الاثنين، 4 مارس 2013

ملف كارثة انهيار العقارات بالإسكندرية "حارة البطرقية نموذجا".



حارة «البطرقية».. مائة عام من العزلة وسط الإسكندرية
المقاولون الفاسدون استعانوا ببعض من رجال الحى الفاسدين حتى وقعت فاجعة انهيارات المنازل
كتب : عبدالرحمن يوسفالإثنين 16-07-2012 13:35

http://www.elwatannews.com/news/details/27481
تقف عزة حمدى السيدة الأربعينية، أمام مقتنيات منزل أختها وهى فى حالة ذهول مما يحدث، فابن شقيقتها يقف مع مقتنيات منزلهم وبجواره جيرانه ممن أجبروا على النزول من منازلهم المتصدعة والقديمة المجاورة للعقار المنهار، بينما يواصل آخرون من بيت مجاور له إنزال باقى المقتنيات السليمة الناجية، علها تسترهم فى الأيام القادمة من عراء الشارع، فبحسب عزة «مش ممكن حنعيش فى الرعب ده تانى ونستنى باقى البيت يتهد فوق دماغنا»، لكن ابن شقيقتها يقول إن «حقنا عند الحكومة ولو هى مش جبته إحنا حنعرف نجيبه منها».

هذا المشهد ومعه هؤلاء الواقفون فى شرفات منازلهم، خوفاً ورعباً من انهيار عقار آخر، من العقارات المبنية فى تلك الحارة الضيقة، التى يبلغ عرض أوسع ممراتها 4 أمتار على قلتها، يلخص حالة حارة «البطرقية» التى تتوسط ثلاث مناطق تمثل أصل وأساس الإسكندرية، فهى تبدأ من باب 10 للميناء فى حى الجمرك وتمتد طوال شارع «السكة الجديدة»، وحتى كوم الناضورة فى المنشية، إلا أنها رغم ذلك، تعيش ما يقرب من مائة عام فى «عزلة».
عند دخولك للحارة من أى من الشوارع الرئيسية الواسعة المحيطة بالحارة التى تكتظ بالتجار وشركات الاستيراد والتصدير والمبانى التاريخية التى بناها الإنجليز قديماً، لن يكون بمقدورك أن تتخيل هذا الضيق الموجود بالحارة وتلك الممرات التى لا تكفى إلا لعبور شخص بمفرده، أو تلك البيوت المتهالكة وتلك العشش من الصفيح الموجودة بمنتصف شوارع تكسوها القمامة وأخرى تغطيها مياه الصرف.
حارة «البطرقية» كما يروى الريس محمود عبدالعال (53 سنة - بحار) تعود تسميتها إلى ما يعرف بسيدى «البقطرى» أحد الشيوخ الذين قدموا إلى هذا المكان منذ أكثر من مائة عام، الريس محمود الذى يسكن فى عقار مقابل للشارع المنكوب، شرح لـ«الوطن» كيف يعيش الناس فى هذه الحارة ما بين أثرياء وفقراء، فالأثرياء هم تجار المخدرات المنتشرون فى أزقة الحارة والفقراء هم من يعيشون «على باب الله» ولا تؤويهم سوى غرفة أو كشك بسيط فوق أحد المنازل القديمة التى يعود عمرها إلى 60 عاماً، على جانبى الطريق.
وعن طبيعة عمل ومصدر رزق أهالى الحارة، أوضح الريس محمود أن شباب الحارة أغلبهم من «الصنايعية» و«حرفيين» الذين يعملون فى مهن مختلفة كالنجارة والمحارة والدهانات وفى البحر، بينما يعيش ذوو الأعمار الكبيرة إما على معاش الضمان الاجتماعى أو على الإعانات التى تأتى من أهل الخير.
أما كيف نشأت هذه الحارة وما الذى جعل البيوت على الوضع العشوائى المتهالك والموجودة به حالياً، فقد أجاب «حامد منصور، 30 سنة، كهربائى) قائلاً إن غالبية سكان الحارة قدموا منذ أكثر من 80 عاماً إلى الإسكندرية من مناطق متفرقة من صعيد مصر، خاصة أسيوط وسوهاج التى تشكل عائلتا البنوبية والعسوية القوام الأكبر منها، وذلك للعمل كحمالين فى ميناء الإسكندرية، بما اضطر الحكومة آنذاك لبناء أكشاك للبيات فيها شكلت النواة الأولى لحارة «البطرقية»، فيما بنى الإنجليز مساكن لهم فى الشوارع المحيطة، أخذها فيما بعد هؤلاء الحمالون بعد الرحيل الإنجليز، منبهاً إلى أن معيشة هؤلاء الحمالين كانت مقننة بعد بناء الحكومة لهم مستوصفاً ومدرسة سميا باسم مستوصف ومدرسة الحمالين وهى قائمة حتى الآن.
ويتابع منصور، الذى عمل فى إدخال الكهرباء لبعض عمارات الحارة قائلاً «مع مرور الوقت أصبح البناء فى هذه الحارة يتم بشكل عشوائى كنشأتها حتى أصبحت مهنة المعمار فى الحارة «مهنة من لا مهنة له»، فالبيوت القديمة لم تكن تبنى على أيدى مهندسين بل على يد الأهالى»، وهو ما يفسر الضيق الشديد للممرات، ووجود عروق خشبية تسند بعض الحوائط، والمداخل المتهالكة.
وحديثاً أقنع عدد ممن يمتلكون المال، السكان بالخروج منها وهدمها مقابل شقق جديدة، فى العمارة التى سيبنيها المقاول، ولأن البيوت قديمة فقد لجأ هؤلاء المقاولون إلى شراء 3 منازل مجاورة دفعة واحدة ليتمكنوا من بناء أكبر قدر من المساحة.
وكشف حامد منصور لـ«الوطن» أن هناك قرابة 13 أو 14 عمارة بنيت بعد الثورة، ومازال البناء مستمراً وبارتفاعات شاهقة، مبيناً أنه رغم خطورة الوضع فإن أسعار الشقق تبلغ من 100 إلى 150 ألف جنيه - على حد قوله.
وعلى مقهى صغير التقت «الوطن» بإبراهيم رمضان (32 سنة) وهو صاحب المخبز الذى انهار فوقه العقار ليكشف أن العمارة التى انهارت كانت مبنية فوق مساحة قدرها 28 متراً مربعاً فقط، مبيناً أن العمال الموجودين لديه فى الفرن كانوا 4 منهم 2 ماتوا و2 أحياء، كاشفاً عن أن الأهالى حذروا من بناء هذه العمارة، إلا أن صاحبها «أحمد السيد أجبر - رجل أربعينى» لم يلق لهم بالاً، وكان يستعين ببعض من رجال الشرطة الفاسدين، ويرشى إحدى مهندسات حى الجمرك شهرياً، لعدم وقف البناء، حتى أنه اضطر للتشاجر معه فى إحدى المرات.
وأوضح إبراهيم أن هذا الفرن عمره قرابة 90 عاماً، وما زال يعمل فى إنتاج الخبز حتى الآن، مبيناً أن صاحب العقار كان يعمل فى الحلويات، مختتماً حديثه بالقول «لو الحكومة ماجابتوش إحنا حنجيبه».

بطولات الأهالى صفحات منسية وسط فاجعة الانهيار

http://news.elwatannews.com/news/details/27487

فى خضم الفاجعة، وبينما الجميع مشغولون، بعدد الضحايا والاتصال بقوات الدفاع المدنى، كان هناك شباب صغير السن كبير الهمة، يتحرك بمفرده وسط الأنقاض، مستخدماً يده كرافعة للبحث عن أحياء تحت الأنقاض، دون أن ينتظر أمراً من أحد، أو تعليمات من مسئول، فقط تحركه نخوة ابن البلد وضمير الإنسان.

محمد عاطف، شاب عشرينى، خلع قميصه فور انهيار العقار، بادئاً بتحرك فورى، ليتمكن من إنقاذ رجل وطفل، من تحت الأنقاض، دون أن يشعر به أحد، أو يهلل له جمهور.

عاطف ومعه إسلام عيسى 18 عاماً، حملت نظراتهما ألماً وأملاً طوال 6 ساعات من رفع الأنقاض، إلا أن المميز فيهما هى تلك النظرة الثابتة، والمتوقدة، التى لم تغير وجهتها، صوب كاميرا، أو تسجيل، فقط ثبتت فوق هذا الركام، لتنتقل منه إلى المعدات القادمة، وتشرح لها خارطة الطريق للتعامل مع هذه الحارة الغريبة فى تكوينها.

ورغم حر الصيف وارتفاع الرطوبة الشديد، كانت شرفات الأهالى فى المبانى المجاورة تلقى بزجاجات المياه المثلجة لهؤلاء الشبان فى مشهد يوضح كيف يعيش أهالى الأحياء الشعبية فى تضامن، يحرج أجهزة الدولة التى تتأخر فى «تضامنها الرسمى معهم».

مساعدات عاطف وإسلام كشفت مدى احتياج قوات الدفاع المدنى وأجهزة الدولة للموارد البشرية والجهود الشعبية التى فقط تحتاج إلى تدريب على أساليب الإسعافات الأولية، لتكمل بطولاتها بطريقة كاملة.

أسامة الفولى.. العاجز دائماً

http://www.elwatannews.com/news/details/27413


لن يكون هناك شخص متحسراً على عدم قدرته على امتلاك شخصية قوية أمام من يدير مصر كأسامة الفولى محافظ الإسكندرية الحالى، الذى قال مؤخراً إنه تقدم باستقالته عدة مرات لعدم تعاون الأجهزة التنفيذية والأمنية معه، لكن هذه الاستقالة دائماً ما كانت ترفض من قبل المسئولين.

تولى أسامة الفولى منصب محافظ الإسكندرية خلفاً للدكتور عصام سالم، بقرار من رئيس الوزراء السابق عصام شرف فى الرابع من أغسطس من العام الماضى، وذلك بعد احتجاجات طالت سالم، وصلت لحد التظاهر ضده فى أرجاء المحافظة، ورغم أن الفولى لم يكن أحسن حالاً من سلفه، إذ قوبل برفض من قطاعات عريضة بوصفه أحد فلول الحزب الوطنى السابق، حيث تولى عمادة كلية الحقوق فى أغسطس عام 2006 -2011 بعد أن تدرج فى عدد من المناصب التى لا يصل إليها إلا بالتعيين كوكالة كلية الحقوق بين عامى 1997 و2001، ووكالة وزارة التعاون الدولى عام 2000.

لكن هذا سرعان ما تراجع إذ شفع له عدد من العوامل من بينها تاريخه العلمى وصغر سنه مقارنة بسلفه، حيث بلغ سالم 70 عاماً بينما كان الفولى المولود بالإسكندرية فى الـ58 من عمره وقت أن تولى المنصب، بالإضافة إلى رغبة قطاعات واسعة من الجماهير فى الاستقرار النسبى، وإعطائه فرصة خاصة مع الوعود التى أطلقها بأن مكتبه سيكون مفتوحاً للجميع، وأنه ذو خلفية اقتصادية إذ أن خلفيته العلمية والمهنية تمر عبر مجالات الاقتصاد.

وفى بداية مجىء الفولى نظر له العديد من الشباب نظرة مزدوجة، فشباب القوى السياسية، ولا سيما شباب الإخوان المسلمين نظروا إليه كونه أحد كوادر الحزب الوطنى السابقين وأحد العمداء المتعسفين مع الطلاب ذوى النشاط السياسى، خاصة أنه قام بفصل 7 طلاب عام 2007 من شباب الإخوان وحول آخرين إلى مجلس تأديب على خلفية نشاطهم فى الكلية، بينما كان الشباب العاديون ينظرون إليه كأستاذ محبوب داخل مدرجات الكلية يمزح ويتبسط نسبياً معهم، وهو ما أثار جدلاً حينئذ على مواقع التواصل الاجتماعى عن المقارنة بين خلفيته العلمية والشخصية، وبين خلفيته السياسية والإدارية.

وقد ورث الفولى تركة ثقيلة من الأعباء فى محافظة تعد العاصمة الثانية ويمر منها 60% من تجارة مصر، وبها مشكلة أرقت محافظها الأسبق عادل لبيب وهى البنايات الشاهقة، وما تخبئه خلفها من مافيا فساد كبيرة فى الأحياء.

ورغم استقبال الفولى للعديد من أصحاب المشكلات بصدر رحب فى بداية توليه منصبه، كأهالى الشهداء الذين التقاهم فى سبتمبر الماضى بالغرفة التجارية أو نواب مجلس الشعب والشورى ممن يحملون له مشكلات وحلول لما تعانيه المحليات بالمحافظة، إلا أنه لم ينجح حتى الآن فى تنفيذ وعوده أو تغيير شىء حقيقى على أرض الواقع، ما جعله «العاجز دائماً».




عقارات عروس البحر المتوسط مهددة بالانهيار

عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 18 - 7 - 2012

http://www.al-akhbar.com/node/98003

الإسكندرية | جاءت كارثة انهيار عقار في الإسكندرية بحي الجمرك فوق ثلاثة منازل أخرى مجاورة عصر السبت الماضي، والتي أدت إلى سقوط 19 قتيلاً و7 مصابين، فضلاً عن تشريد عشرات الأسر، لتعيد تسليط الضوء على ملف البناء المخالف والمباني المهددة بالانهيار في مصر، وتحديداً في الإسكندرية.
مسلسل انهيار العقارات المتوالي في الإسكندرية ليس بجديد. بدأ في السابع من حزيران عام 2005، حينما انهار عقار بمنطقة فلمنج التابع لحي شرق بالإسكندرية وأدى إلى مصرع 21 شخصاً، أعقبته انهيارات متتالية للعقارات في مناطق متفرقة على مدى السنوات الماضية، خلفت وراءها ضحايا كثر، من بينها انهيار مصنع بمنطقة محرم بك أدى إلى وفاة 26 شخصاً. والمتتبع لكل هذه الانهيارات، يلحظ أنها طالت جميع أرجاء المحافظة. وربما كان أبرز أسباب تفشي هذه الظاهرة، يعود إلى عهد المحافظ السابق عبد السلام المحجوب، الذي كان يعطي رجال الأعمال اعفاءات وتسهيلات في البناء، مقابل أن يجمّل كل واحد منهم ميداناً بصورة شكلية أو يقوم بطلاء واجهة بناية مطلة على شارع رئيسي، وهو أدى إلى تفشي حالة من البناء العشوائي، ضغط على مستوى كفاءة البنية التحتية وأسس لمافيا من الفساد في المحليات والأحياء، بذريعة تجميل المدينة. أما السبب الثاني، فيعود إلى أن كثيراً من هذه العقارات تحتاج إلى ترميم أو إزالة، إلا أن انسحاب الدولة عن تحمل مسؤولياتها جعل الأهالي يسألون «أين نذهب إذا لم يكن هناك بديل».
وسؤال الأهالي يبدو منطقياً، وخصوصاً بعد ما أعلنت لجنة الإسكان في الغرفة التجارية بالإسكندرية أن 95 في المئة من عقارات المدينة مخالفة لشروط البناء، بما جعلها تقرر رفع مذكرة إلى الرئيس محمد مرسي للمطالبة بتعديل عقوبات البناء المخالف، التي تخير بين الغرامة العقارية الضعيفة التي تبدأ من 100 جنيه إلى 500 جنيه على المتر أو الحبس، لتجعل الحبس وجوبياً ولسنوات طويلة على المخالف، ولا سيما أن الخطة التي يتبعها المقاولون الفاسدون تجعل مكاسبهم خيالية.
ويتغلب المقاولون على العوائق القانونية، بطريقة سهلة. فعندما يقوم البناء بدون ترخيص، وبمجرد بناء أول دور أو اثنين من الأدوار، لا تقوم فرق الإزالة بهدم فوري للمنزل الذي يبنى بدون تراخيص، وخصوصاً في حال وجود نور ومياه وأسرة تسكن المكان. أما أثناء البناء فالرشوة وفساد الذمم في الأقسام والأحياء كفيلة بتمرير المخالفات، على أن تكتب أوراق العقود باسم شخص آخر يطلق عليه «الكاحول» مقابل مبلغ من المال، يدفعه لتسديد الغرامة، أو يستخدمه أثناء تقضية مدة الحبس الهزلية.
ويرى مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، هيثم أبو خليل، أن هذا العقار أسقط معه ورقة التوت المتبقية للجمعيات ورجال الأعمال ممن يدعون فعل الخير في رمضان أو غيره، لافتاً إلى أن دورهم لم يكن يجب أن ينحصر في تجميل بعض الأبنية بل تجديد ورفع المستوى السكني لسكان مناطق الإسكندرية، كاشفاً أن هناك قرابة ألف عقار بالإسكندرية مهددة بالانهيار.
واعتبر أنه بانهيار تلك العقارات، فقد سقط المجتمع كله ولا سيما المجتمع المدني الذي لم يحرك فيه أحد من النشطاء، سواء السياسيين أو الاجتماعيين ساكناً حتى تعفنت الجثث تحت الأنقاض.
فبالرغم من تعدد كوارث سقوط العقارات، فإن معدات الإنقاذ ورفع الأنقاض لا أثر لها، ليكون استخدام الأيدي والأدوات التقليدية هو السائد، ما أدى إلى تأخر انقاذ الأحياء في الكارثة الأخيرة حتى تعفنت بعض الجثث، وإلى وفاة اثنين من عمال المخبز في العقار المهدوم، بعدما حاول هذان العاملان الاتصال بالتلفون المحمول ليخبرا المنقذين أنهما ما يزالان على قيد الحياة، قبل أن يلقيا حتفهما لاحقاً.




ليست هناك تعليقات: