تسجيل رأي في تقرير على القناة الخامسة بالتلفزيون المصري
هذا رأي لي تم تسجيله مع برنامج "هنا الإسكندرية" على القناة الخامسة بالتلفزيون المصري من خلال مقابلة مع بعض الجمهور في الشارع السكندري في 15 مارس 2010 وأذيع يوم الجمعة 20 مارس 2010 .
قصة هذه المقابلة
كنت أسير في شارع "أبو قير" بعد قضائي عمل لصالح جريدتي، في منطقة جناكليس وكانت القناة الخامسة تسجل تقرير عن تأخر سن الزواج عند الشباب وطلب مني المخرج أن أسجل رأيي إن رغبت،فرحبت أنا ومجموعة متنوعة من المتواجدين بالمكان والذي تصادف مرورهم مثلي في هذا التوقيت.
وهذا التسجيل الذي أعرضه أمامكم به رأيي الذي أرحب بنقدكم له وتعليقكم عليه ، إلا إنني رغبت ألا يكون رأيي مسيطرا في هذا الأمر فتركت رأي للشخص الذي سجل بعدي لاسيما أن له تجربة تستحق السماع في هذا الشأن وللأمانة لا أعرف إسمه ولم أقابله قبل ذلك لكني وجدت تجربته تستحق أن تُسمع فتركتها للتنوع في الرأي وللإستفادة.
هذا تقرير صحفي لمعرض الإسكندرية الدولي للكتاب المقام في الفترة من 25 فبراير وحتى الأحد 16 مارس بأرض كوته - يرصد هذا التقرير بعض مظاهر المعرض هذا العام - تم إعداد هذا التقرير في يوم الأحد 7 مارس ونشر بتاريخ الخميس 11 مارس الجاري.
كتب – عبد الرحمن يوسف:
جريدة الشروق طبعة الإسكندرية - 11 - 3 - 2010
يأتي معرض الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته الثامنة هذا العام بمشاركة 94 دار نشر جاءت من12 دولة عربية وأجنبية غير مصر الدولة المضيفة،متزامنا مثل كل عام مع بدء الفصل الدراسي الثاني لجامعة الإسكندرية وهذا ما يفسر كثرة انتشار الطلبة بأروقته صباحا بعكس المساء حيث تتوافد الأسر والكبار على المعرض بعد انتهاء فترة الدراسة والعمل بالنسبة للآباء والأبناء.
على باب الخيمة الكبيرة للمعرض وضع للمرة الأولى منذ انطلاق المعرض بوابة أمنية إلكترونية لا تعمل في أغلب الأحيان الأمر الذي شعر معه بعض الحاضرين ببعض الضيق من توقيفهم كثيرا على باب الدخولعلى الرغم من تغاطي الأمن في أوقات أخرى ووجود فتحات أخرى في جوانب جانبية من المعرض تسمح بدخول الزائرين دون أي توقيف أو تفتيش وهو ما يعكس بحسب بعض الزائرين تناقضا في تطبيق الفكرة.
داخل أروقة المعرض تجولت "الشروق" لترصد مظاهر الإقبال على الحضور وعلى البيع والشراء وتستطلع بعض آراء الحاضرين في المعرض هذا العام.
دور النشر الكويتية والسورية تقع بمساحتها الصغير أمام المكان المخصص لوزارة الثقافة السعودية وهو جناح ضخم في مساحته يكاد يكون الأكبر مساحة داخل المعرض إلا أن الكتب الموجودة بداخله كانت للعرض فقط مما أثار دهشة الكثيرين وبخاصة أن القائمين على الجناح تلقوا أوامر من الإدارة السعودية بعدم الحديث مع أي شخص يستفسر عن أي أسئلة تخص الجناح.
وكالعادة فإن الإقبال كان متزايد على جناح سور الأزبكية التي تراوحت أسعار الكتب بداخله من50 قرش وحتى 50 و 60 جنيه بحسب جودة الكتاب وحداثته بالإضافة إلي جناح الهيئة العامة للكتاب التي قدمت تخفيضا هذا العام على بعض الكتب يصل إلي 50% ويشهد جناح الهيئة العامة إقبالا هذا العام لانخفاض الأسعار به بعكس دور النشر الموجودة داخل المعرض.
ومثل بائعي شارع الغرفة التجارية ينقض مندوبو معرض الكمبيوتر الواقع بداخل خيمة عرض دور النشر على الزوائر بغرض الترويج لمنتجات شركاتهم في مظهر جعل الكثيرين ينفروا من المرور من أمام بعض هذه الشركات.
وفي الجهة المقابلة وعلى بعد أمتار قليلة لخيمة دور النشر تقع الخيمة التي تعقد فيها ندوات المعرض وبحسب برنامج المعرض فإن مكتبة الإسكندرية تنظم 50 ندوة وحفل توقيع لعدد من الكتاب بالإضافة إلي6 ندوات كان من المقرر أن يقدمهم الجانب الفرنسي ضيف الشرف الثاني بالمعرض لكنه ألغاها.
وقد اشتكى العديد من الزوار من ضيق المساحة المخصصة لخيمة الندوات رغم زيادة المساحة المخصصة لها عن العام الماضي حيث بلغت هذا العام 200 متر مربع مقابل 100 متر العام الماضي الأمر الذي أضطر الكثير منهم للوقوف خارج الخيمة وحاول الأمن في بعض الأحيان صرفهم بعيدا عن الخيمة مثلما حدث في ندوة الفنان خالد الصاوي الذي حاول الأمن أيضا منعه من الدخول بسيارته مما دعا بعض المسئولين عن المعرض للتدخل والسماح له بالدخول.
هذا غير الجو الخانق الذي شعر به رواد الندوات الصباحية نتيجة عدم وجود أي فتحات للتهوية أو ( المراوح ) بداخل الخيمة الأمر الذي دفع العديد منهم إلي الخروج في منتصف الندوة،إلا أن بعض القائمين على المعرض فسر ذلك بأن إتحاد الناشرين الذي يقوم بتنظيم المعرض بالاشتراك مع مكتبة الإسكندرية توقع برودة الجو فأنشأ الخيمة على هذا النحو.
وقد اجمع العديد من العاملين في أجنحة دور العرض على انخفاض نسبة الشراء هذا العام رغم جودة تنظيم المعرض هذا العام مقارنة بالعام الماضي وخاصة بين أوساط الشباب الذي رأى الكثير من البائعين أنه لجأ إلي الكمبيوتر والإنترنت لانخفاض تكلفة القراءة بهم عن شراء الكتاب،مؤكدين أن مجيء المعرض في توقيت الدراسة يحد من القدرة الشرائية للشباب الجامعات الفئة الأكثر إقبالا بسبب تجاور موقع المعرض مع المجمع النظري الذي يضم آلا لاف الطلاب،
إلا أن منى حلمي مديرة المعرض أكدت صعوبة تغيير موعد المعرض إلي الصيف مثلما طلب العديد من الزوار بسبب أجندة المعارض الدولية المرتبطة بها المكتبة.
وبرزت هذا العام أسماء جديدة تشارك لأول مرة بالمعرض مثل جامعة الإمارات التي تعرض كتب أعضاء هيئة التدريس بها والتي تحمل 150 عنوانا يقع أغلبها في القانون والعلوم الطبيعية.
هذا بعكس الدار المصرية اللبنانية التي تشارك منذ انطلاق فاعليات المعرض وعلى مدى ثماني سنوات حيث تشارك هذا العام ب300 عنوان منهم 20 عنوان جديد بحسب تامر عبد الكريممسئول إدارة المبيعات بالدار ويضيف عبد الكريم أن أغلب إصدارات الدار تقع في نطاق كتب الإعلام والتربية إلا أن هذا لا يمنع وجود كتب سياسية من حين لآخر مثل كتاب نظام السياسي المصري بين إرث الماضي وآفاق المستقبل للدكتور علي الدين هلال.
دار النيل التركية تمثل أحد أوجه ملامح الحضور الأجنبي حيث تشارك للمرة الثانيةفي المعرض وتتعرض إصدارتها للشأن الفكري والثقافي والديني الأمر الذي جعل أكثر زوارها حضورا من الكبار.
ويقول السيد زغلول موظف بشركة القاهرة للصوتيات والمرئيات أن الإقبال تزايد هذا العام على شراء الإنتاج الديني للشركة وبخاصة اسطوانات القران الكريم وتفسير الشيخ الشعراوي له.
نعيش حالة من الحراك السياسي والثقافي في شتى أنحاء مصر إلا أنه حراك يدور في حلقة شبه مفرغة لأنه حراك لغوى أكثر منه عملي . فأصبحنا نحقق نجاحات مدوية في إيجاد مصطلحات لغوية جديدة تصف الحالةالراهنة و تحللها دون القدرة على ترجمة هذه المصطلحات أو الأفكار أو الروئعلى أرض الواقع الأمر الذي أشاع قدر من التشكك لدى بعض الجماهير في جديةدعاوي الإصلاح المنطلقة من هنا أو هناك ،
فالظاهر للعين أن دعاوي و رؤى الإصلاح غير قادرة على تغيير الواقع وهذا ما تطمح إليه بعض القوى المستبدة و التي هي المستفيد الأوحد من بقاءالوضع على ما هو عليه ،
و قد لجئت هذه القوى المعارضة للحرية إلي حيلة ماكرة تجمل بها وجهها وتبقي الوضع كما هو لا يتغير و هذه الحيلة تتمثل في إفقاد المعارضة الفعلمع إعطاءها هامش من الحرية تعارض من خلاله قولا لا عملا مع إبقاء هذاالهامش باستمرار تحت السيطرة ،
و بذلك تضمن إفراغ شحنة الغضب و الممانعة في مهاترات و صياح تحول دوناستثمار طاقتنا في حرية الفعل مما يؤدي في غالبية الأحوال إلي عدم الخروجبنتائج مؤثرة و مثمرة في نفس الوقت.
و قد أرادت هذه القوى من هذه الحيلة أن تجعل للدولة نمط واحد و فكرة واحدةمثلها في ذلك مثل القوى الشمولية التي لا ترى التعددية إلا من منظور الحزبالواحد و الرؤية الواحدة فقط معتبرة أن كل من يخالفها هو من المخربين والخونة و الجاهلين غافلين في هذا عن أن تعدد الرؤى و الإستراتيجيات يخلقمناخا مواتيا للإبداع الخلاق الأمر الذي يعطينا ثراء فكري يساعدنا علىمواجهة التحديات بكافة صورها .
و بما أن حرية الممارسات الجدية والفعلية ستؤدى إلى اختبار الأقوال والشعارات و الرؤى بشكل عملي على أرض الواقع فقد خشي هؤلاء من فضح أمرهم وكشف زيفهم لأن هذه الحريات ستؤدى إلى فرز الأطروحات و الأفكار علانية أمامالجميع مما سيتيح الفرصة لمعرفة من الأقدر بالبقاء والتنفيذ والإنتاجالأمر الذي سيؤدي في النهاية إلي خروجهم من ساحة السباق صفر اليدين.
والذي يظن أن هامش حرية التعبير قد اتسع نتيجة السماح بحرية بعض الكلاموالصياح فأعتقد أنه لم يلاحظ أن عدم وجود حرية لترجمة القول إلى فعل وعدمإتاحة الفرصة لخروج الأفكار وانطلاقها من العقول إلى الحقول ومن العقولإلى المصانع ومن العقول إلى المنتديات يعد هو أبرز تجليات قتل حريةالتعبير .
فمثلا أنت تستطيع أن تحبس طائرا في قفصه وتتركه يصيح كيفما يشاء ثم تدير له ظهرك أو تسد له أذنك أو تتظاهر باللامبالاةلماذا ؟
لأنك تعلم أن كل كلامه وصياحه ونداءه لن يكون له أثر في الواقع المحيط أماإذا تركته حرا طليقا وأجبرته على النطق بنصف ما كان يقوله فقط ولكن معحرية في الحركة والفعل – و لو بسيطة - فبالتأكيد سيحدث تغيير ويترك أثر فيالمحيط الذي سينطلق خلاله وستكون هذه التغيرات دافعا ومحركا لمزيد منالتغيير.
وهذا هو ما تخشاه العديد من الجهات التي لها مصلحه في إبقاء الوضع على ما هوعليه ,فقد لاحظت هذه الجهات إن القمع والحجر المتوالي على الأفعالوالأفكار والأقوال سيظهرها بمظهر سيء خارجيا وقد يؤدى إلى تفجير الأوضاعداخليا وهنا لجئت إلى تقييد الأيادي وإطلاق الألسن بشكل نسبى مع إبقاء وضعالأرجل متحركة في نفس المكان .
وقد يقول البعض أن هذا شيء حسن في حد ذاته لأن هذه الانفراجة – المحدودة - لم تكن موجودة من قبل و هذا صحيح من حيث المبدأ فأي انفراجة صادقة النيةهي خطوة واجب تأيدها بيد أني أرى أن لكل عصر أدوات القمع و أساليب التخويفو الترهيب و الترغيب المناسبة له و المستخدمة فيه و لكل فكر أدواته وآلياته التي يستخدمها بغض النظر عن طبيعتها.
إلا أن الحرية ليست حق ممنوح بل حق مكتسب و هي ليست منة بل أصل و حقإنساني و الحالة التي نحن بصددها أراها تبعث على الإحباط أكثر من التفاؤللأنك حينما تكبل لفترات طويلة و تظل تصيح فإن هذا سيؤدي بك إلي إفراغطاقتك في الهواء و لهذا يجب أن تعي القوى الطامحة للتغيير من هذا الفخالتي تستدرج إليه فهي بصدد لعبة توافق عليها بمحض إرادتها ثم ستكتشف أنهاقد وافقت على قتل نفسها معنويا. و على جانب آخر و في نفس السياق هناك من يقول أن الحالة لا تسمح بهذهالمبادرة التي تدعو إلي حرية الحركة و الفعل بحجة أن المجتمع غير مؤهللهذه الممارسة ، و قد غفلت أو تغافلت هذه الفئة عن أن المجتمعات لا تنضجإلا بالتجربة و لا تؤهل إلا بالمحاولة و الممارسة التي تقوم على الصواب والخطأ و التقييم لكل ما هو مطروح .
و ربما أتفق بشكل كبير مع الفئة القائلة بأن حرية الأفكار و التعبير يجبأن تقنن و أن يكون لها ضوابط و كذلك الفعل إلا أن هذا التقنين و هذهالضوابط لا تأتي إلا في إطار توافق عام بين جميع التيارات و يجب أن تحددبميثاق أو قانون أو لائحة يجتمع عليها الجميع و لا تنفرد جهة دون أخرىبصياغتها مثلها في ذلك مثل الدستور الجديد الذي يحتاج إلي هيئة تأسيسيةلصياغته. فهل نرى في مصر قريبا دستور أو ميثاق أو لائحة يتوافق عليها الجميع حولحرية الرأي و الفكر من جانب و حرية الفعل و الحركة من جانب آخر ...... أتمنى ذلك.