم في عيد، فأنصار مرسي يحتفلون بالفوز وكذلك أنصار شفيق، وأنصار مبارك مبتهجون لنجاته، وقبلهم كان المضادون له مبتهجين لنهايته».


وقالوا أيضاً «الشعب المصري هو الشعب الوحيد الذي لا يعرف مصير رئيسه السابق ورئيسه الحالي»، مردّدين «وكم في مصر من المضحكات، لكنه ضحك كالبكاء».

الأربعاء، 20 يونيو 2012

رئيس مصر «بطّة عرجاء»


رئيس مصر «بطّة عرجاء»



المجلس العسكري يصادر الصلاحيّات

لن تكتمل فرحة جماعة الإخوان المسلمين بالنتائج غير الرسمية، التي تشير إلى فوز مرشحها محمد مرسي بالرئاسة. ففي استكمالٍ للانقلاب الناعم، أصدر المجلس العسكري إعلاناً دستورياً مكملاً، محولاً الرئيس الفائز إلى مجرد «بطة عرجاء»


عبد الرحمن يوسف, بيسان كساب - الأخبار اللبنانية 19 - 6 - 2012


http://www.al-akhbar.com/node/95697
بينما كان الشعب المصري يهيئ نفسه لمتابعة فرز الأصوات في اللجان الانتخابية لمعرفة هوية الرئيس المقبل بعد ثورته، فجر المجلس العسكري لغماً آخر في سلسلة الألغام التي فجرها خلال الأيام الماضية، بكشفه عن إعلان دستوري مكمل، للدستور المستفتى عليه في آذار عام 2011.


ووفقاً للخبراء، سيصبح الرئيس المقبل «بطة عرجاء» أو «رئيساً بروتوكولياً»، يستأذن المجلس العسكري في كل صغيرة وكبيرة أو عند الحد الأدنى يتوافق معه.


وبموجب هذا الإعلان، يحق للمجلس العسكري إصدار قوانين وتشريعات لحين انتخاب مجلس شعب جديد، فضلاً عن توليه كل شؤون الجيش وتقرير كل ما يتعلق بشؤون القوات المسلحة، وتعيين قادتها ومد خدمتهم. كما يكون لرئيسه، حتى إقرار الدستور الجديد، جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع.


ووفقاً للإعلان المكمل أيضاً، لا بد من موافقة المجلس على قرار الحرب إذا اتخذه رئيس الجمهورية، وموافقته على تدخله في شأن ضبط الأمن في البلاد إذا رأى رئيس الجمهورية ذلك مع تحديد القانون لحجم التدخل ودوره واختصاصه.


وبشأن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، نص الإعلان الدستوري المكمل على تشكيل المجلس لها خلال أسبوع إذا قام مانع يحول دون استكمالها، لتعدّ دستوراً خلال 3 أشهر ويعرض على الشعب خلال 15 يوماً، ثم تبدأ خلال شهر من إقرار الشعب للدستور إجراءات الانتخابات التشريعية.


وتابع المجلس في إعلانه، أنه يحق لرئيسه أو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية أو خمس الجمعية التأسيسية الاعتراض على أي من مواد الدستور المعدّ، إذا عارضت ما سماه الإعلان «أهداف الثورة ومبادئها التي تحقق المصلحة العليا للبلاد»، وما تواتر في الدساتير المصرية السابقة. وإذا اعترضت الجمعية يتم الاحتكام للمحكمة الدستورية العليا لتفصل في الأمر.


كذلك، نص الإعلان على أن القانون هو الذي يحدد النظام الانتخابي الذي تجري بموجبه انتخابات مجلس الشعب والشورى المقبلة، وبذلك لا يكون لرئيس الجمهورية أي سلطات سوى تشكيل الحكومة، دون الوزارات السيادية التي لا بد للعودة إلى المجلس العسكري فيها.


ويظهر من خلال الإعلان الدستوري المكمل أن المجلس العسكري سيستخدم أداة القضاء، ولا سيما المحكمة الدستورية العليا التي يترأسها ضابط الجيش السابق المعين من قبل مبارك فاروق سلطان، في تنفيذ ما يريد من قرارات في شأن مواد الدستور المقبل.


كما لم يخف المجلس رغبته في التفرد بكل الأمور السياسية والقانونية، بحسب العديد ممن وصفوا هذا الإعلان بأنه «تغول على مؤسسات الدولة»، وانقلاب من المجلس العسكري يظهر رغبته في عدم تسليم السلطة، ويجعله دولة داخل الدولة.


وفتح إعلان فوز مرشح الإخوان وحزبها الحرية والعدالة، محمد مرسي، الباب للتساؤل حول مستقبل العلاقة بين الرئيس المقبل والمجلس العسكري.


محمد بريك، الخبير في العلاقات المدنية _ العسكرية، رأى أن هناك 3 سيناريوهات ستحكم العلاقة بين مرسي والمجلس العسكري. السيناريو الأول، هو وجود تفاهم كامل بين مرسي، ومن خلفه جماعة الإخوان، على اعتبار تقسيم مساحة السلطات بين الطرفين، فتتركز السلطات السيادية في يد المجلس العسكري ويترك لمرسي والجماعة مساحة واسعة من الحرية للأمور الخدمية.


أما السيناريو الثاني، وهو المرجح لدى بريك، فيتمثل في الصدام بين الجماعة والمجلس العسكري، وذلك نظراً إلى تداخل الملفات السياسية والخدماتية في مصر بشكل واسع. وفي هذه الحالة، سيكون هناك انقلاب صريح، لكنه سيكون انقلاباً أبيض.


أما السيناريو الثالث، فيتلخص في إحداث حالة من الضغط الشعبي والثوري ورفض العملية السياسية كلها، مع وجود توافق وطني، يكون مصحوباً بضغط شعبي يوفر غطاء من الزخم السياسي ويعطي قوة في الصدام مع المجلس العسكري. وهذا السيناريو يعتبره بريك فرصة ضعيفة لعدم وجود توافق وطني حتى الآن.


أما الباحث السياسي في مركز بيت الحكمة للدراسات، شريف محيي، فقد رصد تغييراً في خطاب الكثير من القواعد الإخوانية، تعلو فيه نبرة الثورة على النبرة الإصلاحية المعتادة، عقب الإعلان الدستوري، مرجحاً أن تشكل هذه القواعد أداة ضغط على قيادات الجماعة، في حال قبولها بهذا الوضع الذي يكرس ضعف الجماعة أمام العسكر.


كذلك، رجّح أن الجماعة لن تخضع لحلول المهادنة مرة أخرى بالشكل الذي ظهرت عليه في المرحلة الانتقالية، معتمداً في رأيه على تحليل سلوك مرسي عقب إعلان جماعته فوزه فجر أمس الاثنين.


واعتبر أن وقوف رئيس مجلس الشعب المنحل، سعيد الكتاتني والقيادي في الجماعة عصام العريان، بجانب مرسي، دليل على أن هناك عودة إلى الاصطفاف مرة أخرى لرفض الإعلان الدستوري المكمل. وهو ما تم بالفعل مع إعلان «حزب الحرية والعدالة» رفضه لما أصدره المجلس.


أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، عبد الفتاح ماضي، فاعتبر الإعلان بمثابة «استمرار في انتهاج إعاقة التحول الديموقراطي في مصر، ويطلق سلطة المجلس العسكري ويجعله أعلى من المؤسسات المنتخبة التي يجب ألا تخضع لسلطة أعلى منها».


وقال ماضي إنه لا بد من صدام بين المجلس وبين رئيس الجمهورية المقبل في حال فوز مرسي. وأشار إلى أن مرسي لن يستطيع الوقوف بوجه المجلس، إلا من خلال تشكيله حكومة وحدة وطنية موسعة من كل التيارات وفريق رئاسي من نائبين من غير الإخوان، يشكلون نواة تكتل وطني، يسعى من خلاله إلى إجبار المجلس العسكري على تنفيذ قرارات تجعله يسلم السلطة بشكل حقيقي، والعودة إلى ثكنه.


وحذّر ماضي من تعريض الجيش المصري للخطر بالزج به بصورة أعمق في السياسة، لافتاً إلى أنه سيدفع الثمن في المستقبل مثلما دفع المجتمع ثمن تسييس القضاء والداخلية، بما يؤدي بالمجتمع الى صراع مع أهم مؤسسة تحمي الوطن وحدوده.


وساهم التغيير، الذي أجري على منصب رئيس الجمهورية بين ليلة وضحاها، في حديث البعض عن أن ما يطرح على مصر ربما يكون النموذج التركي الذي يلعب فيه الجيش دور المرجعية في خلفية السياسة التركية. وعقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مصطفى كامل، مقارنةً بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر ومجلس الأمن الوطني في تركيا.


وأوضح أن «مجلس الأمن الوطني في تركيا كان يحاول أن يضمن أن الحكومة في تركيا ناجحة في توفير الاستقرار السياسي وحريصة على الالتزام بمبادئ العلمانية التركية، بينما نظيره المصري لم يؤد أي دور مماثل على خلفية أيدلوجية، اللهم إلا بالنظر إلى تصريح الفريق سامي عنان (عضو المجلس العسكري ورئيس أركان الجيش) الذي شدد فيه على التزام الجيش بحماية مدنية الدولة».


وكان مركز «كارنيغي» قد حذر من أن النموذج التركي أصبح يلوح في الأفق قبل أشهر. ورأى أنه «نموذج تضرُب فيه عناصرُ ما يسمّيها الأتراك «الدولة العميقة» الحركاتِ الإسلاميةَ بقوّةٍ. تشجّعها، في سياق هذه العملية، الأحزاب السياسية المدنية غير الإسلامية التي تخلع عنها بسرعة أوراق اعتمادها الديموقراطية، وتعتمد على الجهات الفاعلة غير الديموقراطية لسحق خصومها الإسلاميين».


ويستفيد الجيش المصري من وقوف قطاع واسع من القضاء في صفه في مواجهة الإسلاميين، من قبيل تهاني الجبالي، عضو المحكمة الدستورية العليا، التي أكدت لـ«الأخبار»، «أن المجلس العسكري يملك الحق في إصدار الإعلان الدستوري الجديد لأنه لا يزال السلطة الفعلية في البلاد، ومن ثم فالطبيعي أن يتجه إلى خطوة كتلك لسد أيّ ثغر تشريعية».

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

مصر: حبس أنفاس بانتظار الرئيس


مصر: حبس أنفاس بانتظار الرئيس


«الإخوان» يلوّحون بالنزول إلى الشارع في حال خسارة مرسي... و«الفلول» يحشدون لإنجاح شفيق


من جديد سيتوجه المصريون اليوم إلى صناديق الاقتراع، على مدى يومين، لتحديد هوية الرئيس المقبل وسط ترقب لمعرفة ما اذا كان المجلس العسكري سينجح في ايصال مرشحه أحمد شفيق، أم تحظى جماعة الإخوان بفرصة الفوز بكرسي الرئاسة


عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 16 - 6 - 2012


http://www.al-akhbar.com/node/95611
يحبس الكثير من المواطنين والمراقبين أنفاسهم اليوم مع بدء انطلاق جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، حيث تأتي جولة الإعادة بين مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي، وآخر رئيس وزراء عهد مبارك، أحمد شفيق، على صفيح ساخن جداً ألهبته نيران الأيام الثلاثة الأخيرة.


فمؤسسات القضاء أصدرت قرارات أشعلت الشارع وأربكته، واضعةً إياه في مأزق لا يعرف أين السبيل للخروج منه. فما بين حل مجلس الشعب وعدم استبعاد شفيق والسماح بالضبطية القضائية لصف الضباط وضباط الشرطة العسكرية والاستخبارات العسكرية، يقف أنصار شفيق ومرسي مستعدين بكل أسلحتهم الدعائية والإعلامية والقانونية.


وتزداد الحماسة تحديداً في المناطق الساخنة، التي تمثل بؤرة ساخنة لسيطرة أحدهما بوصفها منطقة نفوذ. جماعة الإخوان تحبس أنفاسها، في انتظار النتيجة، ولا سيما بعد الحديث عن «انقلاب» من قبل المجلس العسكري.


وكشف مصدر مطلع داخل الإخوان، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الأخبار» أن سيناريو نزول الإخوان للشارع مطروح بقوة، «لأنه في حال حدوث تزوير لصالح شفيق، سيكون بطريقة فجة تكشفه، أما بالطريقة الناعمة فقوة الحشد الإخواني ستحسمه».


أبرز البؤر الساخنة، تلك التي تشهد سيطرة للإخوان منذ القدم، كمحافظة الشرقية مسقط رأس مرسي، والإسكندرية التي كان الحزب الوطني والإخوان يتقاسمان مقاعدها قبل الثورة في الانتخابات.


كذلك، تبرز المنوفية مسقط رأس مبارك ودائرة نفوذ العديد من رجال النظام السابق، إلى جانب كلٍ من المنيا وقنا في صعيد مصر حيث العائلات والعشائر ممن يملكون سلاحاً ونفوذاً، وكانت تتبع الحزب الوطني، فضلاً عن الكتلة المسيحية الكبيرة في الصعيد وأسيوط، التي ستدعم شفيق.


وربما كانت أبرز الأسلحة المستخدمة أمس الجمعة الخطبة الأسبوعية. فعلى الرغم من تحذير مسؤولي وزارة الأوقاف من استخدام المنبر للدعاية، فإن حالة الاستقطاب الموجودة في الشارع، جعلت الخطب المبطنة مفهومة للجميع،


 فمن يتحدث عن الشريعة وأهميتها وضرورة مواجهة «فرعون وجنوده»، يدعو لمرسي. أما من يتحدث عن لعنة السلطة وأهمية ابتعاد المنتسبين للدين عنها، وعدم سيطرة طائفة أو مجموعة على السلطة فهم يدعون لشفيق.


لكن ربما يكون الحشد بباصات النقل وشراء الأصوات بعيداً عن لجنة الاقتراع هو أبرز أدوات اليوم الانتخابي، فيما يعد تصيد الأخطاء وإبطال الأصوات للمنافس، أحدث الوسائل التي ابتدعها محامو شفيق في الإسكندرية.


وعقدوا اجتماعاً بحضور قيادات من الحزب الوطني في قاعات احد الفنادق في منطقة بحري، وتم الاتفاق على أن كل صوت سيبطل من أصوات مرسي سيحصل المحامي على 100 جنيه نظيره. في المقابل، يتسلح أنصار مرسي بأدوات رصد لكشف أي محاولات بلطجة يقوم بها أنصار الحزب الوطني القديم مثلما حدث في انتخابات 2005.


من جهته، يرى رئيس مركز حوار الثقافات والدراسات الحضارية في جامعة القاهرة، محمد صفار، أن أبرز سلاح شفيق يتمثل في كونه مرشح الدولة، ويسانده جهازها.


ووفقاً لصفار، يظهر ذلك من خلال شعار شفيق «إعادة بناء الدولة»، حيث يبدو وكأنه «المدافع عن الدولة ضد ما يعتبره فوضى لحقت بها في ثورة 25 يناير، فتصبح الصورة أن مرسي ينافس جمال مبارك أو حسني مبارك اللذين كانا على رأس الدولة التي هدمت بسبب الفوضى».


في المقابل، تعد الميزة النسبية الوحيدة، التي يستطيع أن يذكرها مرسي عن شفيق، أن الإخوان كانوا جزءاً مشاركاً في الثورة أو لاحقاً بها، ومن ثم التصويت ضده تصويت ضد الثورة، هذا على الرغم من أن الإخوان احترقوا في مجلس الشعب.


ويرى صفار أن «مساندة شفيق من أجهزة الدولة لا تأتي فقط في إطار أنه ابن النظام القديم، لكن في سياق إعادة تقنين سيطرة المؤسسة العسكرية على أجهزة الدولة، عبر تسليم مفاصل الدولة لشفيق ليكون الحاكم باسم المؤسسة العسكرية».


وعن احتمال حدوث انقلاب عسكري للاستيلاء على الحكم إذا خسر شفيق ونزل الإخوان للشارع، يستبعد صفار هذا السيناريو، قائلاً: «ربما نكون بصدد سيناريو الجزائر مرة أخرى بصورة ناعمة، أو باختلاف أن العسكر لن ينقلبوا بشكل فج ودون حدوث مواجهات مسلحة».


وأضاف «بعد قرار الضبطية القضائية، الذي يكشف عن الاستعداد لأي فكرة مواجهة، وعدم عزل شفيق وحل البرلمان، فإن المجلس العسكري، يبدو أنه يريد أن يمنح الحزب الوطني القديم فرصة لإعادة بناء نفسه، ليُرجع إليه مقاليد الأمور في انتخابات أخرى، ولا سيما مع شعب يمل من الذهاب للانتخابات كثيراً، أو أنه يريد أن يستقيل فعلاً ويدير من خلف الستار».


ويفسر صفار ذلك بأن «المجلس العسكري جاءته فرصة ذهبية للانقلاب أثناء أحداث العباسية، إلا أنه لم يفعل ذلك لسببين رئيسيين. الأول هو خوفه من أن تتمرد القوى التي ستقوم بالانقلاب عليه، ويصبح التمرد عليه هو.


 أما السبب الثاني فيتمثل في أن المجلس لا يرغب في تولي مسؤولية تيسير الحياة اليومية والمعيشية، بشكل مباشر، بما يكفل له الهروب والتنصل من المسؤولية المباشرة عنها، وخصوصاً بعدما كان المجلس يلقي بلائمة الفشل فيها على الثورة، فضلاً عن رغبة المجلس في إخراج المشهد بصورة غير ممجوجة أو زاعقة».


أما عن نتيجة جولة اليوم، فيتوقع صفار أن خطة الثورة المضادة أو الدولة العميقة لا تتمثل في مواجهة الإخوان فقط، بل في قتل روح الثورة، لأن الثورة «تعبير عن روح تكسر حاجز الخوف وتكسب النفس ثقة بالذات على الفعل». وينجح هذا عندما تكون هذه الروح عبر حركة اجتماعية، ومن ثم ستحاول الثورة المضادة ألا تسمح ببناء جسد للثورة يحمل روحها.


أما الباحث في علم الاجتماع السياسي، إسماعيل الإسكندراني، فيرى أن الصدام حدث بالفعل بين المجلس العسكري والإخوان في إطار المؤسسات. وخسر الإخوان فيها بسبب تواطؤ قوى مدينة وليبرالية مع المجلس العسكري وفشل الإخوان في بناء تحالفات قوية.


وتوقع أن تتبنى الجماعة خطاب المحنة مرة أخرى، لأن نزول أنصارها الميدان سيكون بلا شعبية أو صدقية، ولا سيما في حالة خسارتهم. واعتبر أن المعركة اليوم «هي معركة حياة أو موت بالنسبة للعسكر، الذي تواطأ مع جزء من مؤسسة القضاء الذي كانت بمثابة خنجر مسموم للثورة».


أما الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، محمد العربي، فيرى أن الجماعة إذا خسرت انتخابات الرئاسة، وهو ما سيحدث على الأرجح، فإن حل الثورة سيكون أبعد الحلول عن تفكيرها، لكن فقط ستلوّح به خطابياً بيد وربما ستلجأ كالعادة للتفاوض مع النظام بيد أخرى. ومن بين الاحتمالات، أن تتجه إلى تقاسم السلطة، أو الحصول منها على جزء يرضيها إلى حين.


أما طرح التوافق مع القوى السياسية الأخرى سيكون أداة في يد الإخوان، لا كهدف جدي بل كتكتيك للضغط على النظام. أي أن الجماعة لن تتجه للثورة، ولن تتوافق فعليا مع قوى الثورة، ولن تصطدم بالنظام، ولكنها ستستكين لحين التفكير بشكل جدي في ما فعلته وما سيحدث لها.


ويذهب في تحليله إلى أن الإخوان بدوا بسبب قرارات المحكمة الدستورية هم الأكثر خسارة قياساً بأي قوة سياسية أخرى، فيما تبدو معركة الرئاسة حاسمة لهم، فإما أن يستعيدوا ما فقدوا، أو يخسروا كل شيء وهو ما سيحدث على الأرجح.


واعتبر العربي أن السبب في ذلك هو خروج الإخوان عن صف الثورة ومغازلة العسكر، وعدم إظهار أداء مرض لهم في مجلس الشعب، فلم يعد لديهم رصيد مع الثوار أو الشعب. وهو ما جعلهم يبدون في حديثهم عن الثورة كحديث الابن الضال عن بيته. 


ويشير العربي إلى أن الجماعة «لم تعد تمتلك أدوات فعالة في صراعها على الحكم، فهم غير قادرين على تعبئة الشعب ضد الخصم، إلا بدعاية يائسة يغلب عليها الطابع الديني، الذي يؤثم من يؤيد شفيق»، فضلاً عن أن حل الميدان غير مطروح ولم يعد ذا معنى.



الجمعة، 15 يونيو 2012

عمرو خالد يعود بنكهة الفلول والتنمية والسياسة



عمرو خالد يعود بنكهة الفلول والتنمية والسياسة


بعد غياب عن المشهد، أطلّ الداعية المصري عمرو خالد من جديد، دامجاً بين السياسة والتنمية، مستعيناً بالفلول، ومروجاً لوجود مفاوضات مع معارضين معروفين بانتمائهم للثورة، متقناً لعبة «عدم الانحياز»

عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 14 - 6 - 2012

عمرو خالد يعود بثلاث مواقف مثيرة للجدل
رابط الموضوع على موقع الجريدة:http://www.al-akhbar.com/node/95432
لا تمضي فترة إلّا ويثبت الداعية عمرو خالد أنه الأكثر قدرة على إثارة الجدل في مواقفه التي يتخذها أو يعلنها، اذ تصاحبها دائماً حالة غموض واستياء تقسّم معسكر محبيه ومتابعيه إلى مؤيد ومعارض.


الانقسام بدأ مع خروجه من مصر إلى انكلترا دون إبداء أسباب وامتد ليشمل زيارته للدانمارك عقب واقعة الرسوم المسيئة للنبي محمد. ولم ينته الأمر ببعض تصريحاته الفقهية الجدلية وموقفه غير الواضح بصورة جلية من الثورة.كل هذه المواقف كانت متقطعة ومتفرقة. لكن هذه المرة،


وخلال أقل من 10 أيام، أقدم عمرو خالد على ثلاثة مواقف متتالية مثلت صدمة لدى قطاع عريض من محبيه ومتابعيه.


الموقف الأول لخالد كان إعلانه عن تأسيس حزب سياسي يحمل عنوان «مصر المستقبل». أكد خالد، في شريط مصور، أنه «يمثل الطريق الثالث في مصر»، وأنه جاء استجابةً «لنتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية»، بعدما اتصل به العديد من المصريين في كل أنحاء العالم وداخل مصر «يبكون من النتيجة ويسألون محتارين ماذا يفعلون ؟».


وبعدما أوضح خالد أنه تأمل، فرأى أن سر نجاح الفائزين في الجولة الأولى، محمد مرسي وأحمد شفيق، يتمثل في كون «وراء كل منهما كيان كبير وضخم ومنظم ومنتشر في كل أنحاء مصر وليس مجرد وجود في الإعلام أو الصحف»، وجد الداعية المصري حتمية لإعلان هذا الحزب ليجمع فيه كل هؤلاء الذين يرون أن النتيجة لا تمثلهم.


لكن بالعودة إلى تاريخ عمرو خالد، فإن الحيرة من إنشاء الحزب تتبدد. فقد كان السعي لتأسيس حزب «مصر المستقبل» ممتداً لنحو أكثر من عام.


وأوضح الناشط الحقوقي، القيادي في حزب الريادة، المهندس هيثم أبو خليل، لـ«الأخبار»، أن اسم الحزب، الذي أعلنه خالد، هو اسم حزب كان قد دخل في مفاوضات لاعلانه خلال شهري آذار ونيسان عام 2011،


من خلال وكيل مؤسسيه آنذاك الدكتور محمد يحيى، رئيس مجلس أمناء مشروع صناع الحياة، وأحد أقرب المقربين لخالد، مع كلٍ من حزب النهضة الذي يتزعمه إبراهيم الزعفراني ومحمد حبيب، القياديان الإخوانيان السابقان، وحزب الريادة الذي يتزعمه خالد داود ومحمد هيكل القياديان الإخوانيان أيضاً.


 ووفقاً لأبو خليل، كانت اجراءات دمج الأحزاب معاً تحت اسم واحد جارية، إلا أن التأخر في إتمام التحالف يرجع إلى وجود خلافات على شكل الهيئة العليا للحزب والمكتب التنفيذي في الحزب المشترك آنذاك.


ويلفت أبو خليل إلى أنه طوال هذه المفاوضات لم يظهر عمرو خالد في الصورة، إلّا كمرحب بالفكرة دون الإعلان أنه جزء منها. وهو ما فاجأ أبو خليل حينما رأى خالد يعلن انشاء الحزب، بعد أن كان يحيى هو المتولي للموضوع برمته معهم.


إلا أن محمد يحيى يفسر لـ«الأخبار» هذا الأمر بالقول «هناك تطابق روحي بيني وبين خالد، لكن في المشروعات الكبرى التي تحتاج إلى تجهيز ووصل إلى الجماهير بصورة كبيرة، تستلزم أن يبتعد في بدايتها خالد عن المشهد حتى يستقر المشروع بعيداً عن الملاحقة الإعلامية، وعند اكتماله يعود المجهزون خطوة للخلف ويتقدم خالد خطوة للأمام بحيث يحدث التأثير الجماهيري المطلوب».


وكشف يحيى أن المفاوضات مع حزبي النهضة والريادة لا تزال قائمة حتى الآن. كذلك كشف عن أن هناك «مفاوضات تجري بين (محمد) البرادعي و(عبد المنعم) أبو الفتوح للدخول في اندماج وشراكة بين كل هذه المشاريع لتصبح المشروع السياسي الأكبر في مصر، من أجل حياة ديموقراطية سليمة»، وهو ما لم يؤكده حتى الآن أيّ من البرادعي أو أبو الفتوح.


من جهته، أبدى الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، محمد العربي، دهشته من إعلان عمرو خالد أن حزبه «تنموي»، متسائلاً «ما الغرض من تأسيس كيان سياسي بدعوى التنمية». ووصف ذلك «بالتناقض»، ولا سيما أنه أسس بجانبه منتدى لحل المشكلات التنموية والاقتصادية.


التعاون مع الفلول من أجل التنمية والمشاركة بالسياسية أبرز نقاط الجدل
الموقف الثاني المثير للجدل لعمرو خالد، كان إعلانه قبل أيام عن تأسيس منتدى أهل مصر، وهو تجمع يضم العديد من الخبراء ورجال الأعمال، كبيت خبرة اقتصادي وإداري وتنموي. وهو في ظاهر الإعلان أمر جيد، لكنه كان بالنسبة لعدد كبير من أنصار خالد، دليلاً على «الميوعة وعدم الوضوح»، وذلك بسبب وجود رجال أعمال وقيادات في الحزب الوطني داخل هذا المنتدى، بينهم وزراء سابقون في عهد مبارك.


أمر رآه الباحث في علم الاجتماع السياسي، إسماعيل الإسكندراني، ليس غريباً على خالد. وأوضح أن «المساحة التي تحرك فيها خالد هي للحفاظ على أوضاع ومصالح أصحاب رؤوس الأموال والطبقة العليا، وتحويل مسؤوليتها إلى شعور بالرضا الشخصي أو راحة الضمير حين يخرجون من جيوبهم معونة إلى الفقراء والمحتاجين».


أما أبو خليل، فيرى أن عمرو خالد يقوم من خلال إشراكه الفلول في هذا المنتدى بـ«حماية للمشروعات التنموية الخاصة، وهو بالنسبة لهم واجهة جيدة مقبولة اجتماعياً خاصة بين الشباب، يعيدون بها تقديم أنفسهم للرأي العام».


إلا أن محمد يحيى، وهو أيضاً العقل المدبر لخالد، علّق على هذه الانتقادات بدهشة لـ«الأخبار»، قائلاً «لماذا الاستياء، فكل شيء حسب الدور المنوط به. الحزب ليس له علاقة بالمنتدى».


وفسر يحيى وجود هذا العدد من قيادات الوطني ووزرائه السابقين بالمنتدى، بأنه من أجل هدف المنتدى المتمثل في تجميع الخبرات والمعلومات الموجودة بحوزة هؤلاء، والتي جمعوها أثناء تواجدهم في مناصبهم أو مواقعهم، لأنها ملك مصر والمصريين وليست ملكهم. وأضاف «لو كان يتسنى ضم مبارك لعضوية المنتدى لفعلنا ذلك»، مشيراً إلى أن هؤلاء «حتى لو فلول ممكن يكونوا بيحبوا مصر وبيحبوا ربنا».


أما الموقف الثالث لعمرو خالد، فجاء خلال لقائه مع شبكة «سي بي سي»، حيث رفض إعلان موقفه من جولة الإعادة، معتبراً أن ما يحدث «فتنة تشبه فتنة علي ومعاوية»، لذا فإنه قرر «اعتزال الفتنة مثل عبد الله ابن عمر».


وهو ما أثار موجه من الاستياء والغضب بين العديد من أنصاره، ولا سيما التابعين للتيار الإسلامي لما وجدوا فيه من مساواة بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، ومرشح النظام السابق أحمد شفيق.


ويرى العربي أن هذا الخطاب ما هو إلّا «استمرار لسياسة اللاموقف التي تبناها عمرو خالد في كثير من المواقف، وهو ما سيؤدي إلى عدم تفاعل إيجابي معه نظراً لوجود استقطاب سياسي حاد في الشارع المصري، يستلزم تبني مواقف محددة». ويختتم العربي بالقول إن عودة ظهور خالد «تبدو متسقة مع حالة الصعود السياسي الإسلاموي في مصر بعد الثورة».



الخميس، 7 يونيو 2012

خالد سعيد... «أيقونة» ثورة لم تكتمل

في الذكرى الثانية لوفاته
خالد سعيد... «أيقونة» ثورة لم تكتمل


تحول خالد سعيد إلى «أيقونة الثورة» بعدما أجّج مقتله الغضب من ممارسة نظام حسني مبارك، لكن الأيقونة سرعان ما تلاشت بعدما غرقت الثورة في أتون المعارك السياسية الجانبية.


عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 7 - 6 - 2012


قضية خالد سعيد كانت أحد أسباب تفجر براكين الغضب في مصر
رابط الموضوع على موقع الجريدة:http://www.al-akhbar.com/node/94915


لم يكن خالد سعيد ابن الثمانية والعشرين عاماً، البعيد كل البعد عن أمور السياسة، يتصور أنه سيكون في يوم من الأيام أحد أبرز الأسباب في سقوط أباطرة النظام السياسي المصري واندلاع براكين الغضب في شوارع مصر.


خالد سعيد لم يكن ناشطاً أو باحثاً أو مناضلاً، بل كان كآلاف الشباب العاديين في مصر. إلاّ أن وقوع أحد الأشرطة المصورة،الذي يُظهر تداول «كمية من الحشيش المضبوط بين ضباط قسم سيدي جابر» بين يديه،ونشره بين عدد من أصدقائه،جعله هدفاً لوحشية عنصري الأمن في القسم محمود الفلاح وعوض إسماعيل، اللذين أقدما على ضربه والتعدي عليه في ليلة الأحد 6 حزيران 2010 في الإسكندرية، ما أدى إلى وفاته داخل حي كليوباترا الذي يقطن فيه.


وحتى ذلك الحين لم يكن هناك شيء جديد عمّا يحدث في بر مصر من انتهاكات للشرطة وقتل، نتيجة السحل والضرب والتعذيب، سواء تجاه الناشطين السياسيين أو الحقوقيين أو غيرهم.


 إلاّ أن عوامل عدة صاحبت وأحاطت بملابسات هذه الواقعة، جعلتها تمثل نقطة تحول في مسار القضايا من هذا النوع، بل وتمثل نقطة تحول في تاريخ مصر ونظامها والمفاهيم السائدة فيها.


أول هذه العوامل، هو تلك الصورة التي التقطت بكاميرا أحد الهواتف المحمولة، قبل دفن جثة سعيد. وتظهر آثار الوحشية التي نالت من وجهه الجميل. وأدى انتشارها، مصحوبةً بصورته الأصلية عبر الإنترنت، إلى صنع حالة من التعاطف الشعبي والحقوقي مع القضية، ولا سيما أن سعيد ليس شخصاً سياسياً أو رمزاً حركياً يمكن تشويهه بأنه في عداء مع النظام أو طامع في سلطة أو جاه.


صاحب هذا العامل الانتشار الملحوظ لموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» في مصر، والاستفادة من إمكاناته في الربط والتشبيك بين كافة أطياف المجتمع وصعوبة تتبّع مستخدميه. وأُسّست عقب وفاة سعيد بأربعة أيام، صفحة «كلنا خالد سعيد»، أسّسها وائل غنيم وساعده فيها الناشط عبد الرحمن منصور، لتكون منبراً تجمع فيه صرخات المخنوقين والمستائين من المدى الذي وصل إليه ظلم هذا النظام.


وأثبت عدد المشاركين نجاح الفكرة، إذ تجاوز عددهم 200 ألف خلال العشرة أيام الأولى من إنشاء الصفحة. ومن هنا تضافرت العوامل السابقة بعضها مع بعض لتصنع بيئة غير مركزية يتداول فيها النشطاء والحقوقيون والمستقلون من كافة الأطياف هذه القضية، لتصبح قضية رأي عام بامتياز.


هذا الأمر أربك النظام ودفعه إلى إطلاق حملة لتشويه القضية لدى الرأي العام. فتارةً سلّط الضوء على تهرّب سعيد من التجنيد، وتارةً سلّط الضوء على بعضٍ من طيش شبابه.


لكنّ إنسانية القضية وبعدها عن الشق السياسي، منحاها حصانة ضد هذا الأمر، وجعل الناس تتندر على ما توصل إليه تقرير الطب الشرعي الأول، عن أن الوفاة حدثت نتيجة اختناق سعيد بعد ابتلاعه لفافة بانغو، والذي نقضه التقرير الثاني، مؤكداً أن الوفاة حدثت نتيجة استخدام القسوة وليس الخنق.


في موازاة ذلك، كان نجم المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، قد بدأ يظهر بقوة في المجتمع إلى جانب الحركات الشبابية غير المحكومة بأطر تقليدية، وتنتشر ثقافة وسائل الإعلام الاجتماعية وثقافة الصورة، ليمثّلوا نوعاً من حائط الصد والممانعة ضد آلة إعلام النظام، وأدوات ضغطه. فكانت زيارة البرادعي لمنزل سعيد في أحد أيام الجمعة بشهر تموز 2010، إيذاناً بأن تأخذ القضية بُعداً دولياً.


ومع الوقت، اكتسب أشخاص عاديون شجاعة من هذا الأمر. وتكشّف عدد آخر من قضايا الانتهاكات والتعذيب، كان أبرزها قضية سيد بلال، الشاب السلفي الذي تعرض للوفاة نتيجة التعذيب أثناء التحقيق معه ومع آخرين في حادثة التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية، لتمثّل صورته التي التقطت بكاميرا الهاتف المحمول عاملاً مشابهاً يكشف مدى البشاعة التي وصل إليها نظام مبارك.


هذا كله، إلى جانب تزوير الانتخابات عام 2010 واتهام الداخلية في واقعة القديسين، أكسب الناس شجاعة البوح بصوت عال بما في صدورهم، فاستجابوا لنداء صفحة «كلنا خالد سعيد» بتحويل يوم «25 يناير»، عيد الشرطة في مصر، إلى يوم للغضب والاحتجاج.


وهو ما حدث بالفعل، وأدى إلى ثورة الناس حتى رحيل مبارك في 11 شباط عام 2011. لكن الحكم بـ7 سنوات فقط على مرتكبي تلك الجريمة، واستمرار قيادات الشرطة في أماكنهم وتبرئتهم، فتحت باباً من الجدل بشأن التأثير في بنية النظام السابق، ولا سيما مؤسسته الأمنية، أدى إلى التأكيد أن تداعيات مقتل خالد سعيد لم تكن كافية لإسقاط النظام بأكمله، وأن النضال لنيل الحرية والعدالة لا يزال طويلاً.
تحليل ظاهرة خالد سعيد


وعن ظاهرة خالد سعيد يرى الباحث في وحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية، محمد العربي، أن سعيد «لم يكن إلاّ أيقونة، وكل ثورة تحتاج إلى أيقونة تستتبعها أيقونات تولدها الأحداث». ورأى أن مقتل سعيد «دلالة جامعة على السبب الرئيسي الذي فجر ثورة يناير، وهو وحشية الشرطة وامتهانها لكرامة المواطن»،


 وهو ما أدى إلى «نجاح هذا الرمز في تعبئة الغضب الشعبي من الشرطة والنظام الذي تقوم بحمايته، فيما استدعى توحّش الشرطة توحّش سياسات النظام الاقتصادية والأمنية، وهو ما مثّل وقود الثورة الجاهز للاشتعال في أي وقت».


ونبّه العربي إلى أن دخول الثورة في متاهات السياسة وتجاذباتها «جعل الثائرين يتناسون القضية السبب في ثورتهم، فلم يكن أحد ليتحدث عن الشرطة وضرورة إعادة هيكلتها مع انفجار المليونيات والاستقطابات السياسة الفارغة، وهو ما أدى إلى تفريغ الرمز/الأيقونة من مضمونه».


وعن انعكاس قضية سعيد على المستقبل، لفت إلى أن «الحديث ما زال أسيراً للسياسة والنقاش بشأن استكمال الانتخابات الرئاسية، أو الاتجاه نحو المجلس الرئاسي ولجنة الدستور والصراع بين المجلسين الشعب والعسكري. وبين كل هذا وذاك، لن تحرك دماء الشهداء قبل الثورة وبعدها المتصارعين وتدفعهم نحو التوحد». وأضاف «كل الأيقونات تتلاشى. وتبقى منها الحكاية غير المكتملة عن الشاب الذي توفي جرّاء وحشية الشرطة».


أما على مستوى الحركات السياسية، فلم تنس حركة «شباب من أجل العدالة والحرية»، التي انطلقت من الإسكندرية، هذه الذكرى، فأصدرت بياناً ذكّرت فيه أن «الحرية ثمنها الدم». وأشارت الحركة إلى أنه بالرغم من مرور عام ونصف على قيام ثورة «25 يناير»، «لم تسقط دولة الظلم والاستبداد بعد، وما زالت تحكم بقضاء فاسد لا يعرف العدالة، وجهاز شرطة همجي لا يعرف سوى القمع».



الأربعاء، 6 يونيو 2012

أثر أحكام قضية مبارك على القوى السياسية والانتخابات


الأحكام القضائية حرّكت المياه الراكدة للقوى السيــــاسية

ألقت الأحكام التي أعلنت السبت الماضي في قضايا الرئيس المخلوع حسني مبارك ورجال حكمه حجراً في مياه السياسة الراكدة، مدخلةً عناصر جديدة على مشهد جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية


عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 6 - 6 - 2012 


الأحكام في قضية مبارك كام لها تأثير على الشارع السياسي المصري
رابط الموضوع بموقع الجريدة:http://www.al-akhbar.com/node/94819
حققت الأحكام الصادرة بحق الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء، ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار معاونيه، ما كانت تصبو إليه جميع الأطراف الثورية في المشهد السياسي المصري،


سواء من هم في موقع تنافس على السلطة كجماعة الإخوان المسلمين، أو القوى السياسية التي باتت جزءاً من مشهد سياسي باهت، أو لدى الشباب الثوري الحالم، الذي يشعر كل يوم باغتيال ثورته وسرقتها دون استطاعة منه أن يحرك ساكناً.


 بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، فإن يقظة الشارع ونزول العديد من الجماهير للتعبير عن الاحتجاج والغضب عفواً على الأحكام وشعورها أنها خُدعت، وفّرا للجماعة زخماً وغطاءً تحركت فيه أثناء تلمسها لتوافق سياسي تنشده بقوة في منافسة أحمد شفيق.


وسعت الجماعة إلى إقناع الشارع بأن مرسي مرشح الثورة الفعلي، بعدما تراجعت الكتلة التصويتية للجماعة بواقع النصف عن انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وهو تراجع تسبب فيه عجز الجماعة في المجلس وخطابها المتأرجح بين الثورة واللاثورة وممارستها السياسة في بيئة ثورية بأدوات إصلاحية.


وقامت جماعة الإخوان بالحشد في الميادين والدعوة إلى مليونيات، وتصعيد لغة الخطاب ضد مؤسسات السلطة، سواء المجلس العسكري أو النائب العام، عبد المجيد محمود، أو طلب إعادة المحاكمات.


 وقدمت الجماعة نفسها بديلاً قادراً على تحقيق العدالة المنشودة من قبل أهالي الضحايا والثوار، عبر مرشحها محمد مرسي. وهو ما كان متلازماً ومتطابقاً مع مطالب القوى وشباب الثوار، بما جعل الإخوان يتماهون في المشهد الثوري لترتفع حظوظ مرشحهم. وتجلى ذلك، في تراجع الكثير من المترددين من السياسيين عن دعمه، بعدما استشعروا الخطر الذي يهدد مسيرة الثورة.


أما في ما يتعلق بالمرشحين الرئاسيين الذين لم يحالفهم الحظ في الجولة الأولى، فقادتهم الأحكام من الاحتجاج في الفضاء العام إلى مائدة التفاوض مع مرسي، بعدما تمنعوا عن هذه الخطوة عقب صدور النتائج.


وبعدما أعلن المرشح الناصري الخاسر، حمدين صباحي، أنه ضد ما سماه «الاستبداد الديني والاستبداد العسكري»، قاصداً مرسي وشفيق، إلا أنه في الأخير توصل إلى اتفاق مبدئي مع مرسي والمرشح الإسلامي الخاسر عبد المنعم أبو الفتوح، في اجتماع عقده الثلاثي أول من أمس.


ويتضمن الاتفاق عزل شفيق والتشاور حول تشكيل فريق رئاسي، وذلك بعدما طالبهم الثوار بعدم النزول للميدان كثيراً والإسراع بالتوافق وتشكيل اصطفاف وطني، يواجه احتمالات التزوير والرشى وتحالف مؤسسات القوة والسلطة والفلول وحزب الكنبة خلف شفيق، وهو ما أدى إلى تصاعد احتمال عودة المرشحين الخاسرين كفاعلين مشاركين ومؤثرين في مسار الانتخابات ونتائجها.


أما الأحزاب التي خفت بريقها عقب الانتخابات التشريعية، فوجدت لنفسها موطئ قدم، حينما قررت مساومة جماعة الإخوان على مكاسب سياسية تنتزعها، بعدما وجدت الجماعة نفسها في حاجة ملحة إلى هذه الأحزاب من أجل اكتساب مشروعية سياسية، ترمم الصدع الذي حدث للجماعة في العديد من معاقلها ولتظهر للرأي العام أنها جادة في عدم الاستحواذ على السلطة.


وهكذا ظهر وزن نسبي لهذه الأحزاب يظهرها في موضع قوة، ويجعلها تأمل في نصيب من السلطة، التي ربما تقع في يد الإخوان كاملة. ورغم أن الأحكام بحق مبارك ورجالات حكمه جاءت صادمة لجموع الثوار وأهالي الشهداء والمصابين،


إلّا أن تأجيجها للمشاعر العامة ساعد الثوار في استعادة جزء من بريقهم، وإظهارهم جزئياً للرأي العام، بأنهم كانوا على صواب في معارضتهم للأجواء التي تجري فيها المحاكمات وتشكيكهم في أن السلطة الحاكمة قادرة على ضبط سير العدالة. وهكذا نال الثوار جزءاً من التعاطف الشعبي مع صيحات الغضب التي أطلقوها مجدداً.


لكن هذه الاستفادة برأي العديد من الخبراء، قد لا تتوج بفعل واقعي، إذا لم يجد هذا الزخم قيادة توجهه. ويرى الباحث الإستراتيجي في جامعة ريدنج في بريطانيا، محمد بريك، أن وجود حالة ثورية جديدة هو أمر مبشر. إلّا أن مفردات هذه الحالة لا تحقق، من وجهة نظره، حسماً أو تغييراً جذرياً لافتقادها الأدوات السياسية أو التفاوضية أو الدعم الشعبي الكبير والكافي.


وأوضح لـ«الأخبار» أنه «حال توفر قيادة استراتيجية أو سياسية لها، فربما يساعد ذلك على تفعيل العزل السياسي وإقصاء شفيق من السباق الرئاسي». وبيّن أن «انتخابات الإعادة سوف تجري في موعدها، وأن مجمل المآل السياسي لا يرتبط بفوز مرسي فقط، بل بالقدرة على مواجهة الإعلان الدستوري المكمّل، الذي قد يصدره المجلس العسكري قريباً ليضمن به مكتسباته».


أما الباحث في الشؤون السياسية، علي الرجال، فرجح أنه «إذا حدث تعنت من قبل السلطة الحاكمة، ولم يُعزل شفيق، ونجح رغماً عن الجميع، فسيحدث انفجار ثوري آخر». وأوضح أن «هذا الانفجار سيحدث بنحو متدرج لكنه عنيف».


ورأى الرجال أن «مرسي سيفوز عبر طريقين، إما تفاوضي مع القوى الثورية والوطنية، وهذا يعتمد على ذكاء الإخوان، أو عبر استمرار مسار الحالة الثورية الرافضة لشفيق».وشدد على أن «حدوث انقلاب في المشهد، وتغيير جذري تام فيه إذا تم التزوير لصالح شفيق، لن يأتي إلّا إذا حدث زحف نحو مراكز السلطة وجعلها في مواجهة مع الشعب».


من جهته، ذهب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية، عبد الفتاح ماضي، إلى التأكيد أن «حالة الزخم الحالي لن تؤثر على مسار إجراء الانتخابات في موعدها، ولا سيما مع بدء إجرائها في الخارج».


واستبعد أن يوافق الإخوان على تشكيل «المجلس الرئاسي»، مرجحاً أن يكون السيناريو الأقرب تشكيل «فريق رئاسي». واعتبر «أن الأحكام أدت إلى استئناف الثورة من جديد. وأعطت فرصة لتوحيد الصف وزيادة الدعم الشعبي لمرسي».


بدوره، رأى الباحث في الشؤون السياسية، محمد العربي، أن هذه الأحكام «ستزيد من الاستقطاب، وربما ستدعو الأصوات الرافضة لحكم العسكر والإخوان وعنوانهما شفيق ومرسي، إلى إعادة التفكير والاتجاه نحو انتخاب مرسي. وقد تقوّي الاتجاه أكثر نحو حل الميدان بعد ضياع الثقة في الحلول السياسية والقضائية للأزمة الحالية في مصر».