السبت، 3 يوليو 2010

سطوة الجماعات المتطرفة على عقول الشباب

مقال

سطوة الجماعات المتطرفة في مصر على عقول الشباب...محاولة للفهم


بقلم : عبد الرحمن يوسف - خاص بدورة التغطية الصحفية للقضايا المتعلقة بالدين - 1 / 7 / 2010

شهدت مصر خلال السبعينات من القرن الماضي بداية تنامي ظاهرة العنف الديني من قبل بعض الجماعات الدينية التي استخدمت السلاح في مواجهة الدولة ومواجهة المواطنين المخالفين أو المناهضين لفكرهم،الأمر الذي أرق المجتمع بأسره وجعله مصدوما.

مثل هذه الظاهرة التي اختفت من مصر في نهاية التسعينات بعد دخول الجماعة الإسلامية في مراجعات فكرية وفقهية لكبار منظريها وقادتها وامتدت حتى قواعدها،برأي أن مثل هذه الظاهرة يجب النظر فيها برؤية تحليلية تمكنا من فهم بعض من مكوناتها التي شكلتها وجعلتها تتنامى حتى لا تصيب أجيلا أخرى في فترة قادمة وسأقوم بتقديم رؤية بسيطة ومختصرة تمثل إطلالة على هذه الظاهرة بشكل سريع.

كان الأمر يتم بحسب شهادات الكثير من هؤلاء المتطرفين بعد مراجعتهم لأفكارهم عن طريق تخويفهم من النار ووعدهم بالجنة وإلقاء نصوص دينية في وجههم دون شرح أو توضيح أو حتى علم منهجي صحيح مستغلين في ذلك أميتهم الدينية واندفاعهم كشباب يريد خدمة الدين ،بالإضافة إلي محاصرتهم فكريا بحيث لا يطلعوا أو يختلطوا بالآخر سواء كان ( ديني – عرقي – فكري ) .

و أعتقد أن سطوة هذه الجماعات على عقول بعض الشباب له أسباب عديدة و بالتأكيد لم يأت من فراغ و حتى لا أطيل فسأجمل جزء من هذه الأسباب بشكل سريع و مختصر :

1- ضعف الدولة مع تهميشها للمؤسسات الدينية و اختزالها في بعض الأشخاص سمح لهذه الجماعة و غيرها من الجماعات المتشددة بالتمدد في الفراغ الناتج من هذا الانسحاب. و بالطبع وكما يعلم الكثيرين من المطلعين على الشأن الديني في مصر أن المجتمع المصري متدين بطبعه و الدين يلعب دور رئيسي في حياته و بالتالي ففكرة إضعاف الدين ليست فكرة صحيحة حتى و إن كانت غير مقصودة و للأسف فالدولة التي تريد محاربة الأفكار المغلوطة تخطئ حين تظن أن تهميش الدين سيؤدي إلي نتيجة محمودة بل ستدفع البعض للبحث عنه في مكان آخر و هنا يأتي دور هذه الجماعات لتلقف هؤلاء الأفراد.

2- الممارسات الأمنية الغبية التي ولدت أجيال ناقمة على المجتمع ساخطة منه خرجت من سلخانات التعذيب - في مرحلة ما قبل السبعينات - وهي تحمل فكرة إدانة للمجتمع بأكمله للدرجة التي أوصلت البعض منهم إلي تكفير حكامه و البعض الآخر إلي تكفير المجتمع ككل.

- و ربما يسأل البعض هل كل شخص يعذب يكفر المجتمع ؟!! و سأجيب بالطبع لا و لكن عندما يعذب الشخص تعذيب بشع بسبب الاشتباه في تدينه أو بسبب حتى غير مباشر متعلق بالدين فالأمر يختلف و أعتقد أن السبب الأول هذا جاء بناء على ممارسات تمت و أسس لها في الحقبة الناصرية.

3- السبب التالي جاء نتيجة شعور الدولة في فترة من الفترات بأن الإسلاميين ( المعتدلين ) نالوا جزء من رضا الشارع و تأيده لهم و هذا الأمر قد يترتب عليه تهديد لكرسي حكمهم ( و بالطبع كثير يعلم أن رؤساؤنا الأجلاء لا يهمهم سوى الكرسي و يحاربون الملحدين و الإسلاميين و العلمانيين و حتى الشيطان ذاته إذا شعروا باقتراب أحد منهم لكرسي الحكم أو إذا شعروا بتأثيرهم على هذا الكرسي ... كرسي الحكم )، فقامت الدولة في بعض الفترات بغباوة شديدة بتشجيع التدين السطحي و الشكلي الذي خلق جيلا من الأميين الدينيين و بعد فترة قليلة التقى هؤلاء السطحيين بهؤلاء التكفيريين فأنتجوا جيلا لا يفكر و يساق في الاتجاه الذي يشار إليه دون تحقيق أو تدقيق و لا ينقد بالتالي كل فعل أو سلوك يقابله في حياته.

وللأسف الشديد جنت الدولة جزء من نتائج أعمالها ، فقد عالجت الموضوع بطريقة العصا الغليظة مرة أخرى و لكن هذه المرة خرج من خرج و لكن هذه المرة خرجوا إلي طريقين متوازيين متباعدين الأول طريق التكفير الجهادي فهاجر هؤلاء إلي تنظيم القاعدة ، و الثاني هو الطريق الإلحادي أو شبه الإلحادي فهاجر إلي ملذات الدنيا و شهواتها دون النظر إلي روحانياتها أو دون النظر حتى إلي العلوم الموجودة بها.

وكثير من هؤلاء الشباب آنذاك لم يجد من يُقوم ( بضم الياء ) فكره أو يعيد تشكيل شخصيته و إنما وجد جلاد و سلخانات و في المقابل وجد حصار فكري شديد العلمانية في مجتمع متدين ينسب كل تخلف إلي الدين ،فوقعوا بين رعبين كبيرين رعب مادي متمثل في التعذيب و آخر معنوي متمثل في الترهيب و الازدراء الفكري.

هناك تعليقان (2):

Ahmed Osh يقول...

مقال منظم ومفيد ورائع
وكما أشرت فإن من أهم الأسباب لضهور ذلك هو التطرف الأمني والذي بدأنا نشهده الآن مرة ثانية
وبالنسبة للمراجعات الفكرية فإن من أصدرها تم إطلاق سراحهم ولكن مازال في السجون من لم يتراجع عن افكاره
وإذا بحثت ستجد الدكتور محمد إسماعيل المقدم قد ألقى العديد من المحاضرات والندوات أعتقد أنها كانت سببا في منع ظهور هذا التيار من جديد
وجزاك الله خيرا
http://www.shahedesbat.tk

شيماء عثمان يقول...

مقال أكثر من رائع وخاصة ملخص المقال "آخر3 سطور" بجد برافو ربنا يوفقك....