السبت، 28 أبريل 2012

«الدعوة» ترجّح كفّة أبو الفتوح



مصر | مرشحو الرئاسة في مقصلة السلفيّين

«الدعوة» ترجّح كفّة أبو الفتوح

يبدو أن الدعوة السلفية تتجه لإعلان دعمها للمرشح الإسلامي المعتدل، عبد المنعم أبو الفتوح، وذلك في أعقاب لقاءات عقدتها مع المرشحين الإسلاميين جعلتها تستبعد سليم العوا لتضاؤل فرص فوزه، ومحمد مرسي لعدم ارتياحها له بسبب «تبعيته»
عبد الرحمن يوسف - الأخبار اللبنانية 26 - 4 - 2012.

رابط الموضوع بموقع الجريدة 

أعلن مصدر رفيع المستوى في الدعوة السلفية، طلب عدم ذكر اسمه، أن الدعوة حسمت أمرها بنسبة 90 في المئة في أمر تأييد عبد المنعم أبو الفتوح، كمرشح إسلامي في انتخابات الرئاسة في مصر، تاركةً نسبة الـ 10 في المئة لاحتمال دعم سليم العوا أو محمد مرسي. إلاّ أن المصدر استبعد ذلك لتضاؤل فرص العوا تماماً في الفوز بالمنصب، وهو ما سيجعل الدعوة ليس لها «أيادٍ بيضاء» على الرئيس القادم الذي ترغب الدعوة في أن يكون ذا مرجعية إسلامية، فضلاً عن عدم قابلية دعم مرسي نهائياً عند كثير من أبناء الدعوة سواء قواعدها أو كثير من كوادرها.
وأفصح المصدر ذاته عن أن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ستدعم مرسي، بينما سينقسم مجلس شورى العلماء حول قرار عدم المشاركة في الانتخابات أو التصويت لمرسي، وذلك بعد استبعاد مرشحهم حازم صلاح أبو إسماعيل، فيما حسمت قيادات الجبهة السلفية تأييدها لأبو الفتوح.
من جهته، كشف مصدر رفيع المستوى في جماعة الإخوان المسلمين في الإسكندرية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الأخبار» أن الدعوة السلفية _ مدرسة الإسكندرية، قد ظهر من خلال لقائها بمرسي أول من أمس أنها لن تدعم مرشح جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وأن مرشحها سيكون عبد المنعم أبو الفتوح.
وكانت الدعوة قد عقدت لقاءين بأبو الفتوح ومرسي يومي الاثنين والثلاثاء اتسم الأول بالودية والآخر بالفتور، بينما جاء اللقاء بالعوا أمس كلقاء تكميلي للمرشحين الإسلاميين، وفق مصادر حضرت اللقاءات.
 ويبدو من هذا الأمر، أن الدعوة السلفية تمر بمأزق الاختيار بين تغليب المصلحة السياسية أو الدينية، ولا سيما أن قواعدها لن تستقبل أبو الفتوح بترحيب، الأمر الذي قد يحتاج إلى جهد مضنٍ من الشيوخ لإقناعهم به، نظراً إلى أن أبو الفتوح صُوِّر عشرات المرات من المشايخ على أنه «صاحب منهج الإسلام الليبرالي»، فيما لا يلقى مرسي قبولاً لأنه سيظهر الدعوة تابعة للجماعة، فضلاً عن ضعف مقوماته مقارنة بخيرت الشاطر الذي كان الأقرب للدعوة.
أبو الفتوح
أبو الفتوح كان أول الملتقين هذا الأسبوع بقيادات الدعوة، حيث كشف مصدر وثيق الصلة به حضر لقاءه بالدعوة السلفية يوم الاثنين الماضي، لـ«الأخبار»، أن محاور النقاش التي دارت بين أبو الفتوح وقيادات الدعوة، التي حضر أعضاء مجلس إدارتها كاملين، انصبت على 5 مخاوف رئيسية للدعوة هي الموقف من الشيعة والتشيع وتمكين المسيحيين من مناصب سيادية في الدولة والتضييق على الدعوة وتطبيق الشريعة والمشروع الإسلامي ومخاطبة قواعد الدعوة من قبل أبو الفتوح لطمأنتهم في الفترات المقبلة.
وفي ما يتعلق بالشيعة والتشيع، أوضح المصدر أن أبو الفتوح أشار إلى أن التعامل مع أي دولة أخرى سيكون على أساس الندية. أما الدولة فإنها لن تتدخل في عقائد الناس، ومواجهة التشيع ستكون «مهمة الهيئات الدعوية والأزهر، الذين يستخدمون الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق». كما أكد أن الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي مع أي فرد يحاول أن يستخدم العقيدة في التعاون مع جهات غير مصرية ضد مصالح مصر.
أما بالنسبة إلى موضوع تمكين المسيحيين، فشدد أبو الفتوح على أن العبرة ستكون بالكفاءة والسلوك تجاه الدولة. فكما سيتم طرد المسلم الخائن لوطنه من منصبه، كذلك سيكون التعامل مع المسيحي، مشدداً على أنه في حالة سيطرة أو هيمنة غير المسلم على المناصب السيادية، فإنه يكون عيباً في المسلمين. فالعبرة بالكفاءات والولاء للوطن.
من جهةٍ ثانية، أكد أبو الفتوح أنه لن يضيق على الدعوة ما لم تمارس العمل الحزبي، على اعتبار أن الدعوة لها حزب النور الذي يمثلها سياسياً، موافقاً في ذات الوقت على أن يكون للدعوة موقف من القضايا السياسية. وتساءل عن إمكانية أن يكون للدعوة عمل تنظيمي مرتبط بالخارج أو أن يكونوا تابعين لجهات خارجية، وهو ما رد عليه مشايخ الدعوة، وفقاً للمصدر، مشيرين إلى أنهم يعملون في الدبلوماسية لدول حوض النيل. وهو ما رحب به أبو الفتوح ما دام هذا في مصلحة مصر ولا يؤدي إلى تبعيتها أو جعل الدعوة جزءاً من نظام خارجي.
وفي موضوع تطبيق الشريعة، أشار أبو الفتوح إلى أن الشريعة تحتاج إلى تدرج طويل وأنه ابن المشروع الإسلامي ومحسوب عليه، رافضاً أن يعطي وعداً بتطبيق سريع للشريعة، مشيراً إلى أن المجتمع يجب أن يكون مهيأً لهذا الأمر وطالباً له عن اقتناع تام. وأضاف: «هذه التهيئة ليست مهمة الدولة بل مهمة الهيئات الإسلامية سواء الأزهر أو غيره».
وفي ما يتعلق بقواعد الدعوة ومخاطبتها لكسب تأييدها، أوضح المصدر أن أبو الفتوح قال إن خطابه للجميع، ولم يتخل عن فكرته الإسلامية، وأن إقناع القواعد بصدق حديثه هو مهمة المشايخ، مشدداً بشكل قاطع على عدم إعطاء أي طرف وعداً من قبيل المغازلة لا يستطيع الوفاء به.
وبناءً على ما ذكر، وصف المصدر اللقاء بأنه «إيجابي»، لافتاً إلى أنه «في نهاية الحديث سأل السلفيون أبو الفتوح: ماذا ستعطي لنا؟ فضحك أبو الفتوح قائلاً: سأدعو لكم بظهر الغيب»، مرجحاً أن يكون القرار النهائي لصالح أبو الفتوح، ولا سيما أنه مدعوم داخل الدعوة من قبل الشيخ نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي، بشكل قوي.
مرسي
مرشح حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، محمد مرسي، كان ثاني من جلس معه مشايخ الدعوة السلفية أول من أمس. وأكد مصدر وثيق المعرفة بلقاءات الدعوة السلفية بمرشحي الرئاسة، أن شخصية مرسي ومقارنتها بالشاطر هي أحد العوامل الهامة في عدم تفضيل قيادات من الدعوة دعمه.
 إذ يرون أنه «تابع ومتأثر بالجماعة بصورة كبيرة بعكس الشاطر الذي يرونه مُؤثراً في الجماعة وأقرب إليهم في الفكر والرؤية من مرسي»، فضلاً عن أنه بالمقارنة بين مرسي والشاطر، يظهر الأخير «كرجل دولة قوي بينما إمكانات مرسي ضعيفة».
ووفقاً للمصدر، فإن فرص مرسي ضعيفة، لأن قيادات من الدعوة ترى أن دعم مرسي «خطر على البلاد في الوقت الراهن»، ولأن «قواعد الدعوة ترفض أن نكون تابعين للإخوان»، فضلاً عن أن موقف الإخوان من حزب النور في انتخابات مجلس الشعب في دائرة طارق طلعت مصطفى، لم يكن مشجعاً.
 ووجهت جماعة الإخوان في حينه اتهاماً صريحاً بالكذب للمتحدث الرسمي لحزب النور في الإسكندرية، يسري حماد، الأمر الذي أدى إلى وجود «حساسيات بين الطرفين».
من جهته، قال مصدر إخواني حضر اللقاء الذي جمع مرسي مع مشايخ السلفية بحضور أعضاء مكتب الإرشاد خيرت الشاطر وعبد الرحمن البر وعصام الحداد، أن الدعوة السلفية أبدت تخوفات على مستقبلها في ظل وجود جماعة الإخوان المسلمين في سدة الحكم. وكشف المصدر عن أن الدعوة السلفية تراهن على منح المرشح الذي ستمنحه صوتها نائباً للرئيس في مؤسسة الرئاسة.
ووفقاً للمصدر، رفض مرسي منح وعود للدعوة السلفية مبدياً تطمينات لمشايخ الدعوة بعدم التضييق عليهم في مساجدهم أو دعوتهم حتى لو كانوا مختلفين في الفكر لأن الإخوان، والكلام لمرسي نقلاً عن المصدر، «أكثر من تعرضوا للاضطهاد والتضييق ونعلم سيئاته وعواقبه».
إلا أن هذا الحديث، لم يمنع مسؤول المكتب الإداري لإخوان الإسكندرية، مدحت الحداد، من أن يؤكد لـ«لأخبار» أن الجماعة «تتوقع أن يقوم أبناء الدعوة السلفية وقادتها بالتصويت الجماعي لصالح مرسي، وذلك نظراً لتقارب الفكر والرؤية والأهداف المستقبلية، فضلاً عن الأداء المتميز والمتناسق بين النواب السلفيين والإخوان في مجلس الشعب والشورى».
سليم العوا
أما العوا، فكان آخر من جلس مع الدعوة السلفية أمس. وأوضح مصدر وثيق الصلة بمجلس إدارة الدعوة السلفية أنه رغم ترحيب بعض الكوادر بالعوا بعد مراجعته في مسألة الشيعة والتثبت أنها اتجاه فكري سياسي وليس عقائدياً، فإن جلسة العوا جاءت لاستكمال بقية الجلسات فقط مع المرشحين الإسلاميين.
وعلى الرغم من أن العوا قد يمثل للدعوة خروجاً من مأزق إما دعم أبو الفتوح أو مرسي، إلا أنّ تضاؤل فرصه تماماً في الفوز تجعل من الصعب دعمه، فضلاً عن أن العوا برأي كثير من مشايخ الدعوة «صعب الحوار ولا يغير رأيه بسهولة ويصر عليه». كذلك إن تضاؤل فرصه تجعل وجود أيادٍ بيضاء للدعوة على الرئيس القادم شبه منعدمة.

 

ليست هناك تعليقات: