الاثنين، 4 مارس 2013

الإسكندرية: بلد الـ "75 ضريح والـ 27 مولد"



الإسكندرية: بلد الـ "75 ضريح والـ 27 مولد"
أقدمها لـ«الطرطوشى» وأحدثها لـ«مصطفى جاد».. و5 لـ«الصحابة».. واثنان فى جزيرة
كتب : عبدالرحمن يوسف تصوير : ناجى درازالثلاثاء 31-07-2012 11:50
http://www.elwatannews.com/news/details/32668
هى مدينة الأضرحة بلا منازع، ولكل ضريح حكاية، أغلبها لشخصيات لم تحظَ بالشهرة.. ولا تقام لها موالد ولا تُشد إليها الرحال، ورغم ذلك يظل أصحابها «بركة» والسكنى إلى جوارهم «قربى» من الله وأوليائه.
وخلال شهر رمضان، تشهد الإسكندرية ما يزيد على 27 مولداً واحتفالية دينية، والتى تعتبر موسماً دسماً خاصة لمريدى الطرق الصوفية، يرجع الشيخ جابر قاسم، وكيل مشيخة الطرق الصوفية بالإسكندرية، تلك الظاهرة إلى كونها مدينة ساحلية بها أهم موانئ مصر منذ القدم، وظلت العاصمة إبان الفتح الإسلامى، وهو ما جعل لها وضعاً متميزاً، خاصة بسبب النوات الشتوية التى تهب عليها، وتركز العمل قديماً على الميناء وما يرتبط بها، مما أدى إلى أن تكون أغلب الموالد فى فصل الصيف، خاصة أكبرها، وهو مولد أبوالعباس المرسى، الذى انتهى قبل بداية رمصان بأيام قليلة.
ولعل كثرة الموالد والاحتفالات الدينية التى تُعقد هذا العام، تدفع الكثيرين إلى التساؤل عن العدد الفعلى للأضرحة فى الإسكندرية، لا سيما أن الكثير من الناس لا يعرفون عن أضرحة الإسكندرية أو أوليائها إلا ما ارتبط بمناطق بعينها، كسيدى بشر وسيدى جابر وأبوالعباس وأبوالدرداء، أو كما ينطقه السكندريون «أبو الدردار»، الذى اختلفت حوله الروايات، هل دخل مع الفتح الإسلامى؟ أم أن هذا ولى ويتشابه اسمه مع الصحابى الجليل؟
ويجيب عن هذا التساؤل الشيخ جابر قاسم، قائلاً: «عدد الأضرحة فى الإسكندرية يبلغ قرابة 75 ضريحاً»، مبيناً أن أغلبها لـ«مغاربة أو أندلسيين مروا بالإسكندرية أثناء رحلاتهم للحج أو جاءوا إلى مصر، مع الفتح الإسلامى أو بعده متأثرين به».
ومن بين هذه الأضرحة الكثيرة، أضرحة تعد مجهولة، إلى غير المختصين على الرغم من أهميتها، فى تاريخ الصوفية الإسلامية بمصر عامة والإسكندرية خاصة، فربما يندهش الكثير عندما يعلم أن أقدم ضريح فى الإسكندرية ليس أحد الأضرحة المشهورة للعامة، ولكنه ضريح «سيدى أبوبكر الطرطوشى»، الموجود بها منذ القرن الخامس الهجرى وموجود بمنطقة السكة الجديدة، أو الباب الأخضر، كما يطلق عليها أحياناً، والطرطوشى هو أحد الفقهاء الذين قدموا من الأندلس من مدينة طرطوش، لكنه طاف عدداً من المدن كمكة والشام قبل أن يستقر به الحال فى الإسكندرية، وله 22 مؤلفاً، أبرزها «سراج الملوك»، الذى يتحدث عن فنون الحكم والسياسة وكيف تكون العلاقة بين الراعى والرعية، وقد دفن بجانب ضريح الطرطوشى تلميذه محمد الأسعد، ويتم الاحتفال به يوم 18 رمضان.
ومن بين الأضرحة ذات الوقائع اللافتة فى سيرة الأولياء بالإسكندرية، ضريح سيدى أحمد المتيم، المدفون بشارع السلطان حسين أمام حدائق الشلالات، فبحسب الشيخ جابر قاسم، فقد كان مدفوناً فى الحدائق نفسها مع ثلاثة من إخوته الذين يتحدرون جميعاً من نسل على زين العابدين بن الحسين، رضى الله عنه، فحين أرادت الدولة توسيع الحدائق، ومن ثم نقل رفات هؤلاء الأولياء الأربعة، توقف رفات أحمد المتيم فى المكان الموجود به مسجده ومقامه الآن، ورفض السير مع الباقين الذين وضع رفاتهم فى منطقة مسجد الـ14 ضريحاً القريبة فى منطقة ميدان المساجد بمنطقة بحرى.
ولأن الإسكندرية مدينة ساحلية فإن وجود ضريحين داخل جزيرة صغيرة بالبحر غير مستغرب، كضريح سيدى محمد العجمى والموجود داخل بحر ميناء الدخيلة، ويسرى عليه ما يسرى على الضريح السابق، لكن مريدى الشيخ يحتفلون به فى ساحته منذ قرابة 52 عاماً بعيداً عن شاطئ البيطاش، المكتظ بالمصيفين.
ويعود سبب وجود ضريح الشيخ فى عرض البحر إلى وفاته، وهو قادماً من المغرب إلى الإسكندرية على جزيرة بالبحر قرب الشاطئ وقف للاستراحة عليها وسميت منطقة العجمى على اسمه، ومما يعرف من كرامات الشيخ أنه لم يكن يحب النساء، لذا كانت مراكب السيدات التى تذهب إلى ضريحه تغرق وسط الطريق، فمنعت النساء من الذهاب إلى المسجد.
وهناك ضريح آخر بالبحر لسيدى محمد رحال والموجود ببحر المعمورة، ولا يذهب إليه إلا وكيل المشيخة وذوو الشيخ، وذلك لوضع الكسوة السنوية له وتلاوة الأذكار الإسلامية، بإذن من القوات المسلحة لقربه من القاعدة البحرية هناك.
وهناك بعض الأضرحة التى تثير جدلاً فى الإسكندرية، كالضريح الموجود بمسجد النبى دانيال أشهر شوارع وسط الإسكندرية، إذ تتضارب الروايات حول ماهية المسجد، فهناك روايات تؤكد أنه كان معبداً أو مكاناً يخص نبى الله دانيال، أحد أنبياء اليهود، وتغير المكان ليصبح مسجداً يحمل نفس الاسم، بينما توجد رواية أخرى تقول بأنه لأحد العارفين بالله، وهو محمد دانيال الموصلى، الذى جاء إلى الإسكندرية فى نهاية القرن الثامن الهجرى واتخذ من مدينة الإسكندرية مكاناً لتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على نهج الشافعية، وظل بمدينة الإسكندرية حتى وفاته سنة 810 هـ فدفن بالمسجد، وأصبح ضريحه مزاراً للناس، وله احتفالية تقام سنوياً بعد عيد الأضحى، حيث يأتى مريدون من الدول الآسيوية، خاصة دولة الهند من مشايخ البهرة وأتباعهم، ويتم الهبوط لهذا الضريح بسلم فى عمق يصل إلى 5 أمتار.
ومن بين أصحاب الأضرحة التى يشتهر أصحابها وسط الصوفية بالكرامات، سيدى محمد سابق بن شيحة الذى عرفت عنه خلوته العامرة بالوافدين عن طريق البحر، حيث كان يوقد قنديلاً ينير الطريق للمسافرين، وذكره المقريزى: «أن من كان يقف بكوم الناضورة يرى قنديل الشيخ «سابق» وخلوته الموجودة على ربوة مرتفعة عن الأرض أمام البحر، التى يقع موضعها الآن أمام 18 للميناء بمنطقة سوق الجمعة، ودفن بخلوته ومسجده وساحته أسفل الخلوة، ومما يعرف عنه من كرامات وجود نبع بئر لا ينضب من الماء فيه شفاء للمرضى».
ومن الأضرحة غير المعروفة رغم وجودها أمام المارة بكثرة فى شارع النبى دانيال، ضريح سيدى عبدالرازق الوفائى، بشارع النبى دانيال والموجود فوق أثر، ويعتقد أن المنطقة الموجودة أسفله تحتوى على قبر الإسكندر الأكبر، نظراً لما تحتويه من آثار رومانية ويونانية قديمة.
ويعد من أكثر الأدلة بروزاً على حضور الإسكندرية على الساحة الثقافية الإسلامية، إدراج ضريحى الحافظ السلفى أحد أصحاب مدارس الحديث، والفقيه القاضى سند بن عنان، بكتاب «الإسكندرية عاصمة الثقافة الإسلامية» الذى أشرفت على إصداره منظمة اليونسكو عام 2010.
أما أحدث الأضرحة الموجودة بالإسكندرية فيعود عمره إلى قرابة 30 عاماً، وهو للشيخ محمد مصطفى جاد، أحد علماء الأزهر الشريف، الذى أطلق اسمه على المعهد الأزهرى بمنطقة الورديان ويتبع طريقة المرازقة الأحمدية، والذى تعرض رفاته للإبعاد ومحاولة الإتلاف بعد الثورة، وفقا لقاسم، إلا أن من كرامات الشيخ أنه بعد نقله إلى المقابر أعادوه كما هو، على حد قوله.
وقال قاسم لـ«الوطن»: إن الأضرحة فى الإسكندرية تتعرض لمحاولات إتلاف أو سرقة للمساجد الموجودة بها، من قِبل بعض التيارات المتشددة، التى لم يسمها، كاشفاً عن أن هناك حالات تعدّ منظورة بلاغات بشأنها أمام عدد من النيابات بالإسكندرية، تخص الأضرحة أو بعض الأوقاف التابعة لأصحاب هذه الأضرحة، كأرض الوقف التابعة لسيدى عبدالقادر الجيلانى التى كشف عن أنه كان مبنياً عليها عقار حارة «البطرقية» التى انهارت مؤخراً، معتبراً أن ما حدث للعقار «علامة من الله لمن يتعدى على مقابر أولياء الله».
جدير بالذكر أن الإسكندرية توفى ودفن بها 5 من الصحابة، إلا أن قبورهم قد محا الزمان أثرها واختفت معالمها، والصحابة هم «برتا بن الأسود بن عبدشمس القضاعى»، الذى شهد فتح مصر وقتل يوم فتح الإسكندرية، و«بتيع بن عامر الحميرى»، وكان دليلاً للنبى صلى الله عليه وسلم مع أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وتوفى بالإسكندرية سنة 101 هجرية، و«سفيان بن هانى جير أبوالجيشانى المصرى»، شهد فتح مصر ومات بالإسكندرية، و«سُرّق بن أسيد»، و«المستور بن شداد بن عمرو الفهرى القرشى المكى»، الذى شهد فتح مصر.
ودفن بالإسكندرية 2 من كبار التابعين، هما عبدالرحمن بن هرمز، الذى يحمل اسمه مسجد بمنطقة رأس التين، والتابعى المحدث يعقوب بن عبدالرحمن، وله ضريح يحمل اسمه بجوار مبنى المحافظة القديم بالإسكندرية.



ليست هناك تعليقات: